يدفع الخطاب المرتقب للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في الجمعية العامة للأمم المتحدة منتصف الشهر الحالي، إلى زيادة الضغوط على السلطة الشرعية اليمنية بعد الانقلاب الذي شهدته العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات المحيطة بها، خصوصاً بعد التناقضات الكبيرة التي شهدها حوار جدة في السعودية. ففي الوقت الذي تؤكد فيه الشرعية أن لا حوار إلا مع الإمارات وليس أتباعها، تتحدث التسريبات السعودية الإماراتية عن لقاءات بين الحكومة اليمنية و"المجلس الجنوبي الانتقالي"، مع أن اللقاءات هي فقط بين الإمارات والسعودية، ما يثير الغموض حول الهدف من ذلك. كما شكّلت بيانات أبوظبي والرياض، بما فيها البيان المشترك الأخير، ضربة كبيرة للعلاقة بين الشرعية من جهة، والسعودية والإمارات من جهة أخرى. ومع تمسك الشرعية برفض الحوار مع وكلاء أبوظبي، تزداد الضغوط السعودية والإماراتية عليها، للهروب من متغيرات سياسية إقليمية ودولية.
وكشف مسؤولون ومصادر سياسية في الشرعية، ولمّح مصدر سياسي في "المجلس الانتقالي"، لـ"العربي الجديد"، أن السعودية والإمارات تمارسان ضغوطاً كبيرة على قيادة الشرعية، لإجبارها على الجلوس مع أتباع أبوظبي في "المجلس الانتقالي"، بأي شكل من الأشكال، في محاولة لكسر موقف الشرعية المتشدد تجاه الإمارات، والذي زاد في الأيام الأخيرة، وهذه الضغوط تزداد خصوصاً على هادي.
وفي السياق نفسه، تحدث رئيس منظمة سام للحقوق والحريات، توفيق الحميدي، المقيم في النمسا، عبر صفحته على "تويتر"، عن أن هناك أنباء عن ضغوط تُمارس على هادي للقبول بحل مع "الانتقالي" أو الجلوس معه قبل 16 سبتمبر/أيلول الحالي، مضيفاً "هناك خشية من ذهاب الرئيس إلى الجمعية العامة، ومهاجمته الإمارات من على منبر الأمم المتحدة، وهو ما يُعتبر موت التحالف، وفي حالة فشل الحل، قد يُمنع الرئيس من الذهاب إلى نيويورك، ويتم تكليف رئيس الوزراء معين عبدالملك".
وما عقّد تفاهمات جدة ودفع الحكومة اليمنية للتشدد، هو البيان السعودي الذي برأ الإمارات من استهداف الجيش اليمني والانقلاب في عدن، ثم تلا ذلك بيان سعودي إماراتي مشترك، ثبّت سيطرة أبوظبي ووكلائها على عدن، ما جعل الشرعية ترفض حتى الآن إصدار بيان ترحيب بالبيان المشترك الأخير، إذ تعتبر أن البيانات السعودية والإماراتية باتت فخاً لها لاستهداف قواتها. وما زاد من تعقيد المسألة، التمردات التي تجري داخل صفوف الشرعية، على خلفية الموقف السعودي المنحاز للإمارات.
وفي ظل هذا الوقع، يتخوّف مسؤولو الحكومة اليمنية من أن الرضوخ للضغوط السعودية الإماراتية هذه المرة، سيكون بمثابة نهاية للشرعية، ونهاية حلم اليمنيين في استعادة الدولة والحفاظ على وحدة اليمن وثرواته وسيادته، وذلك في ظل الدعم الشعبي الكبير المقدّم للشرعية راهناً، والذي وصل إلى المغتربين، وبدء مغتربين ومواطنين يمنيين في بلدان عدة تقديم ملفات لمحاكمة الإمارات على ما يقولون إنها جرائمها. كما أن الداخل اليمني وقف بشكل كبير مع الحكومة، فمحافظات المهرة وشبوة وأبين وقفت في صف الحكومة وأوقفت تمدد أبوظبي وسيطرتها على الثروات وحصرته حتى اللحظة في عدن.
وفي مؤشر جديد على نيّة الحكومة مواصلة تحدي أبوظبي، اتهم وزير النقل اليمني، صالح الجبواني، أمس الثلاثاء، الإمارات "باستخدام موانئ البلاد لجلب الأسلحة للمتمردين في عدن"، كاشفاً عن شروع أبوظبي بتسيير رحلات إلى مطار الريان في مدينة المكلا بمحافظة حضرموت، من دون التنسيق مع وزارته. وقال الجبواني في تغريدة على "تويتر" إن الإمارات بدأت "خلال الأيام الماضية بتسيير رحلات من وإلى مطار الريان من دون أي تنسيق مع وزارة النقل (اليمنية)"، معلناً عزم بلاده التحرك في الهيئات الدولية ذات الصلة، وقال "قريباً سنضع هذه التجاوزات على سيادة الدولة على طاولة الإيكاو (المنظمة الدولية للطيران المدني) والمنظمة البحرية الدولية والهيئات الدولية ذات العلاقة".