انتخابات برلمانية إقليمية بألمانيا: سكسونيا وبراندنبورغ تنذران بتبدل ميزان القوى السياسية
وتأتي هذه الانتخابات وسط تقدم الحزب اليميني الشعبوي "البديل من أجل ألمانيا"، وتراجع حضور الحزبين الحاكمين "المسيحي الديمقراطي" و"الاشتراكي الديمقراطي"، إذ من المتوقع أن تُحبس الأنفاس حتى إعلان النتائج عند المساء، نظرا لما سيكون لها من تأثير مباشر على واقع ميزان القوى الموجود، بفعل التأييد الملحوظ لحزبي "البديل" و"الخضر"، وترجيح مشاركة الأخير في حكومتي ما بعد الانتخابات في كلا الولايتين، إلى التوقعات بأن تنسحب خسارة "الاشتراكي" على صعوبة الاستمرار في الائتلاف الحاكم في برلين.
وتظهر استطلاعات الرأي أن الاشتراكي الديمقراطي في براندنبورغ يعاني من تراجع كبير، بعدما كان حصد حوالي 40% من أصوات الناخبين في انتخابات العام 2014، فلم يتبق له الآن سوى نصف الأصوات، أما في سكسونيا فالوضع أكثر صعوبة، إذ يحل الحزب العريق في المرتبة الخامسة.
في المقابل، فإن الحزب "المسيحي الديمقراطي"، ورغم تحسن الأداء في الأيام الأخيرة في سكسونيا، ومراكمته لعدد من النقاط سمحت له بالتقدم على "البديل" بما نسبته 32%، ليحل في صدارة الترتيب، يليه "البديل" بنسبة 25% من الأصوات، بحسب ما بينت صحيفة "بيلد"، إلا أنه ورغم ذلك فإن حزب المستشارة أنجيلا ميركل يعاني من تراجع بحوالي 9 نقاط مقارنة بالانتخابات الماضية.
أما في براندنبورغ، فيحل "حزب ميركل" ثالثا بنسبة 16% خلف "البديل" و"الاشتراكي"، حيث تمنح الاستطلاعات الأخير النسبة العليا، أي 22% من الأصوات، لكن تشكيل ائتلاف حكومي جديد برئاسته سيكون بالغ الصعوبة، وسيتحكم حزبا "الخضر" و"اليسار" في مفاوضات التأليف.
وبات في حكم المؤكد أن موازين القوى السياسية ستتبدل بشكل جذري، بعد أن كانت الأحزاب التقليدية قادرة على معرفة شريكها في الحكم، حتى أن منها من حكم خلال فترة معينة بأغلبية مطلقة، فيما لم يعد حاليا تحالف "الاشتراكي" و"المسيحي الديمقراطي" كافيا لتشكيل ائتلاف حكومي من دون "الخضر" أو "اليسار" أو الاثنين معا في ولايتين يسود فيهما اختلاف بعيد المدى من حيث القوة الاقتصادية ومعاشات التقاعد والإيرادات الضريبية عن الولايات الغربية.
إلى ذلك، فإن أزمة اللاجئين مازال لها تأثيرها الحاسم في الانتخابات إلى جانب ملفات البيئة ومعاشات التقاعد والرعاية، فالعديد من المواطنين باتوا ينتخبون "البديل" اليميني الشعبوي عن قناعة، ويجاهرون بتأييد طروحاته، بينها إغلاق الحدود، أو على الأقل أن تخضع لرقابة صارمة لمنع تدفق المهاجرين، رغم تراجع الأرقام بالمقارنة مع السنوات الأربع الماضية، فعلى سبيل المثال بينت صحيفة "تاغس شبيغل" أنه في سكسونيا يوجد حالياً 7 آلاف طلب لجوء بدلاً من 70 ألفاً عام 2015.
ويعتبر معدل الأجانب في الولايات الشرقية أقل بنسبة 5% مقارنة بالغرب، بالرغم من تضاعف الأعداد منذ إعادة الوحدة الألمانية بنسبة 300% في سكسونيا، و700% في تورينغن، و500% في براندنبورغ.
كذلك، فإن هناك عوامل أخرى أثرت في توجهات الناخبين، بينها التبدل الديموغرافي والشعور بعدم الاعتراف بهم، وغياب من يمثلهم، إلى تزايد الانقسام بين المناطق الحضرية والريفية، مع ما شهدته الولايات الشرقية من موجات نزوح إلى غرب البلاد.
وفي السياق، ذكرت "تاغس شبيغل" أخيرا أن العدد بلغ، منذ سقوط جدار برلين، 4 ملايين شخص، ما أنتج معدلا وسطيا مرتفعا لأعمار المقيمين (يقارب سن 50 عاما)، بعد أن غادر حوالي نصف السكان، وغالبيتهم من الشباب، وحيث بقي البعض منهم على تواصل مع محيطهم في المدن الكبرى، مثل لايبزيغ وبوتسدام ودريسدن.
يشار إلى أن عدد سكان سكسونيا يبلغ 4 ملايين نسمة، منهم 3.3 ملايين يحق لهم انتخاب 110 نواب من بين 446 مرشحا، أما ولاية براندنبورغ، والتي يبلغ عدد سكانها 2.5 مليون نسمة، يحق لحوالي 2.1 مليون الاقتراع، وحيث يتنافس 11 حزبا بلوائح تضم 416 مرشحا، بينهم 137 امرأة.