رئيس أركان الاحتلال الإسرائيلي: التصعيد يهدف لتغيير قواعد الاشتباك مع "حزب الله"

31 اغسطس 2019
التحوّل الذي طرأ قد يفضي لتصعيد خطير(مناحيم كهانا/فرانس برس)
+ الخط -
في الوقت الذي حذرت فيه العديد من أوساط التقدير الاستراتيجي وكبار المعلّقين في تل أبيب من مخاطر تحوّل التصعيد الحالي مع "حزب الله" إلى مواجهة شاملة، أعلن رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيف كوخافي أن الجهد الحربي الذي نفذته إسرائيل أخيراً، يهدف إلى تغيير قواعد الاشتباك مع "حزب الله" في لبنان.

ونقلت قناة التلفزة الإسرائيلية الرسمية "كان"، ليل الجمعة، عن كوخافي قوله في اجتماع عقده مع رؤساء المجالس الاستيطانية في الشمال: "نحن عازمون على منع "حزب الله" من امتلاك الصواريخ ذات دقة الإصابة العالية، كما أننا سنواصل عملياتنا الهادفة إلى منع إيران من التمركز عسكرياً في سورية، وجميع العمليات التي ننفذها تهدف إلى تغيير قواعد الاشتباك والمعادلة في الشمال". ولفتت القناة إلى أن الرقابة العسكرية حظرت نشر بعض أقوال كوخافي المتعلقة بمستقبل المواجهة مع "حزب الله" وإيران. 


من جهته، حذر ألون بن دافيد، المعلق العسكري لقناة التلفزة "13"، من أن العمليات التي قامت بها إسرائيل في الضاحية الجنوبية لبيروت يمكن أن تضع حداً لثلاثة عشر عاماً من الهدوء على طول الحدود الشمالية. وفي تحليل نشره موقع صحيفة "معاريف" اليوم السبت، أشار بن دافيد إلى أن التقدير السائد في تل أبيب أن الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله سيأمر بتنفيذ هجوم "مؤلم" رداً على الهجوم الإسرائيلي في الضاحية، وفي نفس الوقت لا يسهم في اندلاع مواجهة شاملة.

ورأى بن دافيد أن الهجوم في قلب الضاحية الجنوبية مثّل تحولاً كبيراً على قواعد الاشتباك التي أرسيت بين إسرائيل و"حزب الله" منذ حرب 2006، مشيراً إلى أن الهجوم دلّ على أن "فترة الحصانة" التي كان يتمتع بها الحزب داخل لبنان قد انتهت، وأن إسرائيل لن تتردد في العمل ضد أهداف الحزب داخل الدولة اللبنانية. وأشار إلى أن "حزب الله" كان يعتقد أن "الحصانة" موجودة، ما جعله يضع "الخلاط"، الذي استهدفته الطائرتان المسيرتان الإسرائيليتان، في مخزن في قلب الضاحية الجنوبية من دون تأمين مناسب.

ورأى أن نصر الله جعل المهمة سهلة أمام قادة الجيش والاستخبارات في تل أبيب، عندما تعهد بأن رد الحزب على الهجوم سينطلق من لبنان وليس من سورية، منوهاً إلى أن إسرائيل ردت بعدد كبير من الرسائل الهادفة إلى ردعه عن تنفيذ تعهده.

وحسب بن دافيد، فقد وصل رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس هيئة الأركان أفيف كوخافي ورئيس "الموساد" يوسي كوهين، قبيل شن الهجوم بالطائرتين المسيرتين إلى مقر قيادة التحكم في وزارة الحرب في تل أبيب، مشيراً إلى أن نتنياهو لم يكن ليصدر 
الأوامر بتنفيذ الهجوم إلا بعد أن دلّ "الموساد" على قدر كبير من "الإبداع والجرأة" في تخطيط الهجوم والإعداد له، إلى جانب تحمس كوخافي للتصعيد بهدف تغيير قواعد الاشتباك القائمة مع "حزب الله".

على صعيد آخر، أشار بن دافيد إلى ما كشفته صحيفة "نيويورك تايمز" من أن الطائرات المسيرة التي تستخدمها إسرائيل في الهجمات داخل العراق تقلع من داخل العراق ذاته. ولفت إلى أن الولايات المتحدة غير مرتاحة من الهجمات التي تنفذها إسرائيل في قلب العراق، مشيراً إلى أن تأكيد البنتاغون حق الدولة العراقية في الدفاع عن نفسها في مواجهة هذه الهجمات، دلّ على أن واشنطن يمكن أن تضغط من أجل وقفها خشية تسببها في المس بالمصالح الأميركية هناك.
من ناحية ثانية، عدّت ورقة تقدير موقف صدرت أمس الجمعة، عن "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي، أن الهجمات التي تستهدف العراق وسورية ولبنان تأتي في إطار استراتيجية "المواجهة بين الحروب"، التي تعكف إسرائيل على تطبيقها في مواجهة إيران والجهات التابعة لها في المنطقة. ونوه التقدير الذي أعدّه كل من الجنرال عاموس يادلين، مدير المركز، والذي شغل في الماضي منصب رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، والجنرال أساف أوريون، الباحث الرئيس في المركز، والذي سبق أن شغل منصب قائد شعبة التخطيط الاستراتيجي في الجيش، إلى أن ثلاث سمات باتت تميز استراتيجية "المواجهة بين الحروب" في الآونة الأخيرة، وهي تعدد الساحات الجغرافية التي تستهدفها، كثافة العمليات العسكرية التي تنفذ في إطارها، والانتقال من الضبابية إلى الإعلان الرسمي عن الجهد الحربي الذي يتم في إطارها.

وحذر المركز من أن التحوّل الذي طرأ على أنماط تنفيذ "المواجهة بين الحروب" يمكن أن يفضي إلى تصعيد خطير مع "حزب الله" ولبنان، ويوتر العلاقة مع الولايات المتحدة، لا سيما بسبب إمكانية تضرر مصالح واشنطن في العراق، إلى جانب إمكانية أن يتقلص هامش المناورة أمام إسرائيل، بحيث لا يكون بوسعها تنفيذ هذه الاستراتيجية بحرية، كما كانت عليه الأمور حتى الآن.