تحطم طائرتي استطلاع إسرائيليتين بالضاحية الجنوبية لبيروت: تفاصيل وملاحظات

25 اغسطس 2019
الغموض لا يزال يلف تفاصيل الحادثة (أنور عمرو/فرانس برس)
+ الخط -
لا يزال الغموض يلف كامل تفاصيل تحطم طائرتي استطلاع إسرائيليتين في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله، اليوم الأحد، بانتظار ما إذا كانت كلمة الأمين العام للحزب حسن نصر الله عصر اليوم ستحمل مزيداً من المعلومات، فيما وصف كل من الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس مجلس الوزراء سعد الحريري ما جرى بأنه عدوان واعتداء مكشوفان على السيادة اللبنانية وخرق صريح للقرار 1701.

وتولى المسؤول الإعلامي في "حزب الله" محمد عفيف، في تصريحات لوكالات الأنباء العالمية و"الوكالة الوطنية للإعلام" اللبنانية، نفي أيّ دور لـ"حزب الله" في إسقاط الطائرتين. وقال لـ"الوكالة الوطنية" إن "الحزب لم يسقط أي طائرة"، واصفاً ما حصل بـ"الانفجار الحقيقي".


وأشار إلى أن الطائرة الأولى سقطت من دون أن تحدث أضراراً، في حين أن الطائرة الثانية كانت مفخخة وانفجرت وتسببت بأضرار جسيمة في مبنى المركز الإعلامي التابع للحزب، فيما أفادت الوكالة الوطنية للإعلام بإصابة 3 أشخاص بجروح طفيفة داخل المركز، بعد إصابتهم بشظايا من جراء انفجار الطائرة الإسرائيلية. موضحاً أن "طائرة الاستطلاع الأولى التي لم تنفجر هي الآن في عهدة الحزب الذي يعمل على تحليل خلفيات تسييرها والمهمات التي حاولت تنفيذها".

وكانت مصادر الحزب سربت صباحاً روايات متشابهة عن سقوط طائرتي استطلاع، لكنه لم ينسبها إلى إسرائيل، على الرغم من تأكيد عفيف أن الحزب سيرد بـ"شكل قاس" في كلمة نصر الله خلال مهرجان حزبي، مقرر سابقاً، في بلدة العين البقاعية (شرق لبنان).

من جهتها، نقلت "أسوشييتد برس" عن مراسليها، أن المبنى الذي وجد فيه المركز الإعلامي للحزب مكون من 11 طابقاً، وتعرض لأضرار طفيفة من جراء الحادث، بالإضافة لمبانٍ مجاورة. وفي الطابق الثاني حيث المكتب، تناثر زجاج محطم على الأرض وانقلبت بعض المكاتب.

الأضرار داخل المركز الإعلامي لـ"حزب الله" (أنور عمرو/فرانس برس)

وعقب الحادثة زار مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس مكان سقوط طائرتي الاستطلاع الإسرائيليتين، مشيراً إلى أن "العدو الإسرائيلي لم يتوقف عن خرق السيادة اللبنانية، والدولة ستكشف عن الطائرة الإسرائيلية الأولى التي سقطت في الضاحية 
الجنوبية".

كما أصدر الجيش اللبناني بياناً جاء فيه، أنه عند الثانية والنصف فجراً (23:00 توقيت غرينتش)، "وأثناء خرق طائرتي استطلاع تابعتين للعدو الإسرائيلي الأجواء اللبنانية... في الضاحية الجنوبية لبيروت، سقطت الأولى أرضاً وانفجرت الثانية في الأجواء متسببة بأضرار اقتصرت على الماديات". وقال الجيش إن وحداته "عملت على تطويق مكان سقوط الطائرتين واتخذت الإجراءات اللازمة، كما تولت الشرطة العسكرية التحقيق بالحادث بإشراف القضاء المختص".

ولفّ الغموض الحادثة نظراً أولاً إلى طبيعة العملية وأهدافها، وخصوصاً أن وكالة "سبوتنيك" الروسية نقلت عن مصدر، قوله إن "الطائرة المسيرة التي أسقطت في منطقة معوض في ضاحية بيروت الجنوبية، فجر اليوم الأحد، هي طائرة استطلاع إسرائيلية صغيرة، لديها مهمات عسكرية لزرع عبوات ناسفة، ومجهزة لتنفيذ عمليات اغتيال"، على الرغم من أن الصور التي نشرت للطائرة أظهرت طائرة استطلاع من دون أي قدرات حربية، كما بينت الصور.

ويُعدّ شارع معوض الذي سقطت فيه الطائرتان، شارعاً تجارياً رئيسياً في الضاحية الجنوبية لبيروت، كما تعرض خلال حرب تموز إلى قصف مركّز، بوصفه معقل الحزب السياسي.


وما ضاعف الغموض بشأن الحادثة، تأكيد "حزب الله" عدم مسؤوليته عن إسقاط أي من الطائرتين، فضلاً عن عدم تعليق إسرائيل، إضافة إلى ترابط التوقيت بين الحادثة، وبين قصف طائرات إسرائيلية لـ"قوة من فيلق القدس الإيراني ومليشيات شيعية كانت تخطط لشن هجمات تستهدف مواقع في إسرائيل انطلاقاً من داخل سورية"، وفق تصريحات الاحتلال الإسرائيلي.

وفي أول رد فعل رسمي لبناني، قال رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري إنه "سيبقى على تشاور مع رئيسي الجمهورية ومجلس النواب لتحديد الخطوات المقبلة، ولا سيما أن العدوان الجديد الذي ترافق مع تحليق كثيف لطيران العدو فوق بيروت والضواحي، يشكل تهديداً للاستقرار الإقليمي ومحاولة لدفع الأوضاع نحو مزيد من التوتر". وختم الحريري قائلاً: "إن المجتمع الدولي وأصدقاء لبنان في العالم أمام مسؤولية حماية القرار 1701 من مخاطر الخروقات الإسرائيلية وتداعياتها، والحكومة اللبنانية ستتحمل مسؤولياتها الكاملة في هذا الشأن، بما يضمن عدم الانجرار لأي مخططات معادية تهدد الأمن والاستقرار والسيادة الوطنية".

موقف الحريري تلاه موقف لرئيس الجمهورية ميشال عون، نشرته صفحة الرئاسة اللبنانية عبر "تويتر"، أدان فيه الاعتداء الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية، معتبراً أنه عدوان سافر على سيادة لبنان وسلامة أراضيه، وفصل من فصول الانتهاكات المستمرة لقرار مجلس الأمن 1701، ودليل إضافي على نوايا إسرائيل العدوانية واستهدافها للاستقرار والسلام في لبنان والمنطقة.

شكوى لبنانية لدى مجلس الأمن

إلى ذلك، يعتزم لبنان تقديم شكوى، لدى مجلس الأمن الدولي، ضد إسرائيل، إذ طلب وزير الخارجية اللبناني، جبران باسيل، من مندوبة بلاده لدى الأمم المتحدة، أمل مدللي، التقدم بشكوى فورية إلى مجلس الأمن الدولي، لـ"إدانة الخرق الاسرائيلي الخطير للسيادة اللبنانية"، بحسب بيان للخارجية.
وأكد باسيل في البيان الذي تلقت "الأناضول" نسخة منه، "حرص لبنان على الالتزام بقرارات الشرعية الدولية، وتمسكه بالاستقرار، والذي تقابله إسرائيل يومياً بخروقات متكررة تروع بها اللبنانيين وتهدد أمنهم"، لافتاً إلى أن ذلك "لا يسقط حق لبنان في الدفاع عن السيادة الوطنية والقيام بما يلزم لصونها".

وأشار بيان الخارجية أن "الخروقات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية، زادت وتيرتها في الفترة الأخيرة، حيث بلغت 481 خرقاً في شهرين". وقالت إن "الخرق الإسرائيلي الذي نفذته طائرتان من دون طيار مجهزتان بقوة نارية، واستهدف العاصمة بيروت اليوم على علو منخفض مريب (..) يشكل خرقاً جسيماً للسيادة الوطنية واعتداءً سافراً على لبنان وتهديداً جدياً للاستقرار في المنطقة".

واتخذ الصراع بين "حزب الله" وإسرائيل منعطفاً جديداً منذ اندلاع الحرب في سورية، وتدخل إيران والحزب فيها، حيث استهدفت مراراً إسرائيل مخازن أسلحة وقوافل، قالت إنها كانت تهرّب الأسلحة إلى لبنان.

كما أن "حزب الله" هدد إسرائيل مراراً بحرب مفتوحة وشاملة في المستقبل، وشهدت الجبهة اللبنانية مع إسرائيل والجبهة السورية تداخلاً واضحاً، إثر استهداف إسرائيل لقافلة ضمت قيادات من الحزب وجنرالاً في الحرس الثوري الإيراني يُدعى محمد علي الله دادي، عام 2015 بالقرب من هضبة الجولان المحتلة، فردّ الحزب لاحقاً في منطقة مزارع شبعا اللبنانية، التي لا تزال تحتلها إسرائيل، مستهدفاً رتلاً عسكرياً.

وانسحبت إسرائيل من جنوب لبنان عام 2000، وشنت عام 2006 عدواناً ضد لبنان، استهدفت فيه بنيته التحتية، ومعاقل الحزب في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية، وانتهى بقرار الأمم المتحدة رقم 1701، الذي يقول لبنان بأن إسرائيل تنتهكه بطلعاتها الجوية المتكررة فوق لبنان، فيما تدّعي إسرائيل أن "حزب الله" خرقه عبر تهريب الأسلحة، ومراكمة ترسانة صاروخية.