وأكّد مسؤول عراقي عسكري في مكتب رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، لـ"العربي الجديد"، أنّ حكومة بلاده "لا تستبعد هجمات جديدة تطاول معسكرات للحشد في الفترة المقبلة"، موضحاً أنّ "الاتصالات الحكومية بدأت منذ مساء الجمعة الماضي مع مسؤولين أميركيين وغربيين بهدف وقف أي أنشطة، سواء كانت أميركية أو (إسرائيلية)، ضدّ فصائل الحشد تحت ذريعة وقوفها مع طهران".
وكشف المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه، عن أنّ تلك الاتصالات ولا سيما المتعلقة بالأميركيين "لم تسفر عن أي تطمينات أو تعهّد بوقف الهجمات على معسكرات الحشد الشعبي، والتي بات من المؤكد أنّ الكيان الصهيوني يقف خلفها". ووفقاً للمسؤول ذاته، فإنّ الانقسام الحالي في صفوف قيادات الحشد "أصبح يشمل قيادات البيت العربي الشيعي في بغداد والنجف. فهناك من يذهب إلى رفض دعوات الردّ والتصعيد العسكري واللجوء إلى مجلس الأمن الدولي، وتفعيل وساطات دول صديقة للعراق، فيما آخرون وهم المعسكر القريب من طهران والذي بات يدعمه غالبية قوى تحالف "البناء"، بزعامة هادي العامري ونوري المالكي، وأجنحة فصائل الحشد السياسية مثل كتل صادقون وبدر والفضيلة، يدعون إلى التحشيد والاستعداد العسكري والاستعانة بالدفاعات الجوية الإيرانية بشكل كامل، كون إيران هي الدولة الأقرب والأكثر تجاوباً مع العراق في هذا المجال، والأسرع في سدّ النقص العسكري له في مجال الدفاعات الجوية".
واعتبر المسؤول أنّ أي هجوم جديد يضع العراق أمام سيناريوهات عديدة، ليس من بينها "ابتلاع الاعتداء كما يحصل مع النظام في سورية"، مضيفاً أنّ "التيار المعارض للتهدئة والداعي إلى الردّ يتسع، وهو أكبر من قدرة الحكومة العراقية على إسكاته، وصار يشمل القوى العربية السنية أيضاً التي أيّدت قيادات فيها عدم السكوت والردّ". وأشار المسؤول إلى أنّ "الفصائل تغيّر مستودعاتها وتنقل ما لديها ضمن خطة واسعة بطلب من الحكومة، ومنذ أيام عدة". وحول الردّ الذي تدعو إليه الأطراف العراقية، أكّد أنّ "الحديث حالياً يجري عن استقدام منظومات دفاع جوي حديثة من إيران، بما فيها صواريخ سام الروسية المطورة، التي تمتلك إيران مخزوناً كبيراً منها، وكانت أعربت شفهياً في وقت سابق عن ترحيبها بمساعدة العراق عبرها".
وفي هذا الإطار، طالب النائب في البرلمان العراقي، حامد الموسوي، في بيان أمس الأحد، بـ"سرعة التزوّد بأحدث منظومات الدفاع الجوي والاستفادة من الدول الصديقة، خصوصاً التي عرضت مساعدتها وأبدت استعدادها للتعاون، كالجمهورية الإسلامية الإيرانية وروسيا، والتعاقد لشراء منظومات الدفاع الجوي الحديثة، والخروج من إطار الهيمنة الأميركية حتى نمتلك الأدوات التي تمكننا من الرد". وحذّر من أنّ "الاعتداءات ستتكرر وتطاول مقرات الجيش العراقي والمطارات العسكرية، بحجة تواجد سلاح إيراني أو خبراء إيرانيين"، واعتبر أنّ "الإسرائيليين بذلك يحاولون بعث رسالة بأنهم يصولون ويجولون ويضربون أي مكان يريدون"، مشدداً على أنه "لا يمكن أن نقبل أن نكون نحن القطب الأضعف في الصراع الإقليمي، كما لا نقبل أن نكون ساحة لتصفية الحسابات".
من جهته، أكّد السياسي العراقي المقرّب من الإدارة الأميركية، رئيس حزب "المستقبل العراقي"، انتفاض قنبر، لـ"العربي الجديد"، أنّ "قصف مقرات الحشد الشعبي في العراق، تم من خلال طائرات إسرائيلية، وبواسطة طائرات (أف 35) الأميركية المتطورة"، مضيفاً أنّ "هذا ما أكدته لنا شخصيات ومصادر موثقة من الإدارة الأميركية".
وأوضح قنبر أنّ "هناك تحذيرات أميركية وصلت للحكومة العراقية منذ العام الماضي، من تكديس العراق بالسلاح الإيراني، وتحويله إلى منطقة حرب. وتمّ التنبيه بشأن وجود عدد كبير من الصواريخ طويلة ومتوسطة المدى، في ناحية جرف الصخر" (60 كيلومتراً جنوب غرب بغداد). وتابع أنّ "هناك مشتركا واحدا في ضرب مقرات الحشد في أماكن مختلفة من العراق، وهو أنّ هذه الأهداف تقع على مدخل الجسر البري الذي يمتدّ من الحدود الإيرانية إلى سورية ولبنان"، موضحاً أنّ "الولايات المتحدة لن تقوم بأي عمل عسكري في العراق ضدّ أهداف إيران، وهذا الأمر أوكل إلى إسرائيل، بسبب الانتخابات الأميركية. فأي عمل عسكري أميركي قد يعرّض الحملة الانتخابية للرئيس دونالد ترامب إلى الخطر".
من جانب آخر، كشفت لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي سبب عدم اعتراف الحكومة العراقية بوقوف إسرائيل خلف قصف مقرات "الحشد الشعبي"، على الرغم من امتلاكها الأدلة حول ذلك. وقال عضو اللجنة عباس صروط، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ سبب ذلك يعود إلى أنّ "الوضع في العراق، ليس بذلك المستوى القوي من السيطرة والأمان، خصوصاً مع وجود خلايا تنظيم داعش"، مضيفاً أنه "كذلك الوضع السياسي غير مستقر بالصورة الصحيحة، فضلاً عن الخلافات السياسية. ولهذا الحكومة العراقية تتخذ موقف التريّث والتهدئة في أغلب القضايا، خصوصاً أنّ أي تصعيد دولي ليس من مصلحة العراق والعراقيين، مع الالتهاب الحاصل في المنطقة".