الانتخابات البرلمانية شرق ألمانيا: اليمين الشعبوي يتطلع لإقصاء الأحزاب التقليدية

20 اغسطس 2019
ألمانيا منقسمة بين شرق وغرب أكثر من أي وقت(Getty)
+ الخط -

بعد قرابة 30 عاماً على الوحدة الألمانية، وربما أكثر من أي وقت مضى، يبدو المشهد السياسي منقسماً بين "شرق" و"غرب". الانتخابات البرلمانية التي ستجرى في ثلاث ولايات بين شهري سبتمبر/ أيلول وأكتوبر/ تشرين الأول المقبلين (الأول من سبتمبر في سكسونيا وبراندنبورغ، و27 أكتوبر في تورينغن)، يمكن أن يكون صدى تأثيرها مزعجاً في برلين، والسبب يعود للأرقام التي يحققها الحزب اليميني الشعبوي "البديل من أجل ألمانيا" في استطلاعات الرأي بعدما دخلت المعركة الانتخابية مرحلة حاسمة.

الحملات الانتخابية تؤشر إلى معركة غير معروفة النتائج بفعل العناوين العريضة التي تخوض الأحزاب على أساسها الانتخابات، بنيّة التغلب على منافسيها، بينها التعليم والصحة والسكن والأمن وترحيل اللاجئين، فيما تحاول الأحزاب الرئيسية، بينها المسيحي الديمقراطي والاشتراكي الديمقراطي، البحث عن استقرار سياسي من خلال تحقيق أرقام جيدة في صناديق الاقتراع تمنحها الحق في العودة إلى التفاوض على تشكيل ائتلاف حكومي منتج، بمعزل عن الحضور الذي يسعى إليه "البديل" لكسر الأعراف وإقصاء قوى المعسكرات السياسية، علماً أن الأخير يقدم إجابات سطحية على أسئلة وطروحات معقدة.

وتشير الاستطلاعات إلى وجود سباق محموم بين المسيحي الديمقراطي والبديل في سكسونيا، وفي أحدث استطلاع نشره موقع "دير شبيغل"، اليوم الثلاثاء، يظهر أن حزب المستشارة الألمانية يتقدم بنسبة 28% من الأصوات، مقابل 25.2% لليميني الشعبوي، فيما أشارت "جنرال إنتسايغه" إلى أن اليسار يستحوذ على 15% من الأصوات، والخضر 12%، و8% للاشتراكي، و5% لليبرالي الحر. وعليه يبدو أن تشكيل حكومة ما بعد الانتخابات سيكون معقداً للغاية، مع استبعاد قيام تحالف حزب أنغيلا ميركل مع الشعبويين، وهو يريد أغلبية في الحكومة المقبلة، ويسعى إلى حملة استنهاض للناخبين من أجل ترجمة خططه وقطع الطريق على "البديل" ليفرض نفسه كقوة بارزة في وجه طروحاته للنهوض والتطوير المعول عليه في شرق البلاد.

كذلك، حذّر رئيس وزراء براندنبورغ المنتمي إلى الاشتراكي من أن فوز "البديل" سيكون "حقيقة مريرة"، بحسب "تاغس شبيغل"، وذلك بعدما بيّن استطلاع لمجلة "فورسا" أخيراً بأن البديل يتقدم 21% أمام المسيحي الديمقراطي 18%. أما الاشتراكي الذي يحكم الولاية منذ عام 1990، فيحل ثالثاً بنسبة 17% والخضر رابعاً 16% واليسار 14%. كل ذلك وسط تأكيد الأحزاب العريقة عدم نيتها التحالف مع "البديل" اليميني الشعبوي عند تشكيل الائتلاف حكومي بعد الانتخابات، إذ من المرجح أن يتكون من المسيحي الديمقراطي والاشتراكي والخضر، أو الاشتراكي واليسار والخضر.

وعن القلق المتزايد بشأن نتيجة الانتخابات، تطرح تساؤلات في السياسة والإعلام عن الحالة المزاجية السيئة لدى الناخب في شرق البلاد، ليستنتج بأن الكثير من المواطنين تنتابهم نقمة كبيرة على الأحزاب الحاكمة، بعدما فقدوا وظائفهم واضطروا لممارسة مهن بديلة، في وقت سرحت العديد من الشركات الموظفين وهجرت إلى غرب البلاد حيث يمكنها تحقيق المزيد من الإنتاجية والربح.

وتشير الأرقام إلى أن أجر العامل في الشرق يقدر بحوالي 80% من أجر مواطنه في غرب ألمانيا، كذلك بات من الصعب العثور على عمل مؤهل، إذ يتعيّن على الكثير منهم السفر لمسافات طويلة، والجميع يشكو من سياسات التقشف التي تتبعها حكومات الولايات التي يقودها "المسيحي الديمقراطي"، هذا إلى جانب النقص في المدارس وشبكة النقل الضعيفة، علماً أن رئيس وزراء ولاية سكسونيا المنتمي لحزب ميركل عمل مع حكومته على توظيف ألف شرطي لتحسين الشعور بالأمن، وبخاصة في المناطق الحدودية، ويتم العمل على تقديم حوافز للمعلمين للذهاب إلى الأرياف. كذلك، فإن ما زاد من العتب والنقمة على الأحزاب التقليدية، الاستقبال والترحيب لموجات اللاجئين الذين وصلوا البلاد منذ عام 2015.

في المقابل، حذّرت اتحادات الصناعات الألمانية من الآثار السلبية على الاقتصاد في حال نجاح "البديل". واعتبر ديتر كيمبف، رئيس الاتحاد، في حديثه مع مجموعة "فونكه" الإعلامية أخيراً، أن "نجاحات البديل تضر بصورة بلدنا، هناك خطر الانكماش والضعف الهيكلي"، وإذ شدد على "أهمية الكفاح من أجل استقدام العمالة المتخصصة"، حذر من أن رهاب الأجانب والنزعة القومية لا يتناسبان مع الاقتصاد الألماني الناجح.

دلالات