استمرار التصعيد في إدلب يعمّق مأساة 4 ملايين مدني

07 يوليو 2019
ارتفع عدد القتلى ببلدة محمبل إلى 14(عامر الحموي/فرانس برس)
+ الخط -
لا يزال التصعيد العسكري من قبل النظام السوري والجانب الروسي، سيّد الموقف في شمال غربي سورية، حيث يتوالى سقوط مدنيين جلّهم من الأطفال والنساء، قتلى ومصابين في مدن وبلدات محافظة إدلب، في وقت دعا فيه "الائتلاف الوطني السوري" إلى إيقاف "القصف الوحشي"، بينما تؤكّد تقارير وإحصائيات أنّ المأساة الإنسانية في المنطقة التي تضمّ نحو أربعة ملايين مدني، تكاد تصل إلى حدود الكارثة.

ويتواصل القصف الجوي والمدفعي من قبل قوات النظام على مدن وبلدات في محافظة إدلب ومحيطها، حيث ذكرت مصادر من الدفاع المدني السوري أمس السبت، أنّ قوات الأسد جدّدت قصفها الجوي والمدفعي على مدينة خان شيخون في ريف إدلب الجنوبي، والمزارع المحيطة بها، ما أدى إلى مقتل امرأة ورجل، وإصابة شابين بجروح.

وتزامن ذلك مع قصف جوي على منطقة جبل الأربعين بالقرب من مدينة أريحا، ما أسفر عن جرح امرأة، وأضرار في الممتلكات. كما أصيب خمسة مدنيين بجروح جراء قصف جوي على مدينة معرة النعمان ومحيطها.

كذلك، طاول القصف الجوي من قبل قوات النظام منازل وممتلكات المدنيين في بلدات حيش ومعرتماتر والشيخ مصطفى بريف إدلب الجنوبي، ما أسفر عن وقوع أضرار مادية. وأكد "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، أمس، أنّ طائرات النظام الحربية نفّذت أكثر من 31 غارة جوية استهدفت خلالها مدينة خان شيخون ومحيطها، وكفرسجنة وأطراف جبالا وحيش والنقير ومعرزيتا ومعرماتر والشيخ مصطفى بريف إدلب الجنوبي، وكفرزيتا بريف حماة الشمالي.

في غضون ذلك، ارتفع عدد القتلى في المجزرة التي ارتكبها طيران النظام مساء أوّل من أمس الجمعة في بلدة محمبل في ريف إدلب الجنوبي إلى 14، جلهم من الأطفال والنساء، وفق مصادر محلية، أشارت إلى أن الطائرات المروحية التابعة للنظام ألقت براميل متفجرة على الأحياء السكنية في البلدة.

وذكر مصدر من الدفاع المدني السوري، أنّ من بين الضحايا ثلاثة أطفال وأحد عشر مصاباً كانوا قد نزحوا إلى محمبل هرباً من قصف النظام على مناطق متفرقة في ريف إدلب الجنوبي.

على وقع ذلك، دعا "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" إلى وقف القصف "الوحشي" من النظام على المناطق المدنية. وقال في بيان أمس إنّ: "الانتظار الدولي لن يساهم إلا في تعقيد الأوضاع، وسيأخذ الأمور نحو الدمار وخسارة المزيد من دماء الأبرياء، ما يعني أنّ على الأطراف الفاعلة أن تتحمّل مسؤولياتها، وأن تعمل بشكل جماعي من أجل تفعيل آلية دولية قادرة على وقف القتل والإجرام بحق السوريين، وفرض الظروف المناسبة لإنجاح حلّ سياسي مستند إلى القرار 2254، ويضمن استعادة حقوق الشعب السوري الكاملة في الحرية والعدالة والمواطنة المتساوية والديمقراطية".

وأضاف الائتلاف أنّ "القصف الوحشي للمناطق المدنية، واستخدام البراميل المتفجرة والقنابل العنقودية والفراغية، بات حالة مستمرّة، في ظلّ فشل يتكبّده النظام على الأرض". وذكر أنّ "الهجمات البرية التي يعمد النظام وحلفاؤه إلى تنفيذها ضدّ إدلب وريف حماة في محاولة لفتح ثغرة في مكان ما؛ تستمر في الفشل، وتؤكّد مجدداً أن تكرار ما جرى في مناطق أخرى على هذه المنطقة أمر غير ممكن"، وفق البيان.

في موازاة ذلك، تتعمّق مأساة نحو 4 ملايين مدني في شمال غربي سورية، جراء التصعيد من قبل قوات النظام والطيران الروسي الذي يحصد يومياً أرواح مدنيين ويدمّر ما بقي من مراكز حيوية، وفي مقدمتها المراكز الصحية.

وفي هذا السياق، أكّد بيان صادر عن منظمة الأمم المتحدة، أنّ "النظام يتعمّد استهداف المستشفيات في محافظة إدلب، على الرغم من مشاركة إحداثياتها مع أطراف الصراع لحمايتها من الهجمات"، وذلك بعد يوم من تكرار استهداف النظام لمستشفى كفرنبل الجراحي.

وقال مارك كوتس، نائب المنسّق الأممي الإقليمي للأزمة السورية، في بيان صادر عن مكتب الأمين العام للمنظمة، الجمعة، إنّه "شعر بالرعب" من الهجمات المستمرة على المناطق السكنية والبنية التحتية المدنية، مع استمرار الصراع شمال غربي سورية. وأشار إلى أنّ هجوماً جديداً استهدف مستشفى في منطقة كفرنبل في إدلب، الخميس، لافتاً إلى أنّ هذه هي المرة الثانية خلال شهرين التي تتعرّض فيها هذه المستشفى للغارات الجوية "بشكل مثير للصدمة". وأوضح كوتس أن "الهجوم السابق حديث في 5 مايو/أيار الماضي، وفي الهجومين تعرّضت أجزاء من البنية التحتية للمستشفى لأضرار".

وفي السياق ذاته، وثّق "المركز الإعلامي العام" في مدينة معرة النعمان، مقتل 221 مدنياً في محافظة إدلب ومحيطها، خلال شهر يونيو الماضي، نتيجة القصف الجوي والمدفعي من قبل قوات النظام والطيران الروسي، بينهم 64 طفلاً و36 امرأة. وأوضح المركز أنّ الطيران التابع للنظام شنّ خلال الشهر الماضي 2398 غارة على شمال غربي سورية، فيما شنّ الطيران الروسي أكثر من 700 غارة. وأشار إلى أنه ألقيت على مدن وبلدات إدلب ومحيطها نحو 702 برميل متفجر، و800 قنبلة فوسفورية ونحو 20 ألف قذيفة وصاروخ، ما تسبّب بتدمير مرافق حيوية منها 25 مسجداً و3 مستشفيات و14 مدرسة.

من جهته، وثّق "المرصد السوري لحقوق الإنسان" مقتل 565 مدنياً بينهم 145 طفلاً و110 نساء في شمال غربي سورية، نتيجة القصف الجوي والمدفعي من قبل قوات النظام والجانب الروسي منذ الثلاثين من شهر إبريل/نيسان الفائت، وحتى يوم أمس السبت في السادس من شهر يوليو/تموز الحالي.

كما أصدر "مكتب حماة الإعلامي"، أمس، إحصائية بالغارات الجوية التي شنتها طائرات النظام وروسيا ونتائجها في محافظة حماة خلال شهر يونيو الماضي. ووثّق المكتب مقتل 50 من أبناء المحافظة بين مدنيين وعسكريين، وإصابة 62 آخرين، مشيراً إلى أنه أحصى 1989 غارة حربية ومروحية توزّعت على 411 غارة من الطائرات الحربية الروسية، و1214 غارة لطائرات النظام الحربية، و364 غارة من الطائرات المروحية. ووفق المكتب، شهدت مناطق ريف حماة 1460 حالة قصف صاروخي ومدفعي وصواريخ عنقودية وموجهة وقذائف هاون، فضلاً عن قصف بالدبابات والرشاشات.

ومنذ بدء التصعيد على شمال غربي سورية، دمر طيران النظام والمقاتلات الحربية الروسية أغلب المراكز الحيوية، حيث خرج عدد كبير من المستشفيات والمراكز الصحية عن الخدمة، جراء القصف الذي لا يستثني شيئاً في محافظة إدلب ومحيطها، ما أدى إلى تشريد عشرات آلاف المدنيين الذين يعيشون في ظروف إنسانية تكاد تصل إلى حدود الكارثة.

المساهمون