وقالت دي مونشالان إن "ما لا يزال يتعين التفاوض عليه هو العلاقة المستقبلية... علينا خلق علاقة عمل وعدم الدخول في ألاعيب واستفزازات"، مضيفة: "نريد أن نعمل معه".
من جهته، دعا الرئيس الفرنسي رئيس الوزراء البريطاني الجديد لزيارة باريس، وذلك خلال اتصال هاتفي جرى بينهما، بحسب بيان للإليزيه صدر اليوم.
وقال البيان إن ماكرون أجرى، مساء أمس، اتصالاً هاتفياً بجونسون، ودعاه إلى زيارة فرنسا "خلال الأسابيع القليلة المقبلة".
ولفت البيان إلى أن ماكرون "هنأ جونسون على تعيينه"، خلال الاتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس الفرنسي من الجنوب حيث يمضي عطلة، و"عبّر عن ارتياحه لتعاونهما حول القضايا الثنائية الأوروبية والدولية".
وأوضح أن ماكرون وجونسون اتفقا على البحث في مسألة "بريكست"، في الأسابيع المقبلة، "في إطار احترام شروط الاتحاد الأوروبي".
ويفترض أن يزور رئيس الوزراء البريطاني الجديد فرنسا بعد شهر، للمشاركة في قمة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى التي ستعقد من 24 إلى 26 آب/أغسطس في بياريتز.
ولدى دخوله إلى مقر إقامته الرسمي في داوننغ ستريت، يوم الأربعاء الماضي، تعهد جونسون بالتفاوض على اتفاق جديد مع الاتحاد الأوروبي، مهدداً بأنه إذا رفض التكتل ذلك، فستخرج بريطانيا من الاتحاد في 31 أكتوبر/ تشرين الأول من دون اتفاق.
وفي وقت سابق، أمس الخميس، أكد رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر مجدداً لجونسون أن اتفاق الانفصال الذي تم التوصل إليه مع المملكة المتحدة، هو النص الوحيد الممكن للاتحاد الأوروبي، وإن اعتبره جونسون "غير مقبول".
وفي مكالمة هاتفية جرت بين الرجلين، ذكر يونكر جونسون بأن الدول الأوروبية مصممة على الالتزام بالاتفاق الحالي، والذي يشمل خطة المساندة.
وقال متحدث باسم بروكسل: "لقد أنصت الرئيس يونكر لما أراد رئيس الوزراء جونسون قوله، وأكد على الموقف الأوروبي بأن الاتفاق الحالي هو الاتفاق الأفضل والوحيد، بما يتوافق مع قواعد المجلس الأوروبي"، معرباً عن الاستعداد لتعديل الإعلان السياسي المرافق للاتفاق، وهو إعلان نوايا غير ملزم للمرحلة التالية بعد بريكست. إلا أن أي تعديل "يجب أن يكون متوافقاً مع اتفاق الانسحاب"، بحسب قوله.
وكانت الحكومة الأيرلندية قد عبرت عن قلقها من نظيرتها البريطانية الجديدة، حيث قال وزير الزراعة الأيرلندي مايكل كريد إن "تشكيل هذه الحكومة يعكس رؤية جونسون بشكل رئيسي، وبالطبع إن ذلك أمر يقلقنا".
وفي الوقت ذاته، حذر ميشيل بارنييه، كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي، من اللغة التصادمية التي تستخدمها الحكومة الجديدة والتي تستهدف وحدة الاتحاد الأوروبي. وقال بارنييه في مذكرة أرسلت لممثلي الدول الـ27، إن "رئيس الوزراء جونسون قال إن التوصل لاتفاق سيكون بالتخلص من خطة المساندة. هذا أمر غير مقبول البتة، وليس ضمن صلاحيات المجلس الأوروبي".
كما أشار بارنييه إلى اعتقاد واسع في بروكسل بأن بريطانيا تتجه نحو انتخابات عامة مبكرة، قائلاً: "أود أن أشير إلى معارضة شديدة لخطاب (جونسون) في مجلس العموم. في هذا السياق، يجب أن نتابع بحذر التطورات السياسية والاقتصادية في بريطانيا". وأضاف: "بأي حال ما يظل أساسياً هو أن نلتزم الهدوء من طرفنا، وأن نلتزم بقواعدنا ومبادئنا وأن نعكس التضامن ووحدة الدول السبع والعشرين".
برلين تحذر
من جهته، قال نائب ألماني وحليف للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، إن الاتحاد الأوروبي لن يخضع للتنمر ويفرط في مبادئه، في تحذير موجه إلى رئيس الوزراء البريطاني الجديد.
وفي تغريدة نشرها على "تويتر" في وقت متأخر أمس الخميس، قال نوربرت روتجن، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الألماني: "عزيزي بوريس جونسون، لن تفلح الخطب المتبجحة ولا التنمر في جعلنا نفرط في مبادئ الاتحاد الأوروبي ووحدته". وأضاف: "على العكس من ذلك، سنبقى هادئين"، معرباً عن أسفه لأن "جونسون بأقواله وأفعاله، وهو الذي قام بتعيين مجلس وزراء من المؤيدين لخروج بريطانيا من الاتحاد، يخفق في التواصل مع البلد والقارة".
Twitter Post
|
إلى ذلك، اتهم وزير الخارجية الأيرلندي سايمون كوفني رئيس الوزراء البريطاني الجديد بوضع بريطانيا بشكل "متعمد" على "مسار صدام" مع الاتحاد الأوروبي.
وقال كوفني: "يبدو أنه اتخذ قراراً متعمداً بوضع بريطانيا على مسار صدام مع الاتحاد الأوروبي، ومع أيرلندا، في ما يتعلق بمفاوضات بريكست".
جونسون.. مكبل؟
ويسود اعتقاد بأن جونسون على يقين بأن خطته لـ"بريكست" ستقود إلى صدام مع البرلمان البريطاني، وأن ما يجري حالياً، سواء من حيث تشكيلة الحكومة الحالية أو الخطاب ذي السقف المرتفع، ليس سوى تحضير منه للتوجه إلى انتخابات عامة.
وتمتلك الحكومة حالياً أغلبية ثلاثة أصوات فقط في البرلمان، وهي مرشحة أيضاً للتراجع في الأسابيع المقبلة، بوجود احتمال انشقاق عدد من نواب المحافظين لصالح الديمقراطيين الليبراليين. ويعني ذلك أنه مع عودة البرلمان من عطلته الصيفية في الأسبوع الأول من أيلول/ سبتمبر، قد لا تمتلك حكومة جونسون الأغلبية العددية المطلوبة لتمرير تشريعاتها.
ويعزز من هذا الاعتقاد إطلاق جونسون عدداً من الوعود الأخرى خلال اليومين الماضيين، مثل رفع أعداد الشرطة 20 ألفاً، وتحسين الخدمات في 20 مستشفى، ودعم نظام الرعاية الاجتماعية وتوسيع نطاق تغطية الإنترنت السريع. كما أن تعيين دومينيك كمنغز، مهندس حملة دعم بريكست في استفتاء 2016، مستشاراً لجونسون، إشارة أخرى إلى استعداد جونسون لحملة انتخابية جديدة.
وبالتأكيد، سينتظر حزب "العمال" حتى العودة من العطلة الصيفية لطرح التصويت بسحب الثقة من حكومة جونسون، والذي يمتلك فرصة حقيقية للنجاح. ولكن تحديد موعد الانتخابات العامة سيكون بيد رئيس الوزراء، ويستطيع ببساطة اختياره في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني، وذلك بعد أن تخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق.
ووفقاً لقانون الانتخابات البريطاني، في حال سحب الثقة من الحكومة، فأمام رئيس الوزراء أسبوعان لتشكيل حكومة جديدة تنال ثقة البرلمان وإلا فحل البرلمان والدعوة لانتخابات عامة.
ولكن البرلمان يمتلك ورقة أخرى في وجه جونسون، حيث يستطيع خلال هذين الأسبوعين التصويت على قانون يلزم رئيس الوزراء بتأجيل موعد "بريكست" حتى ما بعد الانتخابات أو ربما الاستفتاء الثاني. ولكن جونسون سيستطيع حينها تصوير نفسه على أنه فعل كل ما بوسعه للخروج من الاتحاد الأوروبي في الموعد المحدد، وتوجيه اللوم للبرلمان لوقوفه في طريقه.