شهدت الأيام القليلة الماضية سجالاً حادّاً بين السلطات المحلية في العاصمة الروسية، بعد استبعاد مرشحي المعارضة "غير النظامية" من سباق انتخابات مجلس دوما (نواب)، مدينة موسكو بذريعة عدم استكمال نسبة التوقيعات الصحيحة.
وتوجت هذه المواجهة بخروج تظاهرة حاشدة وسط موسكو أمس السبت، دعماً للمرشحين المستبعدين وللمطالبة بالسماح بمشاركتهم في الانتخابات. وتوعد رموز المعارضة الروسية خلال التظاهرة بتنظيم وقفة "غير مصرح بها" أمام مبنى رئاسة بلدية موسكو بعد أسبوع، ما لم يتم تسجيل جميع المرشحين المستقلين.
ومع ذلك، استبعد المحلل السياسي عباس غالياموف، احتمال تراجع السلطات الروسية عن قرار استبعاد مرشحي المعارضة، قائلاً لصحيفة "فيدوموستي" الروسية: "بعد مثل هذه الاحتجاجات الحاشدة، سيفسّر الرأي العام ذلك على أن السلطة "خافت" و"ركعت"، ولن يصوّت لصالح المعارضين أنصارهم فحسب، وإنما أيضاً الناخبون المتأرجحون".
واعتبر غالياموف أن الكرملين لن يسمح بجلوس نواب مستقلين بالبرلمانات، مضيفاً: "من الأركان الرئيسية للنظام، مبدأ تقسيم المعارضة إلى "النظامية" و"غير النظامية". لا يمكن الجلوس في مقاعد النواب سوى للمعارضين "النظاميين" على سبيل المكافأة لعدم توجيههم انتقادات إلى (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين شخصياً".
وتعدّ تظاهرة أمس، واحدة من أكبر فعاليات الاحتجاج التي نظمتها المعارضة الروسية في الآونة الأخيرة، إذ تراوحت التقديرات لأعداد المشاركين فيها بين 12 ألفاً، وفق أرقام الشرطة الروسية، و22.5 ألفاً، حسب منظمة "العداد الأبيض" المعنية بحصر أعداد المتظاهرين. وفي الوقت الذي أفادت فيه المعارضة و"العداد الأبيض" بمنع الشرطة بعض المتظاهرين من المشاركة في الفعالية المصرح بها، نفت وزارة الداخلية الروسية حدوث ذلك.
ومن بين الشخصيات الذين ألقوا كلمات خلال التظاهرة، عدد من المرشحين المستبعدين من الانتخابات، بمن فيهم النائب السابق لرئيس حزب "بارناس" المعارض إيليا ياشين، والنائب السابق بمجلس الدوما الروسي دميتري غودكوف، والمحامية بـ"صندوق مكافحة الفساد" ليوبوف سوبول، كما شارك في الفعالية رئيس الصندوق أليكسي نافالني، وهو مرشح مستبعد من سباق الانتخابات الرئاسية عام 2018.
وكانت لجان الانتخابات لمدينة موسكو، قد قررت في وقت سابق من الأسبوع المنتهي، استبعاد أغلبية المرشحين المستقلين، باستثناء ستة منهم، بذريعة تجاوز النسبة المسموح بها من التوقيعات الباطلة والبالغة 10 في المائة.
إلا أن مرشحي المعارضة اعتبروا أن السلطات تعمدت إبطال توقيعاتهم لاستبعادهم من سباق الانتخابات، فبدأوا بتنظيم وقفات احتجاج "غير مصرح بها" واحدة تلو الأخرى. ووعدت رئيسة لجنة الانتخابات الروسية إيلا بامفيلوفا، بمقابلة المرشحين المستبعدين يوم الثلاثاء المقبل.
ومن المقرر أن تجري انتخابات دوما موسكو الذي يضم 45 نائباً فقط ولا يمتاز بأي صلاحيات واسعة في 8 سبتمبر/ أيلول المقبل، وذلك بمشاركة 233 مرشحاً يمثل أغلبهم الأحزاب الثلاثة المعارضة المتمثلة في البرلمان "الليبرالي الديمقراطي" و"الشيوعي" و"روسيا العادلة"، بينما قرر جميع مرشحي "روسيا الموحدة" الحاكم خوض السباق كـ"مستقلين" وسط استمرار تراجع شعبية الحزب إلى أدنى مستوياتها.