ووفقًا للمحامين الحاضرين لجلسة التخابر مع حماس يوم 17 يونيو/حزيران، والمنعقدة بمحكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار محمد شيرين فهمي، فقد طلب الرئيس محمد مرسي الكلمة للحديث أمام القاضي، وبعد أن أنهى كلمته أصابته إغماءة وقع على أثرها أرضًا، الأمر الذي دفع بباقي المتهمين في القفص والمحامين للمطالبة بإدخال طبيب للتأكد من حالة مرسي، وبعد ما يقرب من نصف ساعة دخل طبيب إلى القفص والذي تأكد من وفاته، ليخرجوا بعدها بجثة مرسي على نقالة إسعاف، وهو ما أكده بيان النيابة العامة المصرية الصادر بخصوص واقعة الوفاة.
ولم تكن واقعة الإغماءة هذه هي المرة الأولى لمرسي أثناء محاكماته، فوفقًا لابنته لقد تعرض والدها، والذي تجاوز عمره 68 عامًا، لإغماءة أخرى، منذ أكثر من عام أثناء نظر قضيته أمام نفس الدائرة. وعلى الرغم من مطالبات أسرته والمنظمات الحقوقية المستمرة بطلب علاجه، استمرت إدارة السجن في التعسف ومنعه من العلاج، الأمر الذي أدى إلى تدهور حالته الصحية، فتعرض للفشل الكلوي، والضعف الشديد في الإبصار بالعين اليسرى نتيجة لمضاعفات مرض السكر، وإصابته بالتهابات روماتيزمية نتيجة لإرغامه على النوم على الأرض وعدم السماح بإدخال الملابس الملائمة له داخل السجن.
وواجه مرسي في هذه القضية رقم 56458 لسنة 2013 ج مدينة نصر/ 2925 لسنة 2013 كلي شرق القاهرة، والمعروفة بقضية التخابر مع حماس اتهامات بإفشاء سر من أسرار الدفاع وارتكاب أفعال تؤدي إلى المساس باستقلال الوطن وقيادة جماعة أسست على خلاف القانون، وهذه القضية تمت إحالتها من النيابة في ديسمبر/كانون الأول 2013 وتم الحكم عليه بالسجن المؤبد في يونيو/حزيران 2015، والتي تعاد حاليًا المحاكمة فيها بعد قبول محكمة النقض الطعون المقدمة من المتهمين وقرارها بإعادة المحاكمة.
جدير بالذكر أن مرسي تتم محاكمته حاليًا في قضية أخرى هي قضية اقتحام الحدود الشرقية، أمام نفس الدائرة التي تحاكمه في قضية التخابر مع حماس، وهما من القضايا التي يراها المحامون العاملون غير جادة لاعتماد أغلب أدلتها على محاضر التحريات المكتوبة في الأساس من قبل الأجهزة الأمنية المختلفة، والتي كان لها دور أساسي في الإطاحة بمرسي والتنكيل بمعارضيه.
ومقارنة بحالة الرئيس المخلوع، محمد حسني مبارك والذي تم اتهامه في عدد من القضايا عقب ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، حظي مبارك بمعاملة جيدة لاعتبارات سنه، ولكونه رئيسا سابقا، حيث ظل أغلب مدة محاكمته بين المستشفيات داخل السجن وخارجه، كما تم الإفراج عنه بعد تجاوزه مدة الحبس الاحتياطي على ذمة القضية رقم 3642 لسنة 2011 جنايات قصر النيل في 15 إبريل/نيسان 2013 بعد قضائه مدة العامين في الحبس الاحتياطي، الأمر الذي يؤكد تعمد السلطات الحالية الإذلال والتنكيل بمرسي، والذي أطاح به الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، حين كان وزيرًا للدفاع في يوليو/تموز 2013.
وقالت الجبهة: "يكشف إصرار النظام على حرمان الرئيس "الأسبق" محمد مرسي من أبسط حقوقه كسجين في الحصول على علاجه وقتله عبر إنهاكه صحيًا عمّا وصل إليه مستوى البطش من النظام الحالي، فبعد أكثر من خمسة أعوام من القمع لآلاف المعارضين المصريين، وتعديل الدستور لضمان بقائه، يبدو السيسي، ونظامه، اليوم غير مكترث بتأثير انتهاكاته على صورته الخارجية أمام المجتمع الدولي، والذي يصدر له فقط خطاب الحفاظ على استقرار الدولة ومحاربة الإرهاب ومنع تدفق اللاجئين، ما سيظل نقطة سوداء في الضمير الإنساني".
وطالبت الجبهة المصرية المجتمع الدولي والهيئات الأممية والإقليمية بعدم اعتبار واقعة وفاة مرسي بالإهمال الطبي وأثناء محاكمته حدثًا عابرًا، والضغط بكل قوة على الحكومة المصرية لفتح تحقيق محايد ومستقل في الانتهاكات التي تعرض لها مرسي منذ القبض عليه، من إخفاء قسري والإخلال بحقه في المحاكمة العادلة، والمسؤولية عن حرمانه من العلاج، واعتبار هذه الوفاة دافعًا للمطالبة بالكشف عن أوضاع آلاف المحبوسين المصريين في أماكن الاحتجاز المختلفة.