حذر المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، ديفيد بيزلي، من أن الأمم المتحدة قد توقف مساعداتها الغذائية وبشكل تدريجي، مع بعض الاستثناءات، في بعض المناطق في اليمن، بسبب استمرار تحويل (سرقة) تلك المساعدات من المحتاجين.
ودقت الأمم المتحدة ناقوس الخطر حول الوضع الإنساني في اليمن ومنع دخول المساعدات الإنسانية في بعض المناطق وتحويلها (أخذها وسرقتها) عن اليمنيين المدنيين الذين هم بأشد الحاجة إليها والذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي ويهددهم خطر المجاعة.
ووجه بيزلي إصبع الاتهام، بشكل رئيسي، لجماعة الحوثي وحملهم المسؤولية عن أغلب تلك الخروقات. على الرغم من تأكيده في الوقت ذاته أن خروقات مشابهة تحدث في المناطق التي هي تحت سيطرة الحكومة اليمنية. لكنه أكد على أن شكاوى الأمم المتحدة تجد آذاناً صاغية وتعاوناً لمعالجة تلك القضايا في مناطق سيطرة الحكومة، في حين يمنعون من عمل ذلك في عدد من المناطق التي تخضع لسيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين).
وجاءت أقوال بيزلي خلال إحاطة قدمها أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك حول آخر التطورات في الملف اليمني. وحضر تلك الإحاطة المفتوحة مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لليمن، مارتين غريفيث، عبر دائرة متلفزة مغلقة، ومبعوث الأمين العام للشؤون الإنسانية، مارك لوكوك في نيويورك.
وشرح بيزلي فيما يخص قضية تحويل المساعدات الغذائية وطريقة عمل الأمم المتحدة موضحاً "تحتاج الأمم المتحدة في عملها للتأكد، وبشكل مستقل، من هوية المحتاجين وتقدير مستوى الحاجة ونوعيتها. وهي تقوم بذلك بغض النظر عن التوجهات السياسية على الأرض والجهات المسيطرة.
وعلى منظمات الأمم المتحدة التأكد وبشكل مستقل من أن تلك المساعدات تصل للمدنيين المحتاجين لها.". ونوه أن الأمم المتحدة لاحظت خلال الصراع في اليمن أن جميع الأطراف تستخدم وصول المساعدات الإنسانية والغذائية كسلاح حرب. وأشار إلى أن الأطراف استجابت في أكثر من مناسبة لانتقادات الأمم المتحدة حول الموضوع لكن مفاوضاتها المستمرة مع جماعة أنصار الله في السنتين الأخيرتين لم تؤد إلا إلى الوعود وتحسن لفترة وجيزة في بعض المناطق، ولكن دون نتائج مستمرة وملموسة في نهاية المطاف. كما أكد أن تحقيقات الأمم المتحدة وجدت في بعض المناطق استمرار تحويل تلك الأغذية وعدم وصولها للمحتاجين.
وقال "نقدم المساعدات الغذائية وبشكل شهري لقرابة عشرة ملايين يمني ولكن وبصفتي رئيس برنامج الغذاء العالمي لا يمكنني أن أؤكد لكم أن المساعدات تذهب إلى من هم في أمس الحاجة إليها. لماذا؟ لأنه لا يسمح لنا بالعمل بشكل مستقل ولأنه يتم تحويل تلك المساعدات للتجارة. خلاصة القول: يتم أخذ الطعام من أفواه الصغار والفتيات والفتيان الجائعين في اليمن الذين هم بأشد الحاجة إليه".
ثم أورد بعض الأمثلة قائلاً "لقد أخبرنا عدد من المستفيدين في مدينة صنعاء أنهم لم يتلقوا أي مساعدات غذائية إلا أن قوائم التوزيع تحتوي على بصمات أصابعهم. وقابلنا عدداً من المتلقين للمساعدات الإنسانية في سبعة مراكز في مدينة صنعاء وأكد قرابة ستين بالمئة منهم أنهم لم يتلقوا أي مساعدة.". وأكد أن الأمم المتحدة وبحلول نهاية الأسبوع ستبدأ بتعليق تدريجي للمساعدات الغذائية إذا لم تحصل على الضمانات المطلوبة لوصول المساعدات للمدنيين المحتاجين إليها، مع استثناء استمرار تقديم المساعدات للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية والنساء الحوامل والأمهات اللواتي أنجبن مؤخراً.
من جهته طرح مبعوث الأمين العام للشؤون الإنسانية، مارك لوكوك، عدداً من الأسئلة أمام مجلس الأمن محاولاً الإجابة عليها في محاولة للنظر إلى الصورة الأكبر للوضع في اليمن. ومن بينها: كيفك تطورت الحرب خلال السنوات الأربع أو الخمس الماضية؟ ماذا حدث؟ ماذا يمكن أن نتوقع إذا استمرت؟ ماذا نفعل حيال ذلك؟ وما هو المطلوب لمساعدة اليمن على كسر هذه الدورة إلى الأبد؟
وصف لوكوك الحرب اليمنية بالوحشية منذ بدايتها وأكد أن منظمات مراقبة دولية مستقلة تقدر مقتل قرابة 70 ألف يمني منذ 2016. وأكد لوكوك إن العنف في اليمن مستمر وبشكل ثابت ودائم على الرغم من انخفاضه في بعض المناطق لبعض الوقت، كما حدث مؤخراً في الحديدة بعد اتفاقية استوكهولم. لكنه في المقابل ينتشر وتزداد حدته في أماكن أخرى. وأكد كذلك أن هناك أكثر من ثلاثين جبهة قتال في اليمن وأن تقارير منظمات غير حكومية تشير إلى زيادة في حدة الاقتتال منذ عام 2016. ثم أشار إلى أن الوضع في اليمن يزداد عنفاً والصراع سوءاً.
وأكد أنه وعلى الرغم من الاقتتال الدائر منذ بدء حرب التحالف بقيادة السعودية، إلا أن ذلك لم يؤد إلى تغيير ملموس من ناحية المناطق التي تسيطر عليها جماعات الحوثيين على الأرض. وقال إن أغلب اليمنيين ما زالوا يعيشون في المناطق التي يسيطر عليها أنصار الله وحلفاؤهم. ثم نوه "بعد عشرات الآلاف من الغارات الجوية، والقذائف ومدافع الهاون والاشتباكات الأرضية بالكاد تغير الوضع على الأرض منذ عام 2016. هذا يعني أن الحرب ليست فقط وحشية ولكن لا يمكن تحقيق الانتصار فيها. والجميع يوافق على النقطة الأخيرة، على الأقل في تصريحاتهم الرسمية، إلا أن الحرب ما زالت مستمرة".
وأكد لوكوك مجدداً أن قرابة 24 مليون يمني، حوالي ثمانين بالمئة من سكان اليمن، يحتاجون لمساعدات إنسانية وحماية بمن فيهم 10 ملايين يمني يعتمدون على المساعدات الغذائية للعيش. ولفت الانتباه إلى استمرار تدمير البنية التحتية والمستشفيات والمدارس. وقال إن ربع أطفال اليمن لا يمكنهم الذهاب إلى المدارس وأن قرابة 3.3 ملايين يمني مشردون داخلياً.
ثم قال "يدعي البعض أن الوضع في اليمن قبل بدء الحرب كان سيئاً وأن عدداً لا بأس به من اليمنيين كان بحاجة إلى مساعدات إنسانية. وهذا صحيح ولكن، كان هناك اقتصاد يعمل كما كانت هناك مؤسسات عامة تعمل وتقدم خدمات أساسية تصل إلى جميع أنحاء البلاد. بل إن اليمن كان يشهد تحسناً في الأمن الغذائي والتغذية."، ثم أضاف أن كل ذلك تراجع منذ بدء الحرب وأن عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى مساعدة ازداد بنسبة خمسين بالمئة عما كان عليه قبل الحرب. كما أشار إلى أن التقديرات تؤكد أن هناك عشرات الأماكن في اليمن فيها أوضاع إنسانية تشبه المجاعة.