مؤتمر القدس: واشنطن شريكة إسرائيل في العدوان على القدس

15 يونيو 2019
تناول المشاركون: تحديات الواقع وإمكانات المواجهة(العربي الجديد)
+ الخط -

تناول المشاركون في جلسات اليوم الأول من مؤتمر "القدس: تحديات الواقع وإمكانات المواجهة" والذي ينظمه "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" بالشراكة مع الجامعة الأردنية ومؤسسة الدراسات الفلسطينية في العاصمة الأردنية عمان، مسائل جدلية، بطابع نخبوي حول محاولة استرداد الحقوق الفلسطينية المسلوبة، باللجوء إلى الأطر المرتبطة بالقانون الدولي أو الانحياز إلى المواجهة بالقوة.

وشهد المؤتمر تبايناً واضحاً بين من يعتبر أن قضية القدس هي قضية دينية في جوهرها، فيما يميل مشاركون إلى اعتبارها قضية سياسية بشكل أساسي.

وأجمع المشاركون في جلسات اليوم الأول للمؤتمر، على اعتبار الولايات المتحدة "شريكاً

كاملاً لإسرائيل في عدوانها وعنجهيتها على القدس"، مشيرين إلى أن الولايات المتحدة ممثلة بسياسييها "تتجاوز على القوانين الدولية، لإرضاء اللوبي الصهيوني، وكسب أصواته في الانتخابات الأميركية".

وضمن فعاليات الجلسة الأولى، والتي كانت تحت عنوان "السياسات الأميركية تجاه القدس"، قال الأستاذ المساعد في دائرة العلوم السياسية في جامعة بير زيت أحمد عزام إن الدين "لا يشكل عاملاً أساسياً للسياسة الأميركية بشأن القدس، وأن نفوذ اللوبي الإسرائيلي في العملية الانتخابية والمؤسسة الأميركية له الدور الأبرز".

وأضاف عزام أن إسرائيل "تُعدّ قضية داخلية أميركية، وهذه الفكرة كانت تستخدم لتبرير مدى الانحياز الأميركي للجانب الإسرائيلي لدرجة تبدو أحيانًا على حساب المصالح الأميركية".

واستعرض عزام في ورقته تحولات الموقف الأميركي من القدس، على ثلاثة مستويات؛ الرسمي الأميركي العام، والشعبي الأميركي العام، واليهود الأميركيون. والتحولات الجارية منذ العقد الأخير في تركيبة واتجاهات جماعات الضغط الإسرائيلية في الولايات المتحدة.

أما الباحث في المركز العربي للأبحاث والدراسات في واشنطن أسامة أبو أرشيد فقال، "حسب ترامب، فإن قراره يمثل التزامًا بالقانون الذي أقرّه الكونغرس عام 1995، حول نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، ووصف ترامب من سبقه من الرؤساء السابقين له بأنهم تنقصهم الشجاعة".

وأضاف أبو أرشيد أنه "مثل قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل قطيعةً مع سبعة عقود من السياسة الأميركية نحو الصراع العربي – الإسرائيلي".

وقال "تُعدّ فكرة التدويل المحدود للقدس صيغة غامضة، تطورت داخل الوصاية الدولية عليها، وتمثل استجابةً واعيةً، لفشل الأمم المتحدة بإقناع الطرفين الأردني والصهيوني بالوضعية الخاصة للقدس، وفق قراري الأمم المتحدة 181 و194".


بدوره قال أستاذ القانون العام في كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية في جامعة الحسن الأول في المغرب رشيد البزميم إنه "لمواجهة محاولات إسرائيل تجاه القدس وتوظيف قرارات ترامب، يجب التمسك بآلية عدم الاعتراف التي ينص عليها القانون الدولي واللجوء إلى محكمة العدل الدولية".

وأضاف "تعكس قضية نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، سياسة الولايات المتحدة تجاه المدينة. والحقيقة أن عرض مصالح ومخاطر هذا التحول سيسمح بفهم مسارات السياسة الأميركية وأهدافها المتعلقة بالقضية الفلسطينية ككل".

القدس في القانون الدولي والسياسات الأوروبية

وتناولت الجلسة الثانية موضوع "القدس في القانون الدولي والسياسات الأوروبية"، وقال خلالها أستاذ دراسات الشرق الأوسط والعلوم السياسية بجامعة روتجز بولاية نيوجرسي الأميركية عبد الحميد صيام، إنه "زادت التوترات بين الفلسطينيين واليهود مع قيام الانتداب البريطاني على فلسطين على الأماكن المقدسة في القدس، وخاصة حائط البراق، أو ما يطلق عليه أتباع الديانة اليهودية "حائط المبكى".

وأضاف صيام أنه "في مخالفة لقرار الأمم المتحدة 181 قامت إسرائيل بنقل مقر الكنيست الإسرائيلي من تل أبيب، إلى القدس في كانون الأول/ديسمبر 1948 وعقد أولى جلساته في القدس في شباط/فبراير 1949".

أما الأستاذ المساعد في قسم الشؤون الدولية بجامعة قطر أديب زيادة فذكر ان الاتحاد "الأوروبي يتصرف وكأنه ليس بصاحب دور دولي"، مشيراً إلى أنه على ضوء ما تسرب عن صفقة القرن "يقف الاتحاد الأوروبي في حالة انتظار لما ستفصح عنه الصفقة".

وأضاف زيادة "شكّل الموقف الأميركي من القدس في ظل إدارة ترامب التي اعترفت بها عاصمة موحدة لإسرائيل مفاجأة من العيار الثقيل لكثير من اللاعبين في إطار عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين بما فيهم الاتحاد الأوروبي".

القدس وسياسات الاستيطان

وفي الجلسة الثالثة والتي عُقدت بعنوان "القدس وسياسات الاستيطان"، قال الأستاذ المساعد في قسم القانون بجامعة القدس هيثم سليمان، "حظر علماء الدين اليهود عمومًا دخول اليهود إلى الأقصى بعد حرب عام 1967. وحين احتلت إسرائيل القدس، كرر العلماء اليهود مجددًا الحكم الديني الذي يحظر دخول اليهود إلى الأقصى".

وأوضح سليمان أنه "تُعدّ القدس حالة خاصة لأن لها اعتباراً مقدّساً لمختلف الجماعات الدينية. خلال الفترات التي حكم فيها المسيحيون والمسلمون المدينة على مر القرون".

من جانبها، قالت عضو هيئة التدريس بجامعة القدس المفتوحة ربا مسودة إن قرارات مجلس الأمن "شجبت مرارًا سياسات إسرائيل في إقامة المستوطنات في الأراضي المحتلة، بما فيها مدينة القدس".

وأضافت مسودة "يعتبر قرار ترامب، "الاعتراف بالقدس كعاصمة موحدة لإسرائيل"، ونقلها للسفارة الأميركية إليها،" تمردًا دوليًا كبيرًا، وعزلة دولية لم يُشهد لها مثيل، ولاقى هذا القرار رفضًا دوليًا كبيرًا.

فيما قال المحاضر في قسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة محمد أمين الجزائرية لبيد عماد إن مخطط بناء جدار القدس "يسعى إلى استبعاد أكثر من 60,000 من الفلسطينيين عن مدينتهم"، مضيفاً "وتحاول "إسرائيل" من خلال ذلك الوصول إلى النسبة التي أوصت بها اللجنة الوزارية الإسرائيلية لشؤون القدس، والتي حددتها بحوالي 22٪ فقط من الفلسطينيين.

وتابع أن العملية التفاوضية المرتبطة بالقدس، "استعمال إسرائيل لها كوسيلة لربح الوقت يهدف للوصول إلى واقع استيطاني يستحيل التراجع عنه مستقبلًا".

وأوضح ان إسرائيل تمكنت بعد اتفاق أوسلو من خلال سياساتها التهويدية من إحداث تغييرات كبيرة في جغرافيا القدس وديموغرافيا المقدسيين.

في الدفاع عن المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس

وتناولت الجلسة الرابعة، "الدفاع عن المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس"، حيث قال أمين عام اللجنة الملكية الأردنية لشؤون القدس عبد الله كنعان: "لا شك أن العلاقة الروحية الدينية التي تجمع أبناء الأردن بالقدس هي ركيزة مهمة؛ فهي أولى القبلتين، وإليها كان حجاج الأردن يزورون القدس بعد أداء فريضة الحج، وتُسمّى زيارتهم للقدس باسم "التقديس".

وأضاف كنعان "يُعدّ الإعمار الهاشمي التاريخي للقدس منذ عام 1924 وحتى اليوم جانبًا من جوانب الوصاية والرعاية الهاشمية للقدس ومقدساتها". مضيفاً إن العمل السياسي والدبلوماسي من أجل القدس "يجب أن ينطلق من استراتيجية توافق عربي إسلامي وعالمي".

وقال رئيس الهيئة الإسلامية العليا وخطيب المسجد الأقصى الدكتور عكرمة صبري بأن الهيئة "لا تكترث لمحاولات العربية السعودية في محاولاتها للتأثير على مسألة الوصاية على القدس ولا تلقي لها بالاً".

وأشار صبري إلى أن الهيئة "أفشلت المحاولات الاسرائيلية لمحاولة الوصول إلى التقسيم الزماني والمكاني للأقصى، فدخول اليهود إلى الأقصى يكمن عبر عمليات اقتحام تحت حماية جنود الاحتلال، وفي أوقات زيارات السياح، فيما تم إفشال عملية التقسيم المكاني منذ عام 2017".

بدوره، قال عضو هيئة التدريس بجامعة القدس المفتوحة عزيز العصا، إنه في 25/7/1967 أُعلن عن تشكيل الهيئة الإسلامية العليا بالقدس وتولّيها صلاحيات مجلس الأوقاف وشؤون المقدسات الإسلامية، والإشراف على المحاكم الشرعية، ولجنة إعمار المسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة المشرفة، متطرقاً إلى دور الهيئة في حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس منذ تشكيل الهيئة.