كشف مسؤولون عراقيون في بغداد ومدينة الموصل العاصمة المحلية لمحافظة نينوى، عن وجود حراك واسع أعقب إقالة قائد عمليات نينوى اللواء نجم الجبوري مطلع الشهر الجاري من قبل عدة أطراف داخل حكومة نينوى المحلية وفي أربيل تهدف لإعادة نشر قوات من البشمركة في مناطق متنازع عليها ضمن حدود محافظة نينوى بينها بلدات أطراف الموصل، مثل سنجار وزمار ومخمور والحمدانية وقرى سهل نينوى ذي الغالبية العربية المسيحية، محذرين بالوقت
نفسه مما وصفوه خطورة جعل الملف الأمني عرضة للمساومات السياسية.
ووفقا لمسؤول عراقي رفيع في بغداد، فإن مسؤولين أكرادا باشروا ضغوطا داخل مجلس محافظة نينوى وعلى المحافظ الجديد منصور المرعيد بهدف التمهيد لاتفاق يقضي بإعادة البشمركة كقوة مشاركة في ملف الأمن بعدة مدن من محافظة نينوى حدودية مع إقليم كردستان وأخرى بمحيط الموصل.
ولفت المسؤول إلى أن "هذا الحراك بدا أكثر جدية في اليومين الماضيين مع هجمات خاطفة نسبت لداعش استهدفت قرى وقصبات قرب سنجار وربيعة غرب محافظة نينوى".
هذه المعلومات أكدها النائب الكردي عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، ماجد شنكالي في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أوضح فيه أن "مسؤولين في إدارة محافظة نينوى طالبوا بإعادة البشمركة إلى أطراف مدينة الموصل، وإبقاء الأمن داخل المدينة بيد الشرطة المحلية"، مبينا أنّ "إعادة التنسيق بين الجيش والبشمركة هو خطوة مهمة لبسط الأمن بالموصل، وتهدئة الأوضاع في جميع المناطق المتنازع عليها".
سيرويان روزبياني نائب محافظ نينوى وهو من المكون الكردي، قال بدوره إنّ "تنظيم داعش زاد من تحركاته في الموصل، بسبب نقص القوات الأمنية والعسكرية في مركز المدينة ومناطق سنجار والحدود السورية، وهو آخذ بالتمدد".
وأكد روزبياني في تصريح صحافي، "طالبنا بأن تناط مهمة حماية الأمن داخل مدينة الموصل بالشرطة المحلية، فيما تكون حماية المناطق المحيطة بها بالتنسيق بين إقليم كردستان وبغداد، وأن يتم تشكيل قوة مشتركة من الجيش العراقي والبشمركة".
ويثير هذا الحراك المخاوف من صفقة لإعادة القوات الكردية إلى المحافظة، خاصة مع فوضى تعدد القيادات العسكرية والأمنية، معربين عن مخاوف أكثر من أن تكون عودتهم ضمن صفقة انتخاب منصور المرعيد.
ووفقا لعضو التيار المدني في الموصل أحمد الآغا، فإن الحكومة الاتحادية في بغداد مطالبة بفصل الملفين السياسي عن الأمني، وألا تجعل حياة الناس وأمنهم عرضة للمساومات "ولدينا خشية من أن يكون قبول تصويت النواب الكرد لصالح المرعيد محافظا ثم إقالة قائد عمليات الجيش اللواء نجم الجبوري، جزءا من صفقة سياسية كبيرة داخل نينوى ونحذر منها".
وطالب الآغا بـ"احترام الدماء التي حررت الموصل وترك الملف الأمني بعيدا عن هذه الصفقات وترك القوات الاتحادية هي من تمسك بالأرض في نينوى ولا شريك لها بذلك لا الحشد ولا البشمركة ولا قوات العشائر".
من جانبه، قال النائب السابق عن نينوى محمد نوري العبد ربه إنه "يجب أن يتم دعم وتقوية الأجهزة الأمنية الموجودة في المحافظة، حتى لا تكون هناك حاجة إلى قوة أخرى من البشمركة أو الحشد الشعبي أو من غيرها".
ودعا العبد ربه، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، الحكومة إلى "فتح أبواب التطوع لأبناء نينوى حتى يكونوا جزءا من قوات أمن المحافظة والمحافظات الأخرى"، مؤكدا أنّ "الشرطة المحلية قادرة على مسك الملف الأمني عندما نتكلم عن 36 ألف عنصر، لكن لا يتواجد منه سوى 15 ألفا فقط، لذا يجب دعم الشرطة والجيش بالمحافظة".
أما الباحث بالشأن الكردي علي ناجي، فأكد صعوبة سيطرة قوات البشمركة على المناطق المتنازع عليها في نينوى، لاعتراض المكونات القومية والدينية على ذلك.
وقال ناجي لـ"العربي الجديد"، إن "المناطق المتنازع عليها في نينوى تشمل أقضية سنجار وزمار وتلكيف ومخمور والحمدانية، وناحيتي ربيعة وبعشيقة، وأنّ بعضا منها تشكّل مواقع جغرافية مهمة، منها مطلّة على الحدود العراقية السورية وأخرى على التركية، وأخرى حلقة وصل بين المحافظات كنينوى ودهوك، فضلاً عن امتلاكها ثروات طبيعية ضخمة أبرزها النفط".
وبين أنّ "من يسكن غالبية هذه المناطق ليس الأكراد والعرب من السنة والشيعة، بل مكونات أخرى من الإيزيديين والكلدان والآشوريين والمسيحيين والشبك وكذلك التركمان"، مبينا أنّ لكل من هذه المكونات قيادات، وهي ترفض وجود البشمركة".
يشار إلى أنّ قوات البشمركة كانت قد تركت المناطق المتنازع عليها، (وهي مناطق تتنازعها بغداد وأربيل في كركوك والموصل وصلاح الدين وديالى) عقب استفتاء انفصال كردستان الذي جرى نهاية أيلول 2017، والذي نجم عنه تسلم الجيش العراقي والحشد المهام الأمنية في تلك المناطق وانسحاب البشمركة منها.