أكدت الرئاسة الإيرانية، اليوم الأربعاء، أنّ "لا معنى للتفاوض مع الإدارة الأميركية في ظل الظروف الراهنة"، معتبرة أن الهدف من التحركات الدبلوماسية الأخيرة هو "الحفاظ على الاتفاق النووي والحيلولة دون وقوع مواجهة في المنطقة"، فيما أعلن البرلمان الإيراني أن طهران "لا تريد الحرب مع أميركا، سواء بشكل مباشر أو بالوكالة".
وقال محمود واعظي، رئيس مكتب الرئيس الإيراني حسن روحاني، اليوم الأربعاء، في تصريحات بعيد اجتماع للحكومة الإيرانية، نقلها التلفزيون الإيراني، إن "دولا وشخصيات مختلفة بدأت بتحركات منذ الثامن من الشهر الجاري، تهدف إلى الحفاظ على الاتفاق النووي والحيلولة دون وقوع مواجهة في المنطقة"، لافتا إلى أن هذه الأطراف "تحاول إرضاء طهران بسبب الأهمية التي يكتسيها الاتفاق".
وأكد واعظي، في السياق ذاته، أن هذه التحركات "لا تعني وجود تفاوض بين إيران وأميركا. وفي ظل السياسات الراهنة لأميركا، فلا معنى لأي تفاوض".
وفي الثامن من مايو/أيار، أعلنت إيران تعليق تنفيذ تعهدات في الاتفاق النووي على مرحلتين، بدأت المرحلة الأولى الأربعاء الماضي، على أن تبدأ الثانية في حال لم يلب الشركاء الخمسة المتبقون في الاتفاق النووي، أي الترويكا الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) والصين وروسيا، المطالب الإيرانية في القطاعين النفطي والمصرفي خلال ستين يوماً لتخفيف آثار العقوبات الأميركية.
وأول أمس الإثنين، أعلنت طهران أنها بدأت بزيادة إنتاجها من اليورانيوم المخصب أربعة أضعاف، من دون رفع نسبة التخصيب أكثر من 3.67 في المائة، وهي النسبة التي حددها الاتفاق النووي المبرم مع المجموعة السداسية الدولية عام 2015.
زيارة بن علوي
إلى ذلك، نفى مدير مكتب الرئيس الإيراني أن يكون الهدف من زيارة وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي لطهران، الإثنين الماضي، الوساطة بين بلاده والولايات المتحدة، قائلا إن المسؤول العماني زار إيران لـ"التباحث بشأن قضايا ثنائية وتطورات إقليمية، لكن لم يُطرح أبدا موضوع الوساطة".
وأضاف أن "وزير الخارجية العماني التقى بظريف قبل أيام في طهران، ووزير الخارجية قدّم تقريرا بشأن الزيارة للحكومة".
كما نفى واعظي وصول وفد عراقي إلى إيران حتى اللحظة للوساطة بين طهران وواشنطن، موضحا أن "العراقيين قالوا إنهم بصدد إيفاد وفدين إلى كل من إيران وأميركا، وهذا الوفد لم يصل إلى طهران بعد".
وأكد المتحدث ذاته أن "العلاقات بين طهران وبغداد وطيدة جدا، ونحن لا نطالبهم بعدم إرسال هذا الوفد، وعندما يأتي سنستمع له، لكن المهم أنه ماذا سنقرر نحن بشأن المقترحات التي سيتقدم بها".
وكانت وسائل إعلام إقليمية قد أعلنت أمس الثلاثاء وصول الوفد العراقي إلى إيران.
فلاحت بيشه: لا نريد الحرب لا مباشرة ولا بالوكالة
وعلى صعيد متصل بالتوتر الإيراني الأميركي، قال رئيس لجنة السياسة الخارجية والأمن القومي في البرلمان الإيراني، حشمت الله فلاحت بيشه، اليوم الأربعاء، في تصريح لوكالة "إيلنا" الإصلاحية العمالية، إن بلاده لا تريد الحرب مع الولايات المتحدة "سواء بالوكالة أو بشكل مباشر".
وأكد فلاحت بيشه أنه "لا يمكن لأي فصيل الادعاء بأنه يخوض حربا بالوكالة عن إيران"، قائلا: "لن ندخل مثل هذه الحرب أبدا"، مضيفا أن "سياسة الجمهورية الإسلامية هي عدم البدء بالحرب، لذلك ما يمكن أن يحدث من أعمال في أي مكان فهو ليس من سياستنا"، مشددا على أن سياسة إيران هي "لا الحرب ولا التفاوض"، داعيا في الوقت نفسه السلطات الإيرانية إلى "إدارة التوتر" مع الإدارة الأميركية.
وحول اتهام شركة تأمين نرويجية لبلاده بالوقوف وراء تفجيرات الفجيرة الأخيرة ضد ناقلات نفط إماراتية وسعودية، قال إن "هناك لاعبين في المنطقة يسعون إلى زعزعة الأمن الزجاجي في الخليج الفارسي تعزيزا لمصالحهم"، مؤكدا أن طهران "تنتظر نتائج التحقيقات، ونرى أن مثل هذه الأعمال مشكوك في أمرها".
واتهم المسؤول الإيراني أطرافا إقليمية لم يسمها باستقدام القوات الأميركية إلى المنطقة، قائلا إنها "أخذت موافقة مجلس التعاون الخليجي على ذلك، وهي تريد إشعال حرب"، مؤكدا أن "هذه التحركات والسلوك مشكوك في أمرها وينبغي أن تتم إدارتها".
وأمس الثلاثاء، رأى فلاحت بيشه، في مقابلته مع "برنا"، أن الحزب الجمهوري الأميركي "بحاجة إلى التفاوض مع إيران كخطوة دعائية للبقاء في البيت الأبيض والفوز في الدورة القادمة (للانتخابات الرئاسية الأميركية)".
استهزاء بدعوة فرنسية
وعلى صعيد آخر، قال المتحدث باسم وزارة الخارجیة الإیرانیة، عباس موسوي، اليوم الثلاثاء، إن بلاده مستعدة للالتزام بتنفیذ الاتفاق النووي "بقدر التزام فرنسا وبقية الشركاء الأوروبيين به".
وجاء تصريح موسوي تعليقا على تصريحات لنظيرته الفرنسية أغنيس فون دير مول، قالت فيها إن "فرنسا تدعو بقوة إيران إلى حماية الاتفاق النووي"، ليردّ المتحدث باسم الخارجية الإيرانية باستهزاء أن "الجمهورية الإسلامية على استعداد تام لحماية الاتفاق النووي بكل قوة على النحو الذي فعلته فرنسا والشركاء الأوروبيون لحماية الاتفاق خلال العام الأخير".
وأضاف مستهزئاً أن بلاده ستبذل كل جهودها "مثل فرنسا لتنفيذ الاتفاق".
ظريف إلى إسلام آباد
ومن جهة أخرى، يستعد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف لاستئناف جولته الإقليمية ليزور غدا الخميس دولة باكستان، الجارة الشرقية لبلاده.
وذكرت وسائل الإعلام الإيرانية أن الهدف من هذه الزيارة هو "التباحث بشأن أهم القضايا الإقليمية والدولية"، فضلا عن متابعة نتائج زيارة رئيس الوزراء الباكستاني، عمران خان، إلى طهران خلال الشهر الماضي، والتي وقع فيها الجانبان على اتفاقيات حدودية واقتصادية.
وكان رئيس الوزراء الباكستاني قد أصدر تعليماته للخارجية الباكستانية ووزارات أخرى، في وقت سابق من الشهر الجاري، لاستنئاف المفاوضات مع إيران للتوصل إلى اتفاقية لاستكمال مشروع خط السلام لاستيراد الغاز منها.
وطالب خان بضرورة الوصول إلى حل مناسب ومؤثر مع طهران، مع إعادة النظر في أسعار شراء الغاز منها.
وتوقف خط "أنبوب السلام"، الذي يفترض أن ينقل هذا الغاز إلى باكستان والهند، خلف الحدود الباكستانية ولم يستكمل بعد بسبب "الضغوط الأميركية ولأسباب أخرى"، بحسب مصادر إيرانية.
وكان خبراء باكستانيون في مجال الطاقة قد دعوا، خلال يناير/ كانون الثاني الماضي، الحكومة الباكستانية إلى التحرك سريعا لإكمال مشروع نقل الغاز الإيراني إلى باكستان.
ويبلغ طول الخط 2700 كيلومتر، ومن المقرر أن ينقل الغاز الإيراني إلى الهند عبر باكستان، لذلك عرف بخط "أنبوب السلام"، وهو الأكثر توفيرا من الناحية الاقتصادية لنقل الطاقة إلى شبه القارة الهندية.
ومع افتتاح المشروع، ستصدر إيران يوميا 150 مليون متر مكعب من الغاز إلى البلدين، 90 مليون منها إلى الهند، و60 مليون متر معكب الباقية إلى باكستان.
وبحسب مذكرة التفاهم التي وقعتها إيران مع الهند وباكستان، تقرر أن تصدر إيران الغاز عبر هذا الخط إلى البلدين لمدة 25 عاما بسعر توافقي.