تصاعدت وتيرة العنف في دول الساحل الأفريقي، وخصوصاً في مالي، والنيجر، وبوركينا فاسو، بعد فترة من الحراك الإقليمي والدولي لتأمين الأموال من أجل مواجهة خطر الإرهاب والتطرف في المنطقة، التي تصاعد العنف وعمليات الخطف فيها، بسبب تزايد انتشار الجماعات المسلحة، مستفيدة من هشاشة الوضع الأمني، وضعف التدابير المتخذة من طرف بعض بلدان المنطقة لمواجهة شبح الإرهاب الذي يترصدها.
ورأى مراقبون أن قوة "مجموعة الساحل 5"، التي تم إعلانها في قمة باماكو في 2017، لا تزال تعاني من ضعف شديد في الموارد والوسائل. وحتى إن تجاوزت تلك المعاناة، فإنه لا يتوقع أن تضيف ما عجزت عنه قوة "بارخان" الفرنسية، والقوات الأممية الموجودة في شمال مالي. واعتبر تقرير، تم إعداده لمؤتمر ميونخ الأمني السنوي، الذي عقد في فبراير/ شباط الماضي، أن تصاعد الهجمات العنيفة، المرتبطة بالجماعات المتشددة في دول "مجموعة الساحل 5"، التي تضم بوركينا فاسو، مالي، موريتانيا، النيجر وتشاد، يعكس حجم القدرات المتزايدة لهذه الجماعات وقدرتها على التواصل. وأشار التقرير إلى أن ثلاثة أرباع المعارك التي وقعت مع قوات الأمن في عدة دول في منطقة الساحل الأفريقي خلال 2018، بادرت بها هذه الجماعات.
وقال الصحافي الموريتاني المتابع للشأن الأفريقي محفوظ ولد السالك، إن منطقة الساحل تواجه منذ بداية عام 2019، تزايداً في هجمات الجماعات المسلحة، وخصوصاً في مالي، وبوركينا فاسو، والنيجر، وتشاد، مشيراً إلى أن منطقة الحدود الثلاثية بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو، كانت من أبرز المواقع التي استهدفتها الجماعات المسلحة. وأكد ولد السالك في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "أسباب ارتفاع وتيرة العنف في منطقة الساحل تعود إلى ضعف التدابير المتخذة من طرف هذه البلدان، لمواجهة خطر الجماعات المسلحة على المستوى العسكري، وعلى المستوى الاقتصادي والتنموي أيضاً، لأن المناطق الفقيرة تمثل أرضية خصبة لانتشار الجماعات المسلحة". ورأى أن "مواجهة تمدد الجماعات المسلحة يجب أن تتم على صعيدين، عسكري وتنموي"، مشيراً إلى أنهما "المحوران اللذان تقوم عليهما استراتيجية مجموعة دول الساحل الخمس، التي أُسست في موريتانيا في عام 2014".
وأوضح ولد السالك أنه "على المستوى العسكري، تم تشكيل قوة مجموعة الساحل المشتركة، خلال قمة في العاصمة المالية باماكو عام 2017، وتتكون من 5 آلاف جندي بمعدل 1000 جندي من كل بلد، لكن هذه القوة تكاد تكون ولدت ميتة، أو لنقل ولدت وهي تعاني. كما أنه ليس بمقدور البلدان المُشكلة لهذه القوة تمويلها، والتعهدات التي التزم المانحون الدوليون بها لا تزال مجرد حبر على ورق". وتابع: "ما لم تجد هذه القوة الموارد لتمويلها، سيكون أداؤها ضعيفاً ومحدود التأثير. ثم إن هناك إشكالية، إذ إنه وحتى إن وجدت الموارد والإمكانيات، فالسؤال هو ما الذي يمكن أن تقوم به هذه القوة وقد عجزت عنه القوات الأممية والفرنسية؟ كما أن المحور الآخر، وهو لا يقل أهمية عن العسكري في مواجهة الجماعات المسلحة، أي التنموي، يجب أن يتم من خلال تنمية المناطق المستهدفة من قبل هذه الجماعات".