لا يبدو أن محاولات احتواء التوتر في الخليج، والذي تفجر على خلفية الصراع الأميركي الإيراني، من الممكن أن تؤدي إلى نتائج قريباً، ولا سيما بعد تأكيد السعودية، أمس الثلاثاء، تعرّض محطّتي ضخ لخط أنابيب رئيسي ينقل النفط من شرق السعودية إلى غربها، إلى هجوم بطائرات من دون طيار ما أدى إلى إيقاف ضخ النفط فيه، في ثاني هجوم يستهدف أمن النفط بعد حادثة الفجيرة. وبادر الحوثيون للإعلان منذ أولى ساعات صباح أمس عبر قناة المسيرة التابعة لهم عن استهداف "منشآت حيوية سعودية" بسبع طائرات من دون طيار، ولم يحددوا اسم المنشآت، مشيرين إلى أن "هذه العملية العسكرية الواسعة رداً على استمرار العدوان والحصار على أبناء شعبنا" قبل أن تكشف السعودية أنها استهدفت محطتي ضخ. وجاء ذلك في الوقت الذي كانت إيران تؤكد على عدم صلتها بتفجيرات الفجيرة وتتحدث عن "أذى إسرائيلي" على عكس خلاصات التقييم الأولي لعمليات تخريب السفن، التي قال مسؤول أميركي طلب عدم الكشف عن اسمه، لوكالة "أسوشييتد برس" إنها "تشير إلى تورط إيران"، كما قال مسؤول آخر تحدث لوكالة "رويترز" إن "وكالات الأمن الوطني الأميركية تعتقد الآن أن وكلاء متعاطفين مع إيران أو يعملون لحسابها ربما هاجموا ناقلات قرب دولة الإمارات وليس القوات الإيرانية نفسها.
اقــرأ أيضاً
كما كان لافتاً إعلان إسبانيا أمس عن سحب مؤقت لفرقاطة "منديز نونيز"، التي كانت جزءاً من الأسطول الذي تقوده حاملة الطائرات "يو إس إس أبراهام لينكولن" مخافة جرها إلى صراع غير مرغوب فيه نتيجة للأزمة بين واشنطن وطهران بسبب الاتفاق النووي.
وبعد نحو 48 ساعة على حادث تخريب السفن في الإمارات، نقلت قناة المسيرة التابعة للحوثيين عن مصدر قوله إن "7 طائرات مسيرة نفذت هجمات طاولت منشآت حيوية سعودية"، مشيراً إلى أن "العملية العسكرية الواسعة تأتي رداً على استمرار العدوان والحصار على أبناء شعبنا"، ومؤكداً الاستعداد "لتنفيذ المزيد من الضربات النوعية والقاسية في حال استمر العدوان والحصار الجائر" قبل أن يتبين أن الهجمات استهدفت محطّتا ضخ لخط أنابيب رئيسي ينقل النفط من شرق السعودية إلى غربها، ما أدى إلى إيقاف ضخ النفط فيه. وقال وزير الطاقة السعودي، خالد الفالح، في بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية "تعرّضت محطتا ضخ لخط الأنابيب شرق - غرب الذي ينقل النفط السعودي من حقول النفط بالمنطقة الشرقية إلى ميناء ينبع على الساحل الغربي، لهجوم من طائرات بدون طيار مفخخة". وأضاف "قامت أرامكو السعودية بإيقاف الضخ في خط الأنابيب حيث يجري تقييم الأضرار وإصلاح المحطة لإعادة الخط والضخ إلى وضعه الطبيعي"، مشدداً في الوقت ذاته على "استمرار الإنتاج والصادرات السعودية من النفط الخام والمنتجات بدون انقطاع". وتقع المحطتان في محافظتي الدوادمي ومحافظة عفيف بمنطقة الرياض على بعد 220 كيلومتراً و380 كيلومتراً من شرق العاصمة السعودية. ويبلغ طول خط الأنابيب نحو 1200 كيلومتر، ويمر عبره خمسة ملايين برميل نفط يوميا على الأقل، من المنطقة الشرقية الغنية بالخام، إلى المنطقة الغربية على ساحل البحر الأحمر. ويتيح خط الأنابيب للمملكة نقل النفط من المنطقة الشرقية وتصديره عبر موانئ البحر الأحمر بعيداً عن الخليج ومنطقة مضيق هرمز حيث تتصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران. وبحسب الفالح فإن "هذا العمل الإرهابي والتخريبي، وتلك التي وقعت أخيراً في الخليج العربي ضد منشآت حيوية لا تستهدف المملكة فقط، وإنما تستهدف أمان إمدادات الطاقة للعالم، والاقتصاد العالمي". وشدّد على "أهمية التصدي للجهات الإرهابية التي تنفذ مثل هذه الأعمال التخريبية بما في ذلك مليشيات الحوثي في اليمن المدعومة من إيران".
وجاء الهجوم في وقت كان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، ينتقل من بروكسل حيث التقى مع نظرائه الأوروبيين ورئيس حلف شمال الأطلسي وأطلعهم على معلومات عن تهديدات "متصاعدة" من إيران، إلى سوتشي للاجتماع بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من دون أن يوحي المؤتمر الصحافي بين لافروف وبومبيو بوجود أي توافق، سواء في ما يتعلق بإيران أو باقي الملفات، إذ لخص الأخير الوضع بالقول "معظم القضايا التي تعرضنا لها في المحادثات لم تكن محل اتفاق بيننا".
في غضون ذلك، بدا المسؤولون الإيرانيون، أمس الثلاثاء، ينحون لجهة نفي أي مسؤولية عن هجمات الفجيرة. ونقلت الوكالة الإيرانية للأنباء "إرنا" عن المتحدث باسم البرلمان بهروز نعمتي، قوله، أمس الثلاثاء إن الهجوم الذي تعرضت له ناقلات قبالة ساحل الإمارات هو "أذى إسرائيلي".
من جهته، أعرب وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، من الهند، عن قلقه "من التصرفات والأعمال التخريبية المشكوكة في أمرها والتي تحدث في الوقت الراهن في المنطقة"، مضيفاً "كنا قد توقعنا أن بعضهم سيحاول زيادة التوتر في المنطقة من خلال مثل هذه الأعمال". وتحدث عن سياسيات خطرة تسعى جهات متطرفة في الإدارة الأميركية والمنطقة إلى فرضها.
وساد تضارب في حجم الضرر الذي أصاب الناقلات النفطية التي تعرضت للتخريب في المياه الاقتصادية لدولة الإمارات العربية المتحدة، بالقرب من إمارة الفجيرة، وبينهما بحسب ما تأكد اثنتان تحملان علم السعودية وهما "المرزوقة" و"أمجاد"، بينما تحمل الثالثة علم دولة الإمارات "أي ميشيل" وهي أيضا ناقلة نفط والرابعة تحمل علم النرويج وتدعى "اندريا فيكتوري". وفيما أكد مسؤول إماراتي لم يحدد اسمه وجود أضرار في أسفل هيكل السفينة النرويجية من الجهة الخلفية، أعلنت شركة توم النرويجية في بيان أن ناقلة النفط أندريا فيكتوري تعرضت لأضرار هيكلية بعد أن "اصطدم بها جسم غير معروف".
وفيما ذكر بيان لوزير الطاقة السعودي خالد الفالح أن ناقلتي النفط السعوديتين لحقت بهما "أضرار كبيرة"، أظهرت صور التقطتها أقمار صناعية واطلعت عليها وكالة "أسوشييتد برس"، أمس الثلاثاء، عدم وجود أي ضرر ظاهر في ناقلات النفط.
في المقابل، شوهد حاجز عائم حول ناقلة النفط الإماراتية "إيه. ميشيل"، ما يشير إلى احتمال حدوث تسرب نفطي، وفق "أسوشييتد برس".
وقال مسؤول أميركي في واشنطن لوكالة "أسوشييتد برس"، إنّ تقييماً مبدئياً توصل إليه فريق عسكري أميركي أشار إلى أنّ إيران أو حلفاءها استخدموا متفجرات لإحداث ثقوب في السفن. وأوضح أن كل سفينة بها حفرة يتراوح طولها بين 5 و10 أمتار، ويشتبه بأن ذلك ناجم عن شحنات متفجرة. كما قال مسؤول آخر لوكالة "رويترز" إن "من بين المهاجمين المحتملين جماعة الحوثي في اليمن أو فصائل شيعية تدعمها إيران وتتخذ من العراق مقراً لها"، لكنه أردف أن "واشنطن لا تمتلك دليلا دامغا على مخربي السفن الأربع".