وظهر مصطلح "المناطق المتنازع عليها" بعد الاحتلال الأميركي ــ البريطاني للعراق عام 2003، وذلك عقب مطالبة الأكراد بضم بلدات ومناطق يصل مجموع مساحتها لأكثر من 37 ألف كلم مربع إلى سلطة الإقليم، وتشمل مناطق كركوك وسنجار ومخمور وزمار وفايدة وربيعة وكلار وخانقين ونحو 20 بلدة وناحية أخرى، تحت ذريعة أنها تضم مواطنين أكرادا.
والثلاثاء، قال مسؤولون عراقيون في بغداد لـ"العربي الجديد"، إن "تنسيقاً جديداً بدأ مع قوات البشمركة في المناطق التي توجد فيها، بهدف ترتيب وضع تلك المناطق ومنع استغلال داعش لأي ثغرة في التواجد بمناطق شمال البلاد بين محافظات كركوك ونينوى وصلاح الدين وديالى، وحدود ما يعرف بالخط الأخضر، الذي توجد فيه قوات البشمركة حالياً"، في إشارة إلى مواقع البشمركة الحالية.
وعقد مسؤولون عراقيون عسكريون وقادة في البشمركة، أمس الاثنين، اجتماعاً موسعاً في بغداد جرت فيه مناقشة التنسيق الأمني والمعلوماتي، وهو الأول من نوعه منذ مدة.
ووفقاً لجنرال عراقي بارز في قيادة العمليات المشتركة، فإن "الحديث عن إعادة انتشار البشمركة في كركوك، أو أي مدينة أخرى توجد فيها القوات الاتحادية، غير صحيح، لكن التنسيق قائم في ما يتعلق بتأمين مناطق وجود البشمركة، والتنسيق في مجال المعلومات والتعاون الأمني بالمناطق ذات التماس، أو المناطق الفارغة من أي تمثيل أمني، بسبب اختلافات الساسة ببغداد وأربيل"، لافتاً إلى أن "الطيران العراقي يغطي المنطقة بشكل ممتاز، غير أن هناك حاجة لتأمين سيولة المعلومات عن القاطنين بالمناطق المتنازع عليها والمشتبه بهم، وملفات أمنية أخرى"، مؤكدا أن "مناطق عدة تحتاج إلى تنسيق، وخاصة مناطق شرق دجلة وخانقين".
وتتعامل الحكومة العراقية بحذر شديد مع هذا الملف الحساس، الذي يثير العرب والتركمان في تلك المناطق، وخاصة كركوك، والذين يرفضون عودة البشمركة إليها، بعدما أخرجت منها عقب دخول قوات الجيش العراقي و"الحشد الشعبي" إليها بعد استفتاء انفصال كردستان الذي أجري نهاية سبتمبر/أيلول 2017.
ويأمل الجانب الكردي بحل مشكلة إعادة انتشار البشمركة في المناطق المتنازع عليها، كما يطلبون، عقب إخراجهم منها منذ نحو عام ونصف العام، في ظل خطوات يصفونها بالإيجابية تجاههم، من قبل رئيس الحكومة عادل عبد المهدي.
وقال معاون رئيس أركان البشمركة لشؤون العمليات، اللواء قارمان كمال، في تصريح صحافي، إنّ "الطرفين ناقشا، أمس الاثنين، ملف مناطق النزاع في ديالى ومخمور وسهل نينوى وكركوك"، متوقعا أن "يتم تشكيل لجان مشتركة وإعداد دراسة شاملة لتقييم الأوضاع، وإمكانية إعادة تشكيل غرفة العمليات المشتركة بين الجيش والبشمركة في تلك المناطق، التي كانت موجودة قبل دخول داعش، وكان هناك تعاون أمني واستخباري كبير بين الجانبين".
ويجري ذلك في وقت تحدّث فيه مسؤولون عن زيارة مرتقبة لعبد المهدي إلى أربيل، لبحث الملفات العالقة بين الجانبين.
ويرى مراقبون صعوبة عقد اتفاق سياسي بين بغداد وأربيل بشأن إدارة تلك المناطق عسكريا.
وفي السياق، أكد الخبير السياسي عماد الحياني، لـ"العربي الجديد"، أنّ "عبد المهدي يسعى لحل هذا الموضوع وإعادة نسب معينة من البشمركة إلى تلك المناطق، لكنّ الموضوع ليس بيده".
وأوضح أنّ "قادة الحشد الشعبي وتحالفي البناء والإصلاح يرفضون تلك العودة، ولهم تأثير كبير على قرار عبد المهدي، ما يعني أنّ هذه المحاولات قد تواجه الفشل، إلّا في حال أجريت ضمن صفقات مشتركة".
وتعد مناطق النزاع، أو التي يسميها الأكراد "المناطق الكردستانية خارج حدود الإقليم"، وهي مناطق في كركوك وديالى والموصل وصلاح الدين، إحدى الأزمات العالقة بين بغداد وأربيل، ويختلف الطرفان حول إدارتها ونشر القوات العسكرية فيها.