وكشف مسؤول عراقي بارز في حكومة العبادي أن "أكثر من 8 آلاف مسلح عراقي تم إدراجهم مع الحشد الشعبي أخيراً من دون أن يشاركوا في أي معارك ضد داعش داخل العراق، ولم يشاركوا في معارك تحرير المدن شمال وغرب العراق، إذ كانوا يقاتلون في سورية، لدعم نظام بشار الأسد وتحت إشراف الحرس الثوري الإيراني وحزب الله". وأوضح "أنهم يتقاضون، للشهر الثالث على التوالي، مرتبات مالية، أسوة بعناصر الحشد الذين شاركوا في القتال داخل العراق، كما أن القتلى الذين سقطوا في سورية اعتُبروا شهداء، وصرفت لذويهم مخصصات حكومية، أسوة بأقرانهم الذين سقطوا في العراق خلال القتال ضد تنظيم داعش". وأوضح أن "هذه كانت إحدى نقاط الخلاف الرئيسية بين قادة الحشد الشعبي وزعماء سياسيين عراقيين مقربين من إيران، وبين رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، الذي رفض إدخالهم ضمن الحشد أو شمول ذويهم بالنفقات أو العلاج بالنسبة للجرحى، على اعتبار أنهم كانوا يقاتلون خارج البلد، رغم أن العراق كان بحاجة إليهم كباقي عناصر الحشد الذين شاركوا في قتال داعش، لكن الحكومة الحالية (برئاسة عادل عبد المهدي) مررت هذا الأمر، كمكافأة لهم على قتالهم في سورية دعماً لنظام الأسد".
وأكدت مصادر عراقية مقربة من "الحشد الشعبي" بقاء ثلاثة آلاف مسلح عراقي في سورية، ويطلق عليهم قوات الدعم والإسناد، وهم من عدة فصائل أبرزها حزب الله العراقي والنجباء والعصائب وكتائب سيد الشهداء وبدر والطفوف. وأوضحت "أنهم لا يشاركون في أي نشاط عسكري في الوقت الحالي، ويوجدون في معسكرات قوات النظام السوري، أبرزها معسكر الطلائع في حمص ومعسكر المزة قرب دمشق وموقع تابع للفرقة الرابعة بقوات النظام قرب قاسيون، وآخر قرب بلدة الكسوة وفي منطقة السيدة زينب بدمشق، وتحديداً في مركز لنقل الركاب مغلق منذ عام 2013". وشددت المصادر، لـ"العربي الجديد"، على "اعتبار المتبقين في سورية كقوات احتياط تحت عنوان تثبيت الاستقرار في سورية أو الدعم والإسناد، وأن العراقيين ستار الشويلي، المعروف باسم أبو طالب، وفلاح الخزعلي، الملقب أبو حسن، من بين القيادات الموجودة على الساحة السورية حالياً".
إلى ذلك، ما زال الغموض يلف 3 جثامين لعراقيين وصلوا إلى العراق، الأسبوع الماضي، قادمين من سورية، إذ يقول مقربون منهم إنهم قُتلوا من جراء تفجير قرب دمشق، إلا أن هناك شكوكاً حول مقتلهم نتيجة قصف طائرات الاحتلال الإسرائيلي لمعسكرات قرب دمشق. ومنذ السيطرة على الحدود العراقية السورية، العام الماضي، باتت عملية تنقّل الفصائل العراقية المسلحة براً من سورية وإليها، تتم عبر قوافل من سيارات رباعية الدفع وشاحنات عسكرية، ولا تخضع لأي عملية تفتيش. ويوجد على الأراضي السورية، منذ الأشهر الأولى لانطلاق الثورة السورية، 13 فصيلاً عراقياً مسلحاً، جميعها تعمل تحت إشراف الحرس الثوري الإيراني. وهذه الفصائل هي "لواء أبو الفضل العباس"، و"لواء أسد الله الغالب"، و"كتائب حزب الله العراق"، و"كتائب سيد الشهداء"، و"فيلق الوعد الصادق"، و"لواء كفيل زينب"، و"حركة النجباء"، و"قوات الشهيد محمد باقر الصدر" (منظمة بدر)، و"لواء ذو الفقار"، و"فوج التدخل السريع"، و"لواء الإمام الحسين"، و"لواء المؤمل" و"كتائب الثأر".
وبلغت بين العامين 2014 و2015 أعداد المقاتلين العراقيين في سورية ذروتها، إذ أشارت تقارير إلى وجود نحو 16 ألف عنصر مسلح شاركوا في معارك ضد فصائل المعارضة السورية في ريف دمشق والقلمون وحلب والغوطة الشرقية وحمص والقصير وريف إدلب وعدرا والنبك والبوكمال ودير الزور وريف دير الزور ومناطق حدودية مع العراق شرق دمشق. ووجهت لهم منظمات سورية وأجنبية "اتهامات بارتكاب جرائم قتل وتعذيب واغتصاب وسرقة بحق السوريين، إلى جانب مليشيات إيرانية وأفغانية تقاتل إلى جانب نظام الأسد". وفي 18 ديسمبر/كانون الأول 2016، دافع وزير الخارجية العراقي آنذاك، إبراهيم الجعفري، عن عدم قدرة الحكومة العراقية على منع مواطنيها من القتال إلى جانب نظام الأسد. وقال إنّ "العراق يرفض التدخّل في الشؤون الأمنية للدول الأخرى"، مضيفاً "لم نعط إذناً لأحد للذهاب إلى سورية، ولم يطلب منا أحد الإذن أو ترخيصنا". واعتبر أنّ "الحكومة العراقية لا تستطيع منع أحد من الذهاب للقتال في سورية أو أي دولة أخرى"، وأنّ وجود مقاتلين عراقيين في مدينة حلب هو بسبب "مساندة القوات السورية في محاربة الإرهاب"، وهو لا يعبّر عن الموقف الرسمي للحكومة، وأنّ "القانون والدستور العراقي لا يسمحان بتدخّل قوات عراقية خارج البلاد، لكنّنا نقف مع سورية وأي دولة تتعرّض للإرهاب".
ولم ينف القيادي في "الحشد الشعبي"، علي السلطاني، وجود مقاتلين عراقيين في سورية لدعم الأسد، لكنه أشار إلى "أنهم متطوعون ويعملون ضمن محور المقاومة، ولا علاقة لهم بالحشد الشعبي". واعتبر، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الساحتين، السورية والعراقية، واحدتان في مواجهة الإرهاب، ومن يقاتل في سورية هو في النهاية يؤدي نفس الغرض بقتاله في العراق، فالعدو واحد، إلا أن الموجودين في سورية اليوم هم في الأساس متطوعون جهادياً ولا يفكرون في أي منافع مادية". وحول عددهم، قال السلطاني "لا يمكن لأي جهة أن تقول إنهم ألف أو 50 شخصاً، فالمتطوع له أهل والتزامات في العراق والمعركة طويلة، ولا يمكن أن يبقى طوال الوقت في أرض الرباط السورية. ونرى أن التركيز عليهم وعلى وجودهم هناك له دوافع تصب في صالح الإرهاب والتحالف الصهيوني الأميركي" على حد وصفه.