ظريف يختتم زيارته لموسكو ويتجه لبكين: دعم الحلفاء بمواجهة واشنطن

30 ديسمبر 2019
ظريف ولافروف في مؤتمرهما الصحافي اليوم (Getty)
+ الخط -
أشارت تصريحات وزيري خارجية إيران وروسيا، محمد جواد ظريف وسيرغي لافروف، اليوم الإثنين، خلال مؤتمر صحافي مشترك في العاصمة الروسية، موسكو، إلى أنّ أبرز الملفات الإقليمية الساخنة، المرتبطة بالتوتر بين إيران والولايات المتحدة الأميركية والاتفاق النووي وأمن الملاحة بالخليج والضغوط الاقتصادية الأميركية على إيران، وقضايا أخرى كالأزمة السورية وملف إدلب وأوضاع ليبيا، كانت حاضرة خلال اللقاء المشترك، اليوم، وذلك قبل أن يشدّ ظريف رحاله نحو عاصمة الحليف الصيني، لإجراء مباحثات مماثلة مع نظيره هناك، بحثا عن مزيد من الدعم من الحلفاء في مواجهة الولايات المتحدة.

وقال وزير الخارجية الإيراني، خلال المؤتمر الصحافي، إن مباحثاته مع نظيره الروسي تناولت العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية، مشيرا إلى أن الطرفين "لديهما وجهات نظر مشتركة تجاه هذه المواضيع"، مع التأكيد على أن علاقات بلاده اليوم مع روسيا "في أحس حالاتها تاريخيا".


وأضاف ظريف، وفقا لما أوردته وكالات أنباء إيرانية، أن هذه العلاقات بين البلدين تكتسب اليوم أهمية كبيرة بالنسبة لإيران لتدعيم موقفها في مواجهة الولايات المتحدة، التي تفرض عليها أقسى أنواع العقوبات. وأكد أن طهران وموسكو تعملان لتعزيز التجارة البينية والتجارة الإقليمية والتجارة متعددة الأطراف عبر الاتحاد الأوراسي في مجالات الطاقة والتكنولوجيا، والنقل والكهرباء، واستخدام العملات الوطنية في التجارة والتخلص من الدولار الأميركي.

من جهته، أشار وزير الخارجية الروسي خلال المؤتمر الصحافي إلى أن التبادل التجاري بين إيران وروسيا "يشهد نموا بنسبة 25 في المائة". وأضاف أن "التعاون التجاري بين البلدين سيتطور أكثر على الرغم من العقوبات الأميركية"، معربا عن أمله بأن يصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى ملياري دولار قريباً.

الاتفاق النووي

وبخصوص الاتفاق النووي، أكّد ظريف أنّ السياسات "الأحادية" الأميركية في العالم، وسعي واشنطن لفرض "إرادتها" على بقية الدول، "يستدعيان تعاوناً واسعاً بين الدول"، مشيراً إلى أنّ إيران وروسيا "تتعاونان في هذا الصدد بإطار الاتفاق النووي وبقية المجالات".

وعن تطورات هذا الاتفاق، اتهم ظريف الأطراف الأوروبية الشريكة فيه بعدم الوفاء بالتزاماتها في مواجهة العقوبات الأميركية، وعدم اتخاذها "أي خطوة عملية"، إلا أنه أشار في الوقت ذاته إلى أن الدول الأوروبية دعمت الاتفاق النووي سياسيا. وحذر الوزير الإيراني أوروبا من المماطلة في تنفيذ تعهداتها، مؤكدا أن بلاده "لن تقبل أن يتم تنفيذ الاتفاق النووي من جانب واحد من قبل إيران وروسيا والصين"، داعيا الأطراف الأوروبية إلى القيام بالتزاماتها.

وفي السياق، عزا ظريف تقليص إيران تعهداتها النووية خلال أربع مراحل في الأشهر التسعة الماضية إلى هذا الموقف الإيراني الرافض لتنفيذ الاتفاق النووي بشكل منفرد، محذرا الأطراف الأوروبية من تفعيل آلية "فض النزاع"، معتبرا أن ذلك "خطأ كبير". يشار إلى أن من شأن تفعيل الآلية أن يعيد الملف النووي الإيراني إلى أروقة مجلس الأمن ويعيد فرض العقوبات الدولية على إيران.

ومن جهته، أكد وزير خارجية روسيا أن الاتفاق النووي يتضمن آليات إنقاذه "وهي موجودة على الطاولة"، واصفا السياسات الأميركية حول الاتفاق النووي بأنها "تتعارض مع كافة القوانين والقواعد الدولية". كما اتهم الاتحاد الأوروبي بأنه "لا ينفذ بالكامل تعهداته بالاتفاق النووي".


الملف السوري

وفي سياق حديثه عن التعاون الإيراني الروسي في الملفات الإقليمية، أشار ظريف إلى الملف السوري قائلا إن البلدين تعاونا "بشكل جيد جدا" في هذا الصدد "لخفض التوترات في سورية ووضع حد للأزمة"، مشيرا إلى تطورات عملية أستانة وتشكيل لجنة صياغة الدستور السوري.
وفي السياق، أعرب عن أمله بأن تستمر المباحثات بين مكونات اللجنة "بجدية وحسن نية".

وعرج ظريف على تطورات إدلب، معتبرا أن الأوضاع في هذه المحافظة "هشة للغاية"، داعيا إلى التعاون لتهدئة هذه الأوضاع عبر إنهاء وجود من وصفهم بـ"الإرهابيين" فيها.

وحول الملف السوري، قال وزير الخارجية الروسي أيضا إنه أجرى مع نظيره الإيراني مباحثات بشأن أوضاع سورية ومكافحة "الإرهاب" وعودة اللاجئين و"إعادة الإعمار"، مشيرا إلى أنها تناولت جهود البلدين في سورية حول هذه القضايا في إطار مباحثات أستانة.

الملاحة في الخليج

وعن التوترات في الخليج، أكد الوزيران أن طهران وموسكو لديهما مشاريع مشابهة لتحقيق الأمن في مياه الخليج، في إشارة من ظريف إلى مبادرة "السلام في هرمز" لبلاده، قائلا إن موسكو أيضا لديها مبادرة مماثلة. وقال إن المبادرتين تؤكدان على "ضرورة أن يكون الأمن الجمعي في الخليج مبنيا على التعاون وليس المواجهة والتهديد واستخدام القوة"، معربا عن أمله بأن تنضم دول المنطقة إلى المشروعين. فيما أكد وزير خارجية روسيا أنه ناقش مع ظريف خطة "السلام في هرمز وطرق تحقيقها". واتهم واشنطن بممارسة "تصرفات استفزازية" تجاه إيران، قائلا إن روسيا وإيران تدعوان إلى تكثيف الجهود لتحقيق الاستقرار بالخليج.

المف الليبي

وفي ما يخص ليبيا، التي دخل فيها الصراع الداخلي والإقليمي مرحلة خطيرة، دعا وزير الخارجية الروسي إلى وقف إطلاق النار فيها وضرورة بدء حوار شامل بين أطراف الأزمة للتوصل إلى "حل تقبله كافة الأطراف". وأكد لافروف، الذي تدعم بلاده خليفة حفتر في مواجهة حكومة الوفاق الوطني، المعترف بها دوليا، أن وقف إطلاق النار "يجب أن يكون من دون شروط مسبقة"، معربا في الوقت نفسه عن قلق بلاده بشأن وجود أفكار لفرض حظر جوي في ليبيا.


ظريف إلى الصين

وفي ختام زيارته إلى روسيا، كتب وزير الخارجية الإيراني في تغريدة على "تويتر" أنه سيتجه إلى العاصمة الصينية، بكين، للقاء المسؤولين الصينيين. وأشار المتحدث باسم الخارجية الصينية، غنغ شوانغ، اليوم الإثنين، خلال مؤتمر صحافي، إلى أن ظريف يزور الصين بدعوة من نظيره الصيني وانغ يي، قائلا إن المباحثات بين الطرفين ستتركز على "برنامج إيران النووي وقضايا أخرى ذات اهتمام مشترك".

يشار إلى أن زيارة ظريف لموسكو وتوجهه من هناك نحو بكين يأتيان على وقع معطيات إقليمية ساخنة، أهمها تصاعد التهديدات الإسرائيلية ضد الوجود الإيراني في سورية، والهجمات الإسرائيلية الأخيرة ضد المواقع الإيرانية في محيط منطقة عقربا، جنوب دمشق، واحتدام الحرب بين "الحوثيين" والتحالف السعودي الإماراتي، واستفحال الأزمات السياسية في لبنان والعراق، والهجمات الأميركية على مقرات "الحشد الشعبي" المتحالف مع إيران في العراق، أمس الأحد.

ويضاف إلى هذه الملفات اقتراب انتهاء المهلة الإيرانية الرابعة للأطراف الأوروبية في السادس من الشهر المقبل، بشأن تنفيذ تعهداتها بالاتفاق النووي، من دون قيام أوروبا بما تطالب به طهران، واعتزام الأخيرة تنفيذ المرحلة الخامسة لتقليص تعهداتها النووية، وكذلك مناورات "حزام الأمن البحري" المشتركة، التي أجرتها القوات البحرية الإيرانية والروسية والصينية، خلال الأيام الثلاثة الأخيرة في شمالي المحيط الهندي وبحر عمان، قبل أن تنتهي مساء أمس الأحد.

المساهمون