السيسي يتحسب لذكرى الثورة: تأهب أمني وتثبيت أسعار الوقود

28 ديسمبر 2019
انتشرت القوى الأمنية بكثافة في مختلف المرافق(محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -


مع اقتراب الذكرى التاسعة لثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 المصرية، يتخوّف النظام المصري من ردود فعل غاضبة في الشارع، ما دفع جهاز الأمن الوطني إلى رفع تقرير لمؤسسة الرئاسة أخيراً، يوصي بعدم رفع أسعار أي من السلع أو المنتجات الاستراتيجية، بل والعمل على خفضها ولو بصورة مؤقتة، إلى حين مرور ذكرى الثورة "على خير"، حتى لا تُستغل هذه القرارات من قبل العناصر "الإيثارية" في دعوة المواطنين للتظاهر احتجاجاً على الأوضاع المعيشية، وفق ما كشف مصدر أمني مطلع في وزارة الداخلية لـ"العربي الجديد". وأضاف المصدر أن وزير الداخلية اللواء محمود توفيق، أصدر تعليمات مشددة برفع حالة التأهب القصوى في كل أنحاء البلاد، استعداداً لاحتفالات أعياد الميلاد (7 يناير وفق التقويم القبطي) وذكرى الثورة (25 يناير)، منوهاً إلى أن التعليمات شملت نشر قوات التدخّل والانتشار السريع إلى جوار القوات الأمنية على مدار الساعة، ولا سيما في محيط الميادين والمناطق والمنشآت المهمة، لرصد ومراقبة الحالة الأمنية.

ويشهد ميدان التحرير في قلب القاهرة أعمال "تطوير" متواصلة منذ قرابة الشهرين، والتي من المتوقع أن تمتد إلى ما بعد ذكرى الثورة، بدعوى تحويل الميدان الأشهر في مصر إلى مزار أثري وسياحي، ضمن جهود الحكومة لتطوير القاهرة التاريخية، والتي تشمل نقل مسلة الملك رمسيس الثاني من منطقة "صان الحجر" الأثرية بمحافظة الشرقية إلى الميدان، وزرع العشرات من النخيل وأشجار الزيتون. ويعاني القاطنون في ميدان التحرير والشوارع المحيطة به، من تشديد أمني غير مسبوق، منذ أن تظاهر المئات في الميدان ضمن موجة احتجاجات 20 سبتمبر/أيلول الماضي، التي دعا إليها الممثل، المقاول محمد علي للمطالبة برحيل الرئيس عبد الفتاح السيسي من الحكم، وذلك بالتزامن مع أعمال تطوير يشهدها مبنى نقابة المحامين، ووضع نقابة الصحافيين "سقالات" على أدراجها منذ أشهر، لمنع أي تجمعات احتجاجية أمام النقابتين.

وفي السياق نفسه، كشف مصدر بارز في وزارة البترول المصرية، لـ"العربي الجديد"، أن لجنة التسعير التلقائي للوقود، المختصة بمراجعة أسعار بعض المنتجات البترولية بشكل ربع سنوي، تلقت تعليمات رئاسية بإعلان تثبيت أسعار البنزين لمدة ثلاثة أشهر مقبلة، اعتباراً من أول يناير المقبل بعد أن كان من المقرر زيادتها بنسبة طفيفة، وذلك تلافياً لأي ردود فعل غاضبة من المصريين قبل حلول الذكرى التاسعة للثورة.



وقال المصدر لـ"العربي الجديد"، إن لجنة التسعير المشكّلة بقرار من رئيس مجلس الوزراء "كانت تدرس فرض زيادة في أسعار بعض أنواع البنزين، بقيمة تراوح بين 25 و50 قرشاً لليتر، لتعويض قرار الخفض الذي اتخذته بواقع 25 قرشاً لليتر في 3 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، غير أن مؤسسة الرئاسة أبلغت وزير البترول، طارق الملا، عقب التعديل الوزاري الأخير، بعدم رفع أسعار الوقود خلال المرحلة الراهنة".

وتابع المصدر أن "قرار تثبيت السعر يستهدف قطع الطريق على وسائل الإعلام المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين، والتي كانت تنتظر زيادة السعر حتى تعمل، من خلال قنواتها التي تُبث من تركيا، على تأجيج المواطنين، لحملهم على النزول إلى الشارع في ذكرى ثورة 25 يناير، في احتجاجات شعبية مشابهة لتلك التي خرجت في سبتمبر الماضي، وأسفرت عن توقيف الآلاف من أنصار الجماعة الإرهابية".

وتحوم أسعار برميل النفط حول 68 دولاراً، بما يمثل زيادة طفيفة في الأسعار العالمية مقارنة بالأشهر الثلاثة الأخيرة، إلا أن هذه الزيادة قابلها تراجع في أسعار صرف الدولار أمام الجنيه في السوق المحلية، بما يدعم فرضية تثبيت سعر البنزين حتى نهاية مارس/آذار المقبل، وفقاً للمصدر، والذي أشار إلى رفع لجنة التسعير توصياتها إلى مجلس الوزراء لإقرارها، ومن ثم إعلان تطبيقها خلال الربع الأول من العام الجديد.

وتستهدف آلية تسعير المنتجات البترولية تعديل أسعار بيع بعض المنتجات البترولية في السوق المحلية، ارتفاعاً وانخفاضاً كل ربع عام، وفقاً للتطور الذي يحدث لأهم مؤثرين لكلفة إتاحة وبيع الوقود، وهما السعر العالمي لبرميل خام برنت، وتغير سعر الدولار أمام الجنيه، بخلاف الأعباء والتكاليف الثابتة، والتي تُعدل خلال شهر سبتمبر من كل عام، في ضوء اعتماد ميزانية العام المالي السابق من جانب الجهاز المركزي للمحاسبات.

يُذكر أنه في أعقاب تظاهرات جمعتي 20 و27 سبتمبر الماضي، سعى السيسي إلى تهدئة تلك الغضبة الشعبية، إثر عمق الهزة التي سببتها الاحتجاجات لأركان نظامه، من خلال إصدار بعض القرارات الاقتصادية لتبريد الشارع، ومنها تخفيض أسعار بعض منتجات البنزين والمازوت والغاز للسيارات والمنازل والمصانع، وإعادة 1.8 مليون مواطن تم استبعادهم من البطاقات التموينية الخاصة بهم.