وعند شرحه طبيعة المرحلة الرابعة لتخفيض بلاده تعهدات نووية جديدة، قال كمالوندي، إنه بناء على تعليمات رئيس الجمهورية حسن روحاني، "قمنا بضخ الغاز (US6) إلى 1044 جهاز طرد مركزياً في منشأة فوردو"، وهو العدد الذي يسمح الاتفاق النووي بإبقائه في المنشأة، إلا أنه ينص على تجميع عدد كبير من هذه الأجهزة وهي لا تعمل اليوم، ليقول المتحدث باسم الطاقة الذرية الإيرانية إن "فوردو لها جناحان، جناح يتضمن الأجهزة المستقرة فيها"، في إشارة إلى 1044 جهازاً، "وجناح فيه أجهزة الطرد المركزي المجمعة".
وفي السياق، أطلق كمالوندي تهديداً مبطناً باحتمال أن تعيد طهران هذه الأجهزة إلى الخدمة وتفعلّها، من خلال القول إنه "إذا قررنا تشغيل هذه الأجهزة، فلن تكون من طرازIR1، بل ستكون من أجهزة متطورة".
وأضاف كمالوندي أن عملية ضخ الغاز إلى 1044 جهاز طرد مركزي "قد تمت، وقمنا بالتخصيب عند مستوى 4.5 في المائة"، مشيراً إلى أن هيئة الطاقة الذرية "طالبت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بمعاينة مراحل العمل"، مؤكداً أن "مفتشي الوكالة غداً سيزورون مفاعل "فوردو" لفحص العينات".
ويحظر الاتفاق النووي قيام إيران بتخصيب اليورانيوم في هذا المفاعل لمدة 15 عاماً، وهذا ما أكد عليه كمالوندي خلال مؤتمره الصحافي اليوم، لكن السلطات الإيرانية كسرت هذا الحظر بتفعيله، من خلال إيصال المواد النووية إليه واستئناف عملية التخصيب فيه، بعد ضخ طنين من الغاز UF6 في أجهزته للطرد المركزي.
وتنظر الدول الغربية إلى منشأة "فوردو" بحساسية شديدة، كون النشاط فيها يسرّع من وتيرة الجوانب الحساسة في البرنامج النووي الإيراني.
وكشف المتحدث الإيراني أن بلاده "ستزيد من تخصيب اليورانيوم خلال الأيام المقبلة في "فوردو"، مشيراً إلى أنه بعد تفعيل هذه المنشأة "ترتفع وحدات الفصل المستخدمة في عملية التخصيب من 8 آلاف و600 وحدة (SWU) إلى 9 آلاف و500 وحدة"، قائلاً إنه بهذا العدد "نكون قد اقتربنا من العدد الذي وصلنا إليه قبل التوقيع على الاتفاق النووي" بعام 2015.
وبدا في تصريحات كمالوندي أن إيران لن تكتفي بتفعيل "فوردو"، بل إنها بصدد القيام بخطوات نووية جديدة، مشيراً في السياق إلى أن "غداً الأحد يوم مهم، حيث سنضع الحجر الأساس لبناء محطة "بوشهر" الثانية"، جنوبي البلاد بالقرب من الخليج، وستكون جاهزة للعمل بعد 6 أعوام تقريباً، بحسب قوله، قبل أن يكشف أن هذه الخطوة سيعقبها البدء في بناء محطة ثالثة.
رفع العقوبات أولاً
من جهته، قال مساعد وزير الخارجية الإيرانية للشؤون السياسية، عباس عراقجي، من موسكو، إن بلاده مستعدة للعودة إلى "تنفيذ كامل تعهداتها" النووية بموجب الاتفاق النووي "إذا رفعت العقوبات" الأميركية.
واعتبر عراقجي، اليوم السبت، في حديث مع وكالة "إرنا" الإيرانية الرسمية، أن "الأولوية حالياً هي لرفع العقوبات النفطية والمصرفية"، مشيراً إلى أن ذلك "يوفر إمكانية عودة إيران إلى تنفيذ تعهداتها بالكامل، وإمكانية إجراء مباحثات بشأن ذلك لتستفيد إيران أيضاً بالكامل من الاتفاق النووي".
وأكد عراقجي أن مواقف طهران "واضحة وهي أظهرت إرادتها بوضوح"، مهدداً بأنه "إذا لم تُنفّذ مطالبنا، سنستمر في تقليص تعهداتنا النووية".
طرد مفتشة أممية
في جانب آخر من كلمته في المؤتمر الصحافي، أشار المسؤول النووي الإيراني إلى قضية مفتشة دولية، أثارت واشنطن ضجة بشأنها خلال الأيام الأخيرة، بعدما قررت إيران منعها من دخول مفاعل "نطنز" النووي قبل أسبوع، ملغية اعتمادها لتغادر الأراضي الإيرانية متوجهة نحو فيينا. وقال كمالوندي إن المفتشة "كانت تحمل مواد مريبة، أطلقت أجهزة الإنذار تحذيراً حولها عند مرورها منها"، مضيفاً أن "بلاده أبلغت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتفاصيل الأمر"، قائلاً إن "الجميع اقتنع بتقرير إيران إلا أميركا والكيان الصهيوني".
وأضاف أن "بعضهم أراد استغلال الموضوع لاتهام إيران بعدم الالتزام بالحصانة" التي يحظى بها مفتشو الوكالة الدولية، معتبراً أن طهران "عملت بموجب حقوقها وتصرفها كان قانونياً، وأن الحصانة لها حدود وقيود".
وفي السياق، لفت إلى "تجارب مريرة" مرت بها إيران في هذا الصدد، لم يكشف عنها، لكن يبدو أنه يشير إلى محاولات سابقة لتعطيل المنشآت النووية الإيرانية واختراقها، مثل نقل فايروس "ستوكس نت" إلى مفاعل "نطنز" عام 2010، تقول مصادر إيرانية وغربية إنها انتقلت إلى أجهزة المفاعل من خلال مفتشين أمميين.
وعليه، شدد كمالوندي على أنه "على ضوء هذه التجارب السيئة، قمنا بتشغيل جهاز مراقبة قوي ومتطور للغاية، للحيلولة دون وقوع مكروه"، مضيفاً أن "هذه المراقبة تهدف إلى منع وقوع حادث لهذه الصناعة المهمة". إلا أنه أكد في الوقت ذاته أنه "لم نحدث تغييراً في عمليات التفتيش للوكالة ونرحب بها"، لكنه قال إن ذلك "شريطة أن يكون التفتيش لأجل التفتيش وليس بهدف التخريب والحصول على معلومات... نحن واعون وحذرون".
وكانت إيران قد أطلقت الأربعاء الماضي إجراءات تنفيذ المرحلة الرابعة لتخفيض تعهداتها النووية، بعد نقل كميات كبيرة من الغاز إلى منشأة "فوردو"، إلى أن دشنت المرحلة رسمياً في الساعة الأولى من فجر الخميس، بضخها إلى أجهزة الطرد المركزي فيها، البالغ عددها 1044 جهازاً.
وجاء تنفيذ المرحلة الجديدة لتقليص المزيد من التعهدات النووية بعد انتهاء مهلة الستين يوماً الثالثة، الأربعاء الماضي، منحتها إيران قبل شهرين للأطراف الأوروبية لتنفيذ التزاماتها الاقتصادية بعد الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي، وما تبعه من عقوبات اقتصادية شاملة صفرت منافع إيران من الاتفاق.