العاصمة الإدارية لمصر: مشروع السيسي في أزمة

02 نوفمبر 2019
تراجعت شركات أجنبية عن العمل بالعاصمة الإدارية(محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -
كشفت مصادر خاصة في وزارة الإسكان المصرية عن تأجيل طرح المرحلة الثانية من العاصمة الإدارية الجديدة، التي يسعى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لنقل دوائر الحكم والوزارات إليها، بسبب فشل المفاوضات بين الشركة التي تدير العاصمة وعدد من المطورين العقاريين والشركات العالمية. وقالت المصادر، التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، إنه تم إرجاء طرح 14 ألف فدان في العاصمة الإدارية، والتي كانت مقررة لإطلاق المرحلة الثانية من المشروع الذي يكلف الدولة المصرية مئات المليارات من الجنيهات. وأضافت المصادر أن السبب الأساسي لتأجيل طرح المرحلة الثانية من المشروع هو فشل المفاوضات مع عدد من الشركات الكبرى، نتيجة لأسباب سياسية، موضحة أن دراسات جدوى وعدم الاستقرار السياسي كانت وراء تراجع تلك الشركات. وقالت المصادر إن الشركات الكبرى ترى أن استمرار الزخم حول مشروع العاصمة الإدارية وتحقيقه لأهدافه مرتبط بشخص الرئيس المصري الحالي، والذي يعتبر العاصمة الإدارية الجديدة مشروعه الشخصي، وهو ما يعني أن أي تغيير في النظام السياسي الحالي سيؤدي إلى توقف الدعم الحكومي والرسمي للمشروع، وهو ما سيترتب عليه خسائر فادحة.

في المقابل، علّقت مصادر اقتصادية في القطاع العقاري على المعلومات الخاصة بإرجاء طرح المرحلة الثانية من المشروع، قائلة إنه للأسف فإن معظم الشركات العقارية العاملة في العاصمة تعاني من أزمة شديدة، بسبب توقف عمليات الحجز في مشاريع الإسكان في المدينة الجديدة في أعقاب الظروف السياسية الأخيرة، في إشارة إلى التظاهرات الرافضة لبقاء السيسي، والدعوات المطالبة برحيله. وتابعت أن "أي اضطرابات سياسية بالأساس تؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد، لكن بشكل خاص، فإن العاصمة الإدارية تُعد حالة منفصلة، لأن كافة المستثمرين هناك لم يتجهوا لها إلا بعد تبنّي الرئيس بشكل شخصي للمشروع وتوجيهه تعليمات مباشرة للحكومة والهيئة الهندسية بالقوات المسلحة بسرعة الانتهاء منها". وأكدت المصادر أن "الأوضاع السياسية الأخيرة، واستشعار الفئات التي كانت تسعى للشراء في المشروع بالخطر على مستقبل النظام، أدت لتوقفه"، مشددة على أن كافة بحوث السوق التي أجرتها عدة شركات عاملة هناك انتهت إلى نتائج كارثية على المستثمرين.

وكان النظام المصري يعمل جاهداً لسرعة نقل موظفي الوزارات الحكومية إلى العاصمة الإدارية التي تكلف الدولة مئات مليارات الجنيهات، بنهاية العام 2020، وسط جدل واسع بين الاقتصاديين حول جدوى المشروع. وفي هذا الصدد، كشف مصدر رسمي في وزارة الخارجية المصرية عن طلب جهات عليا في الدولة الوساطة من القيادة السياسية في دولة الكويت، لدى عدد من الشركات الكويتية العاملة في مصر، لسحب دعاوى تحكيم دولية أقامتها ضد الحكومة المصرية، بعد إعلانهم الانسحاب من تنفيذ مشاريع عملاقة في العاصمة الإدارية، نتيجة مخالفات من جانب الجهات المشرفة على المشروع. وقال المصدر إن 10 شركات كويتية انسحبت من مشروع العاصمة الإدارية على مدار العام ونصف العام الماضي، وأقامت دعاوى تحكيم دولي للحصول على تعويضات من الحكومة المصرية نظير ما تعرضت له من خسائر، بعد خلافات مع الجهات المسؤولة عن التنفيذ، والمتمثلة في هيئة المجتمعات العمرانية، والهيئة الهندسية للقوات المسلحة، لافتاً إلى أن الشركات العشر كانت تعمل في مجال البنية التحتية، ومشاريع الإسكان الفاخر، وجرى تغيير من جانب الجهات المسؤولة في بعض شروط التعاقد المنصوص عليها في العقود.

وبحسب المصدر، فإن هناك مخاوف كبيرة لدى الحكومة المصرية من خسارة التحكيم، قائلاً "في هذه الحالة ستتكبد خزينة الدولة غرامات بمليارات الجنيهات". وأضاف المصدر الرسمي أن طلب الوساطة تدخل فيه السيسي شخصياً، مشيراً إلى أن الرئيس المصري أثار هذا الملف خلال لقائه أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أثناء زيارته الأخيرة للكويت.

يأتي ذلك في وقت تراجع فيه عدد من الشركات الأجنبية عن الاستثمار والعمل في مشروع العاصمة الإدارية، والتي كان في مقدمتها شركة إعمار الإماراتية، التي جاء تراجعها في وقت سابق بعدما أعلنت الحكومة المصرية عن دخول الشركة العملاقة للاستثمار في المشروع بشكل رسمي. وكذلك تراجعت مجموعة من الشركات الصينية، في وقت اكتفت فيه شركة "CSCEC" الصينية بتنفيذ منطقة الأعمال المركزية، والتي يتم بناؤها بقرض قيمته 3 مليارات دولار مقدم من صندوق التنمية الصيني، وليس استثمارات مباشرة، حيث تنفذ الشركة 20 برجاً بها، متعددة الأنشطة والاستخدامات، يتوسطها البرج الأيقوني، والذي سيعد أعلى برج بأفريقيا حال اكتمال بنائه، بارتفاع 385 متراً.

وفيما أكد المتحدث باسم العاصمة الإدارية الجديدة العميد خالد الحسيني، أخيراً، أن "الدولة لم تدفع مليماً واحداً للعاصمة الإدارية الجديدة، وأن تمويل المشروع ذاتي"، أعلنت هيئة المجتمعات العمرانية، ضخ 7 مليارات جنيه (نحو 434 مليون دولار) إضافية في الإنشاءات الخاصة بمشاريعها خلال الربع الأول من العام المالي الحالي. وتعد هيئة المجتمعات العمرانية إحدى الهيئات الرسمية التابعة لوزارة الإسكان، والتي تتحصل على تمويلها من الموازنة العامة للدولة المخصصة للوزارة. وبحسب رئيسة الإدارة المركزية لتنمية وتطوير المدن في الهيئة المهندسة عبير عبد الرحمن، فإن المليارات السبعة التي تم ضخها أخيراً جاءت لتنفيذ مشاريع الحي السكني، ومنطقة الحديقة المركزية، المعروفة باسم "النهر الأخضر"، مشيرة إلى أن مساحة الحي الثالث تبلغ نحو ألف فدان، وتضم 697 عمارة سكنية بإجمالي 20 ألف وحدة، بالإضافة إلى 328 فيلا، و157 توين هاوس (منزل بطابقين)، و64 مبنى مختلطاً، بإجمالي 2560 وحدة سكنية، و103 آلاف وحدة تجارية وإدارية. وتبلغ مساحة العاصمة الإدارية الجديدة 170 ألف فدان، مقسمة على 3 مراحل، وتبلغ مساحة المرحلة الأولى نحو 40 ألف فدان.

المساهمون