إجراءات أمنية مشددة بمحيط السفارة الإيرانية في بغداد: ممنوع اقتراب المتظاهرين
وبادرت السلطات الأمنية العراقية بقطع الشوارع المحيطة بالسفارة، ونشر تعزيزات عسكرية كبيرة جدا في محيطها حتى باتت منطقة معزولة وشبه عسكرية، وسط تعليمات بمنع اقتراب المتظاهرين منها على اعتبارها منطقة محرمة عليهم.
وفي ليل أمس، ومع وصول آلاف المتظاهرين، حاول المئات منهم الاندفاع نحو جسر السنك على نهر دجلة والمؤدي مباشرة إلى مبنى السفارة في منطقة الصالحية وسط بغداد وعلى مقربة أيضا من "المنطقة الخضراء"، مع ترديد شعارات ضد النفوذ الإيراني وتحديدا زعيم "فيلق القدس" بالحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، والمرشد الإيراني علي خامنئي، لكن قوات أمن عراقية تتواجد بكثافة عند ما بات يعرف محليا في العراق بحاجز الصد الأول على جسر السنك وأطلقت قنابل الغاز ثم الرصاص الحي ما تسبب بوقوع قتيل واحد ونحو 70 مصابا أغلبهم اختناقا بالغازات.
وبحسب أحد المتظاهرين فإن محاولة عبور جسر السنك جاءت بعد تعذر العبور على جسر الجمهورية المجاور، و"النية كانت توجيه رسالة رفض لتصريحات خامنئي حول العراق ووصفنا بالشغب"، وفقا لقوله.
من جهته، أكد الناشط المدني، معد العامري، لـ"العربي الجديد"، أن "عملية القمع ورد فعل قوات الأمن تؤكد أنهم تلقوا تعليمات مسبقة بقتل أي عراقي يفكر بالعبور إلى المنطقة التي تتواجد فيها السفارة"، وتابع "نسمع أن مع قوات الأمن العراقية هناك عناصر من الخراساني وكتائب حزب الله وأمنية الحشد لحماية السفارة ولا نعلم دقة ذلك لكن شاهدنا ملثمين ولحى وقوات الأمن تمنع تربية (إعفاء) اللحية للمنتسبين لذا قد يكون ذلك صحيحا".
وأوضح أن "القتيل والمصابين وحالات الاختناق وقعت قبل أن يصل المتظاهرون حتى لربع مسافة الجسر الأول من صوب الرصافة، وهناك ثلاثة حواجز على الجسر للعبور إلى الكرخ ورغم ذلك رد الفعل كان وحشيا والشاب الذي قتل يدعي عمار كاظم من مواليد 1999 وهو طالب جامعي في المرحلة الأخيرة من كلية الإدارة والاقتصاد".
وتقع السفارة الإيرانية في قلب العاصمة بغداد، وعلى ضفة نهر دجلة من جانب الكرخ قرب "المنطقة الخضراء" ويفصل بينها وبين ساحة التحرير نهر دجلة، الذي أغلقت جسوره بحواجز إسمنتية وبشرية من عناصر الأمن.
من جهته، قال ضابط في قيادة عمليات بغداد، وهي الجهة المسؤولة عن إدارة الملف الأمني في العاصمة بغداد، إن "التعليمات صدرت من الجهات العليا بتوفير الحماية للسفارة ومنع اقتراب المتظاهرين منها بكافة الوسائل، ونعتقد أن هناك مندسين يحاولون التسبب بمشاكل من هذا القبيل"، مبينا لـ"العربي الجديد"، "هناك حراس في السفارة، كما أن أعدادا أخرى مستقرون في عدد من المنازل المحيطة بالسفارة وقد تتسبب أي محاولة للاقتراب منها بحوادث، وتصدي الأمن البارحة لمحاولة عبور جسر السنك يمكن اعتباره أنه لحماية المتظاهرين أيضا"، على حد قوله.
وتتخذ كل تلك الإجراءات المكثفة حتى مع علم الحكومة بسلمية التظاهرات، وأن المتظاهرين ليس لديهم أي سلاح، وهم لا يملكون سوى أصواتهم وهتافاتهم. ويرى مراقبون أن تلك الإجراءات تأتي حرصا من إيران للتكتم على الرفض الشعبي العراقي لها، ومن كافة أطياف الشعب العراقي من دون استثناء.
وقال الخبير في الشأن السياسي العراقي، عبد اللطيف العلوان، إن "رفض الشعب العراقي لإيران الذي تصاعدت حدته في بغداد والمحافظات الجنوبية أخيرا، أثار غضب الجانب الإيراني، سيما وأن المتظاهرين وجهوا شعارات لدولة الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة مع إيران ووضعوها في خانة واحدة"، مبينا أن "الجانب الإيراني يخشى من وصول المتظاهرين لسفارته واقتحامها، لذا عزل المنطقة بالكامل عنهم".
واعتبر الإجراءات الأمنية في منطقة السفارة بأنها "غير منطقية"، وتابع "يتوقع المقترب منها أنها عبارة عن ثكنة عسكرية منذ بداية التظاهرات وحتى الآن، فالشوارع مقطعة بالحواجز الكونكريتية، وخلفها الأسلاك الشائكة، وعلى جانبيها عناصر أمن ملثمون، وسط صمت مطبق في شوارعها التي تخلو حتى من المارة إلا من العسكريين، الذين يحملون هويات خاصة تسمح لهم بالوجود بالمنطقة لأجل المراقبة والرصد".