القضية الفلسطينية في مجلس الأمن مجدداً... ولا توقعات كبيرة

27 أكتوبر 2019
عجز مجلس الأمن عن تنفيذ عشرات القرارات الدولية (الأناضول)
+ الخط -

يأتي اجتماع مجلس الأمن الدولي في نيويورك، اليوم الإثنين، تحت بند "الوضع في الشرق الأوسط بما فيه القضية الفلسطينية"، وسط استمرار معاناة الفلسطينيين والاستيلاء على أراضيهم وحبس الآلاف وتجويعهم وحصارهم من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي. كما يأتي وسط استمرار الانقسام الفلسطيني، الذي وصفه سفير جنوب أفريقيا في الأمم المتحدة، ورئيس مجلس الأمن للشهر الحالي، جيري ماجيلا، في حديث مع "العربي الجديد"، بأنه واحد من المعوّقات الأساسية لمواجهة الاحتلال.

وتعود أهمية هذا الاجتماع الشهري في مجلس الأمن لأسباب عدة، من بينها إعادة تسليط الضوء على الوضع على الأرض، كما إظهار الإجماع الدولي، باستثناء بعض الدول كالولايات المتحدة، حول دعم القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، وتسليط الضوء إعلامياً بشكل معمّق على ما يحدث وغيرها. لكن مجلس الأمن الدولي يبقى عاجزاً عن تنفيذ عشرات القرارات الدولية الملزمة التي اتخذها، أو يبقى منقسماً على ذاته في مرات أخرى، عندما تستخدم الولايات المتحدة الفيتو ضد قرارات تدين الاحتلال.

وسيقدّم مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف، إحاطته أمام المجلس عبر دائرة متلفزة من القدس المحتلة. ومن المتوقع أن يتحدث عن آخر التطورات على الأرض، بما في ذلك استمرار هدم البيوت ومصادرة الأراضي ومعاناة الغزيين والانقسام الفلسطيني وقضية أموال الضرائب. وسيتطرق بشكل مقتضب إلى آخر التطورات في لبنان والمنطقة عموماً. ويرجح أن يستمر الاجتماع لساعات، إذ ستقدّم الدول الأعضاء الخمس عشرة في مجلس الأمن، إضافة إلى دول أخرى، إحاطاتها ومواقفها.

ومن المتوقع أن تشهد الجلسة مداخلات قوية تنتقد السياسات الإسرائيلية، ليس فقط من قبل عدد من الدول الأعضاء الداعمة للقضية الفلسطينية، من بينها جنوب أفريقيا والكويت، بل كذلك من قبل دول أوروبية وغربية، كفرنسا وروسيا والصين. أما السفيرة الأميركية في مجلس الأمن كيلي كرافت، فسيكون هذا اجتماعها الثاني المتعلق بالقضية الفلسطينية أمام المجلس منذ توليها منصبها قبل قرابة الشهرين. وكانت قد اتهمت، كما سابقتها نيكي هيلي، مجلس الأمن بالانحياز للفلسطينيين، خلال جلسته الأخيرة حول الموضوع الشهر الماضي. ولم تتطرق بكلمة واحدة إلى الخطة الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية، المعروفة إعلامياً بـ"صفقة القرن"، التي تم تأجيل الإعلان عنها في أكثر من مناسبة، وتقوم بلادها بتنفيذها على أرض الواقع عن طريق نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة وقطع المساعدات عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينية "أونروا" وإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن وغيرها. وعن تعاملها مع الملف الفلسطيني في الأمم المتحدة، قالت كرافت "لا يوجد لإسرائيل صديق أفضل من كيلي كرافت". وبعد أن وجّهت الاتهامات للدول الأعضاء في الأمم المتحدة بعدم معاملة إسرائيل بطريقة عادلة، تحدثت السفيرة الأميركية عما سمته "الإنجازات الإسرائيلية المدهشة في الديمقراطية، وحقوق الإنسان، وقوتها الاقتصادية".


وفي ظل عجز مجلس الأمن تجاه القضية الفلسطينية، يُطرح تساؤل عن إمكان تحرك هيئات أخرى داخل الأمم المتحدة، لاتخاذ قرارات أو تحركات لا تحتاج إلى قرار من المجلس؟ في هذا السياق، قال المقرر الخاص لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة ديفيد لينك، في تصريح لـ"العربي الجديد" في نيويورك، إنه "لا بد من الاعتراف بوجود عقبات مؤسساتية داخل مجلس الأمن تحول دون اتخاذ خطوات تنفيذية وإنهاء الاحتلال. لكن هناك جهازين آخرين يمكنهما اتخاذ خطوات أوسع، إن توفرت الإرادة السياسية، وهما الجمعية العامة ومجلس حقوق الإنسان، وقد قاما بذلك في أكثر من مناسبة وعملهما مهم وضروري". وأضاف متسائلاً "لماذا لا تقوم الجمعية العامة بتقديم طلب لمحكمة العدل الدولية بتقديم الأخيرة رأيها بقانونية، أو عدم قانونية، الاحتلال، وما هي مسؤولية دول ثالثة لتطبيق حقوق الإنسان، أسوة بما قامت به الجمعية العام عام 2003 عندما طلبت من المحكمة أن تقدم رأيها حول قانونية الجدار العازل، وقدًمت المحكمة رأيها وكان له أهمية كبرى؟"، متابعاً "بالنسبة لي هؤلاء الذين يريدون أن يتحركوا (داخل الأمم المتحدة) قدماً يجب أن ينظروا إلى ما هو متاح وممكن أمامنا".

ورداً على سؤال حول قضايا الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي واحتجازهم، خصوصاً القاصرين منهم، قال لينك "هذا موضوع مُهم، وأتابعه بشكل دائم. وكتبت في أكثر من مناسبة عن الموضوع، وهو يحتل حيزاً كبيراً من جهودي، فيما أمور عديدة، من بينها وجود عدد كبير من الفلسطينيين المحتجزين في السجون الإسرائيلية، ناهيك عن الأحكام القاسية التي تصدر بحقهم، والتي لا تتناسب مع الجرم المرتكب بحسب المتعارف عليه دولياً، كما احتجاز القصر من دون محاكمات". وأضاف "يوجد في أي وقت بين 30 و60 طفلاً معتقلين في السجون الإسرائيلية لرمي الحجارة، أو مخالفات بسيطة أخرى، واحتجاز القُصر والأطفال لا يجوز إلا كإجراء أخير لا بديل عنه". وانتقد لينك السلطات الإسرائيلية، ودان اقتحامها لمركز الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين "الضمير" في رام الله ونهبها محتوياته والوثائق المتعلقة بالأسرى.

يُذكَر أن لينك كان قد قدّم إحاطته قبل أيام أمام اللجنة الثالثة التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، مُتهماً فيها المجتمع الدولي بعدم اتخاذ الخطوات اللازمة لوقف ممارسات إسرائيل. وقال إن الإفلات من العقاب هو الذي شجع إسرائيل على الاستمرار في ممارساتها وانتهاك القانون الدولي وبناء المستوطنات والتوسع بها. وحمّل المجتمع الدولي المسؤولية والالتزام القانوني لإجبار إسرائيل على إنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، كما محاسبة إسرائيل على خروقاتها للقانون الدولي. وتحدث عن الوضع في غزة مطولاً، واصفاً إياه بالكارثي، قائلاً إن الكارثة في غزة من صنع الإنسان، ونتيجة للحصار الإسرائيلي البري والبحري والجوي على القطاع، والذي وصل إلى عامه الثاني عشر. وأشار لينك، في تقريره، إلى إن الأمين العام السابق للأمم المتحدة كان قد لاحظ أن الحصار المفروض على غزة هو نوع من أنواع العقوبات الجماعية المحظورة صراحة بموجب المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949. ووصف الوضع الاقتصادي في غزة بأنه تحول من أزمة حادة إلى أزمة خطيرة. وأشار إلى الأزمة الاقتصادية الحادة والفقر والمعاناة الشديدة التي يعاني منها أهل القطاع، لافتاً إلى خطورة تعرض غزة لتخفيضات في المساعدات الإنسانية، بما فيها المساعدات المخصصة لـ"أونروا". كما لفت إلى أن نصف سكان غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وإلى ارتفاع معدل البطالة ليصل إلى أكثر من 50 في المائة، كما أن 70 في المائة من الشباب في غزة دون الثلاثين بلا عمل. وأكد أن نظام الرعاية الصحية على حافة الانهيار، وأن المياه الصالحة للشرب غير متوفرة بسهولة، إضافة إلى عدم توفر الكهرباء والطاقة إلا بشكل محدود جداً.

المساهمون