قالت مصادر قانونية مقربة من رئيس الأركان المصري الأسبق، الفريق سامي عنان، إن محكمة الجنايات العسكرية المصرية أصدرت، في جلسة سرية مساء الأحد، حكماً مبدئياً بسجن عنان لمدة أربع سنوات عن تهمة تزوير استمارة الرقم القومي، والتي ورد فيها أنه فريق سابق بالقوات المسلحة ولم يذكر أنه مستدعى.
كما قضت محكمة الجنح العسكرية بحبس الفريق عنان 6 سنوات عن مخالفة الانضباط العسكري، وذلك بالإعلان عن نيته الترشح لرئاسة الجمهورية، وتحدثه عن أحوال البلاد، ليكون مجموع الأحكام عشر سنوات.
وعلم "العربي الجديد" أن السلطات المصرية أصدرت أوامر لوسائل الإعلام بحظر نشر أي معلومات خاصة بالقضية، بينما قالت مصادر قانونية، لـ"العربي الجديد"، إنه حكم مبدئي لم يتم التصديق عليه حتى الآن، وإن أسرته ربما مازال لديها أمل في عدم تصديق الأحكام.
ويذكر أن التصديق يتم بقرار وزير الدفاع، أو من ينيبه، وإذا لم يتم التصديق تعاد المحاكمة.
وكانت مصادر مقربة من عائلة رئيس أركان الجيش المصري الأسبق، المحبوس حالياً على ذمة اتهامه بنشر أخبار ومعلومات كاذبة من شأنها تكدير السلم العام والتحريض على مؤسسات الدولة، قد كشفت لـ"العربي الجديد" عن مفاوضات بين عنان والقضاء العسكري لتسوية القضية الخاصة بتحقيق ربح غير مشروع خلال فترة رئاسته للأركان.
وجاء ذلك بعد انتهاء مصلحة الخبراء التابعة لوزارة العدل من إعداد تقارير محاسبية مفصلة عن عمليات إنشاء بعض دور واستراحات الدفاع الجوي التابعة للجيش، ارتباطاً باتهامات يواجهها عنان ونجله سمير في قضية الكسب غير المشروع القائمة على عشرات البلاغات كانت مجمدة منذ عام 2012 في وقائع تتعلق بالفساد واستغلال النفوذ والتربح من تجارة أراضي حصل عليها عنان بحكم وظيفته العسكرية.
وكانت النيابة العسكرية قد أخلت سبيل عنان في هذه القضية مع استمرار حبسه في قضية مخالفة الاستدعاء العسكري بإعلان ترشحه للرئاسة، ثم قضية تزوير بياناته وإدراج اسمه في قاعدة بيانات الناخبين، كما حبست نجله سمير عدة أيام لحين دفع كفالة لكليهما بلغت نحو مليوني جنيه، على ذمة اتهامهما بالكسب غير المشروع والفساد المالي.
وذكرت المصادر أن عنان عرض التبرع بعدد من ممتلكاته العقارية لصالح الجيش، لكن القضاء العسكري يرفض هذا التبرع باعتباره يعد تهرباً من الاتهام، ومازال يحاول إجباره على تقديم طلب للتصالح مقابل إسقاط العقوبة، وهو ما يخشى عنان أن يكون تكئة لفتح قضايا أخرى له، لأنه يصر على صحة موقفه القانوني وأنه لم يرتكب مخالفات.
ولا تحقق النيابة العسكرية فقط في فترة رئاسة عنان للأركان، بل تحقق كذلك في الصلة بين تضخم ثروته وإمكانية وقوع مخالفات مالية في إنشاء بعض الدور والأندية التي كان عنان مشرفاً على إنشائها خلال رئاسته سلاح الدفاع الجوي، حيث كانت إدارة كل سلاح تتولى التصرف في الأموال المخصصة لها لإنشاء مشروعات ذات طبيعة استثمارية ربحية تدر دخلاً لصناديق رعاية أعضائها صحياً واجتماعياً، فضلاً عن التحقيق في مخالفات مالية قديمة بشأن منتجعات تابعة لسلاح الدفاع الجوي، ثم منتجعات مغلقة تابعة لقيادة الجيش، كان عنان يتولى إدارتها مالياً بتفويض من وزير الدفاع آنذاك المشير حسين طنطاوي.
ويتضمن هذا الملف اتهاماً لعنان بممارسة أعمال "سمسرة" للتربح من إعادة بيع أراضٍ كانت مخصصة للجيش وتقرر التصرف فيها، وكذلك من عمليات شراء و"تسقيع" أراضٍ بور لإعادة بيعها بعد دخولها للحيز العمراني، استغلالاً للمعلومات التي كان يتحصل عليها مبكراً عن خطط التوسع العمراني في مناطق الساحل الشمالي غرب الإسكندرية، بالتنسيق مع وزير الإسكان الأسبق محمد إبراهيم سليمان.
ويملك عنان وزوجته ونجله حالياً مجموعة متنوعة بين العقارات والمزارع والأراضي الفضاء بمارينا وسيدي كرير والقاهرة الجديدة وطريق مصر- الإسكندرية الصحراوي، بعدما كان كل ما يملكه قبل 20 عاماً شقة بعمارات الضباط بمنطقة الرماية بالجيزة.
وأوضحت المصادر أن عنان يرى أن هذه القضية أخطر عليه وعلى أسرته من القضيتين الأخريين المحبوس على ذمتهما، والخاصتين بمخالفة القواعد العسكرية بالترشح دون إذن لرئاسة الجمهورية وهو ضابط مستدعى للخدمة، والتلاعب في بياناته الشخصية وإشاعة أخبار وبيانات كاذبة عن انهيار اﻷوضاع الاقتصادية في مصر.
وكانت المصادر نفسها قالت لـ"العربي الجديد" العام الماضي إن بعض أفراد أسرته تلقوا تهديدات من شخصيات عسكرية نافذة بأنه سيدان بحكم بالسجن 6 سنوات إذا لم ينفذ بعض الأمور المطلوبة منه، والتي نقلت له من خلال قادة سابقين مقربين لعنان وتجمعهم علاقة جيدة بعبد الفتاح السيسي.
ولا يقيم عنان حالياً في السجن الحربي شرق القاهرة أو مستشفى المعادي للقوات المسلحة، التي أقام بها فترة طويلة منذ اعتقاله في 23 يناير/ كانون الثاني الماضي، بل تم نقله مؤخراً إلى منزل تحت حراسة كاملة داخل منطقة عسكرية في القاهرة الجديدة، ويُسمح لأبنائه بزيارته 3 مرات أسبوعياً، كما يُسمح لبعض زملائه العسكريين بقضاء وقت معه بالداخل في إطار المفاوضات لإنهاء هذا الموقف، كما يقيم معه فريق طبي متخصص لمتابعة حالته الصحية المتردية منذ أغسطس/ آب الماضي.
وكان عنان قد خضع لعملية جراحية في مستشفى المعادي العسكري جنوب القاهرة في أغسطس/ آب الماضي، بعد فترة من تأرجح الحالة الصحية ودخوله وحدة العناية الفائقة عدة مرات، على إثر إصابته بعدوى في الرئة، وتردي الحالة العامة لصدره، خاصة وأنه كان يعاني منذ قبل حبسه من أمراض صدرية متعددة، وتم السماح لأطبائه الخواص بتولي علاجه، وبعدها لم تعد حالته الصحية حرجة.
وكات القيادة العامة للجيش قد أصدرت بياناً اتهمت فيه عنان بارتكاب عدة جرائم بعدما طالب في شريط مسجل مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية بـ"الوقوف على الحياد بين جميع المرشحين، وعدم الانحياز غير الدستوري لرئيس قد يغادر منصبه خلال أشهر قليلة"، معلناً منافسته للسيسي، وسرعان ما تم اعتقاله، ثم اعتقال معاونه الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات المستشار هشام جنينة، بعد تصريحات له عن امتلاك عنان أدلة في الخارج تدين قيادات في الجيش، والذي صدر ضده حكم بالحبس 5 سنوات لاتهامه بأنه أذاع عمداً في الخارج إشاعات كاذبة حول الأوضاع الداخلية للبلاد.