على الرغم من الشعبية الكبيرة للمعارضة الفنزويلية في السنوات الأخيرة، إلا أنها لم تتمكن يوماً من الاتحاد لا ضد الرئيس الراحل هوغو تشافيز، ولا الحالي نيكولاس مادورو، بصورة جليّة. كان واضحاً افتقارها إلى شخص يمكنه جمع كافة أطيافها تحت رايته. لكن الأحداث المتلاحقة، منذ أمس الأربعاء، أثبتت أن هناك رجلاً واحداً قادراً على جمع المعارضين خلفه، ومدعوماً من المحيط الإقليمي، خصوصاً الجارتين القويتين، البرازيل وكولومبيا، فضلاً عن الولايات المتحدة، ويرأس البرلمان الفنزويلي، المؤسسة الوحيدة التي تسيطر عليها المعارضة. خوان غوايدو، ابن الـ35 عاماً، المشبع بروح الانتقام من تشافيز ووَرَثَتِه، بدا واثقاً من أنه سيقود معركة إطاحة مادورو.
لم يبن غوايدو عداءه لـ"التشافيزية" من لا شيء. الرجل شهد على كارثة ولاية فارغاس المطلّة على بحر الكاريبي، المشتق من المحيط الأطلسي. كارثة أدت إلى مقتل ما بين 10 آلاف و30 ألف شخص، بفعل الفيضانات والسيول العارمة التي ضربت المنطقة بين يومي 14 و16 ديسمبر/ كانون الأول 1999.
نزح غوايدو وعائلته يومها من الولاية، ملقياً اللوم على الحكومة التشافيزية في عدم التعامل مع الكارثة وتداعياتها بصورة صحيحة. ينتمي غوايدو إلى أسرة من الطبقة المتوسطة، وهو أحد الأبناء الثمانية لأب طيار وأم معلّمة. أحد جدّيه كان رقيباً في الحرس الوطني الفنزويلي، والآخر كان نقيباً في البحرية الفنزويلية. نال شهادة الهندسة الصناعية من جامعة أندريس بيللو الكاثوليكية في عام 2007، وتلقى بعض الدروس من جامعة جورج واشنطن الأميركية، ومن معهد الدراسات العليا في الإدارة في كاراكاس.
حضر بقوة في تظاهرات 2017، التي أصيب خلالها في رقبته جراء تلقيه رصاصة مطاطية. وفي ديسمبر الماضي، انتُخب رئيساً للبرلمان الفنزويلي، وفي 5 يناير/ كانون الثاني الحالي، وفي احتفال تنصيبه، دعا أقارب سجناء سياسيين لمشاركته الحفل، في رسالة ضمنية إلى مادورو.
اعتبر غوايدو أن ولاية مادورو انتهت في 10 يناير الحالي، وعليه التنحّي، على اعتبار أنه لم يتم الاعتراف بنتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة، في مايو/ أيار الماضي، التي فاز فيها مادورو بولاية جديدة لست سنوات.
وبما يشبه "إعلان حرب مفتوحة"، كتب غوايدو في صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية في 15 يناير الحالي أنه "سيحاول تغيير الأوضاع غير المستقرة في البلاد". وهو ما فعله عملياً، يوم الأربعاء، مع إعلان نفسه "رئيساً بالوكالة"، مدعوماً من عدد كبير من دول الأميركيتين، على عكس الجيش الفنزويلي الذي يحافظ على ولائه لمادورو، ما يجعل التطورات في فنزويلا مفتوحة على جميع الاحتمالات، خصوصاً بعد تداخل العوامل الداخلية والخارجية في الأزمة.