مشاركة الأسد في قمة بيروت الاقتصادية مستبعدة

03 يناير 2019
ترك ملف العلاقة مع سورية بعهدة عون (حسين بيضون)
+ الخط -

مع اقتراب موعد عقد القمة الاقتصادية التنموية في دورتها الرابعة في بيروت في 19 و20 يناير/كانون الثاني الحالي، يعود بقوة ملف إعادة مقعد النظام السوري في الجامعة العربية إلى الساحة اللبنانية بين مؤيد ورافض، وبين من يتحفظ لحسابات لبنانية، على الرغم من أن الأمر مرتبط بالجامعة العربية أولاً وليس لبنان، إلا أن للأمر حسابات لبنانية قد تعيق تحقق الشائعات حول احتمال مشاركة رئيس النظام بشار الأسد شخصياً في فعاليات القمة، حتى ولو توافق وزراء الخارجية العرب على إعادة سورية، وفتح الطريق دبلوماسياً لدعوتها.

في الشكل، تؤكد مصادر لبنانية مطلعة، لـ"العربي الجديد"، أن الأجواء مهيأة كلياً لعودة سورية إلى الجامعة العربية، خصوصاً أن زيارة الرئيس السوداني، عمر البشير، إلى دمشق أخيراً، لم تكن خطوة سودانية، بل محاولة لجس النبض من قبل بعض الدول، وتحديداً الخليجية، لفحص ارتدادات تطبيع علاقاتها مع دمشق. وما يعزز هذه الفرضية هو ما تلا الخطوة السودانية، من عودة فتح سفارة الإمارات في دمشق، التي ترتبط أصلاً بعلاقة وطيدة مع النظام المصري، المنفتح على سورية منذ انقلاب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والذي أكد مراراً، خصوصاً على لسان وزير خارجيته، سامح شكري، ضرورة عودة النظام السوري إلى الجامعة العربية.

وفي انتظار الموقف السعودي الذي يبدو أنه بات مهيّأً للانفتاح على النظام السوري والاعتراف بعودة العلاقات معه، تؤكد المصادر أن أغلبية ساحقة تؤيد عودة سورية إلى الجامعة العربية، خصوصاً الإمارات والسعودية والبحرين خليجياً، بالإضافة إلى مصر والعراق، وربما تونس والجزائر، فيما يبدو أن دولة وحيدة، هي قطر، لا تزال تعارض ذلك، وفق تصريح سابق لسفير بريطانيا السابق لدى سورية، بيتر فورد، بينما تفضل الكويت التريث وربط القرار بإطار جامعة الدول العربية. وعلى الرغم من هذا المشهد العام، إلا أن احتمال دعوة الأسد إلى القمة في بيروت يبدو ضعيفاً، بحسب المصادر، أولاً استناداً إلى الخطوات المطلوبة عربياً كإجراء رسمي، أي أن يعقد مجلس الجامعة العربية في جلسة استثنائية لوقف العمل بقرار تعليق عضوية النظام السوري، أو أن يتخذ القرار خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب في بيروت الذي سيعقد قبل يوم من القمة للتوافق على جدول الأعمال. كذلك، تستبعد المصادر إمكانية دعوة سورية إلى القمة في بيروت، أولاً بسبب ضيق الوقت، وثانياً بسبب عدم إذابة الجليد بعد بين سورية وعدد من الدول، وإن كانت باتت مستعدة لاستئناف العلاقات مع النظام، وتحديداً السعودية، مرجحة أن تتكثف الاتصالات والمشاورات في الفترة المقبلة، لتمهد الطريق أمام دعوة سورية إلى القمة العربية المقررة في مارس/آذار المقبل في تونس. كذلك، فإن مشاركة بعض الزعماء العرب، مثل أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في أعمال القمة، تصعّب من احتمالات دعوة الأسد، بناءً على تمسك الدوحة بموقفها الرافض للتطبيع مع الموجودين في النظام حالياً.


وذكرت المصادر أن الزيارات العربية ستتوالى إلى دمشق في الفترة المقبلة، مثل زيارة الرئيس الموريتاني، محمد ولد عبد العزيز خلال الشهر الحالي، بالتوازي مع جهود بعض الدول، مثل العراق وتونس، للعمل على فتح مزيد من قنوات التواصل والتمهيد للعودة السورية، من بوابة القمة العربية الأساسية وليس القمة الاقتصادية. وعلى الرغم من جزم المصادر واستبعادها احتمال دعوة سورية إلى القمة في بيروت، إلا أنها تشير إلى أن ثمة تفهماً لبنانياً، أولاً لحيثيات الموضوع المرتبط أصلاً بالجامعة العربية والموقف العربي وليس اللبناني، إلا أنها تؤكد أن للأمر حسابات لبنانية تدركها أيضاً الدول العربية، خصوصاً أن الأمر في لبنان لا يمكن أن يمر مرور الكرام لأسباب تتعلق بالانقسامات اللبنانية، السياسية والطائفية، والتي تحول دون حصول إجماع لبناني حول العلاقة بالأسد وبنظامه. وتلفت المصادر إلى أن الأفرقاء في لبنان المعارضين لحضور بشار الأسد في بيروت، هم على علاقة جيدة بالسعودية، ويعتبرون حلفاء أو تابعين لها، لكن في المقابل لا يمكنهم دعم مثل هذه الخطوة، خصوصاً أن الساحة السياسية اللبنانية ستكون متفجرة في حال حضور الأسد، وتحديداً في شمال لبنان ومدينة طرابلس التي هزها قبل سنوات تفجير قرب مسجدي التقوى والسلام، تبين لاحقاً وقوف النظام السوري مباشرة خلفه.

وكانت الساحة السياسية اللبنانية شهدت خلافاً كبيراً بعد الانتخابات النيابية الأخيرة، إثر محاولة البعض الضغط والطلب من رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري الانفتاح على سورية، وتحديداً خلال فترة عودة افتتاح معبر نصيب الحدودي بين الأردن وسورية، تحت ستار المصلحة اللبنانية، وما يشكله هذا المعبر من أهمية للبنان ولصادراته، لكن الحريري رفض، داعياً إلى البحث عن رئيس حكومة آخر في حال الإصرار على الانفتاح على سورية. ونتيجة لذلك، تم التوافق ضمنياً على أن يكون ملف العلاقة بين سورية ولبنان في عهدة رئيس الجمهورية، ميشال عون، تجنباً للحرج، خصوصاً أن هذا الخلاف كاد يطيح بمساعي تأليف الحكومة، التي لا تزال أسيرة الخلافات اللبنانية – اللبنانية، قبل أن يخرج الأمين العام لـ"حزب الله"، حسن نصرالله، مرحلاً النقاش في ملف العلاقات اللبنانية – السورية إلى مرحلة لاحقة، وتحديداً إلى ما بعد تأليف الحكومة. عموماً، تؤكد المصادر أن أي خطوة لدعوة بشار الأسد إلى لبنان ستعني تصعيداً سياسياً، على الأقل لناحية تأثيراته على عملية تأليف الحكومة اللبنانية، التي دخلت مع بداية رأس السنة في مرحلة جديدة يحاول عبرها البعض تسوية الخلافات الأخيرة، بحثاً عن إمكانية إعلان تأليف الحكومة قبل موعد القمة المرتقبة.

المساهمون