مصر: تدخل أمني لمنع تصعيد المحامين في أزمة الرسوم

04 سبتمبر 2018
المحامون غاضبون من عاشور (محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -
يسود الغضب أوساط المحامين المصريين بعد إعلان نقيبهم المؤيد للنظام سامح عاشور، على نحو مفاجئ، قبوله بالتعديل الذي أدخلته الحكومة، ممثلة في وزارة المالية، على قرار فرض رسوم جديدة وزيادة الرسوم القائمة على الدعاوى والطعون والمحررات التي تقيد في المحاكم ومكاتب الشهر العقاري تحت حساب ضريبة الدخل، رغم أن التعديل الذي أدخله وزير المالية محمد معيط أخيراً، يتمثل في فرض رسوم جديدة لم تكن موجودة سابقاً على محررات الشهر العقاري.

وكان عاشور قد دعا أعضاء مجلس النقابة إلى اجتماع عام لمناقشة القرار الجديد، وكان قد أبلغ عدداً من أعضاء المجلس نيته الدعوة لعقد جمعية عمومية للمحامين للاعتراض على زيادة الرسوم، لكنه تراجع بشكل مفاجئ، وأعلن قبوله بالقرار المعدل، في خطوة بثت غضباً واسعاً في أوساط مجلس النقابة والنقابات الفرعية، خصوصاً أن النقابة كانت قد أعلنت سلفاً أنها ستمتنع عن توريد أي رسوم من هذا النوع أمام المحاكم المعنية ومأموريات الشهر العقاري.

وقالت مصادر قانونية لـ"العربي الجديد"، إن "النقيب خالف البيان السابق الذي أصدره مجلس النقابة عندما اعتبر القرار الجديد استدراكاً، وحلاً مناسباً للأزمة، لأن الرسوم بشكلها الجديد تضمن تحصيل مبالغ أكبر من المحامين ولكن ليس بحسب جدول قيد المحامي، ولكن حسب المحكمة التي سيمارس عمله بها، فبدلاً من تحصيل 20 جنيهاً (1.12 دولار) على كل صحيفة أو طعن أو محرر من محامي ابتدائي، سيتم تحصيل 15 جنيهاً على جميع الدعاوى والطعون والمحررات المقدمة للمحاكم الابتدائية، وبدلاً من تحصيل 50 جنيهاً (2.8 دولار) على كل صحيفة أو طعن أو محرر من محامي استئناف، سيتم تحصيل 25 جنيهاً (1.4 دولار) على جميع الدعاوى والطعون والمحررات المقدمة لمحاكم الاستئناف، وبدلاً من تحصيل 100 جنيه (5.58 دولارات) على كل صحيفة أو طعن أو محرر من محام بجدول النقض، سيتم تحصيل المبلغ نفسه (100 جنيه) على جميع الدعاوى والطعون والمحررات المقدمة لمحاكم الدستورية والنقض والإدارية العليا.

وأضافت المصادر أنه "من الناحية العملية أصبح القرار المعدل يكلف المحامين بجدول الاستئناف بدفع الحد الأقصى من الرسوم أمام الإدارية العليا على سبيل المثال، رغم أن الوضع السابق كان يقرر لهم نصف الرسم الجديد. والأمر نفسه بالنسبة للمحامين الابتدائيين الذين يعملون أمام محاكم الجنح المستأنفة والقضاء الإداري. ما يعني أن الفئة الوحيدة التي استفادت جزئياً من التعديل هي المحامون المقيدون بجدول النقض، أي الأكبر سناً والأوسع خبرة والأغلى سعراً".


وأوضحت المصادر أن "المعلومات المتداولة في النقابة تفيد بأن جهة أمنية عليا (الأمن الوطني بوزارة الداخلية) تدخلت لمنع تفاقم الأزمة، وأصدرت تعليماتها لعاشور بالإدلاء بتصريحات للقنوات الفضائية للتهدئة، خشية انفلات جموع المحامين وبصفة خاصة في الأقاليم، أو خروجهم في تظاهرات ضد القرار، أو امتناعهم عن تنفيذه"، مشيرة إلى أن "شخصية نافذة في الدائرة المحيطة برئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي أعربت لعاشور عن استياء السيسي من البيان الذي أصدرته النقابة للحث على الامتناع عن دفع الرسوم، وهددت بمقاضاته حال الإصرار على ذلك الموقف".

وأشارت المصادر إلى أن "وزير المالية لم يعد عاشور بمراجعة نظام تحصيل الرسوم تحت حساب ضريبة الدخل ليصبح بتحصيل ضريبة قطعية ونهائية من المنبع، أي من مكاتب المحاماة، رغم أن عاشور زعم ذلك في تصريحاته الأخيرة، ولا سيما أن وزير المالية ليست له صلاحية تغيير نظام التحصيل، فضلاً عن انعدام صلاحيته القانونية بزيادة المبالغ، لأن هذه الصلاحية انتهت بإصدار وزير المالية الأسبق يوسف بطرس غالي قرار فرض تحصيل المبالغ عام 2005".

ووفقاً لخطة الحكومة لتعظيم حاصل الضرائب على الدخول، استهدفت وزارة المالية بصورة استثنائية المحامين والأطباء بزيادة الرسوم المطلوب تحصيلها من المحاكم والشهر العقاري والمستشفيات تحت حساب الضريبة، بدعوى أن الوزارة لا تستطيع تحصيلها من المحامين أو الأطباء على الأمد الطويل، ذلك لأن معظم العاملين بالمهنتين يتهربون من دفع ضريبة الدخل لسنوات طويلة.

وتصل الرسوم الجديدة التي وقعت على المحامين والأطباء خلال الأيام العشرة الأخيرة إلى 6 أمثال الرسوم التي كان يتم تحصيلها منهم منذ 2005 وحتى الآن، كما تم فرض رسم جديد على محررات الشهر العقاري بواقع 15 جنيهاً (0.84 دولار) لكل محرر، وتم فرض رسم جديد على بعض أنواع العمليات الجراحية يحصّل من المستشفيات، ما رجح مراقبون أن ينعكس بشكل أساسي على المواطنين ويؤثر بالسلب على إقبالهم على إجراءات التقاضي، وكذلك على إجراء العمليات الجراحية في المستشفيات المرخصة.