العلاقة مع إيران و"حرب" ترامب ضد أوروبا تنغّصان عطلة الرئيس الفرنسي

11 اغسطس 2018
محاولات فرنسية لاحتواء الوضع (Getty)
+ الخط -
لا يبدو أن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في عطلة رغم وجوده في قلعة بريغانسون، وابتعاده ما أمكن من الجمهور والحشود. فبعد استقباله في مقر إقامته، رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي، وبطلب منها، الباحثة عن مَخرَج أقل كلفة وخسارة لـ"بريكست"، هاتَفَ الرئيس الفرنسي وفي غضون أربع وعشرين ساعة، ثلاثة من أهم قادة العالَم.

فقد اتصل بالرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وفي إطار استمرارية للاتصالات، بين البلدين، التي بدأها ماكرون في الصيف، والتي كان حضور فرنسا في المونديال فرصة إضافية للمزيد من الاتصالات والكثير من المجاملات الدبلوماسية.

وقد حرص الإليزيه في أكثر من مرة على التأكيد أن الرئيس الفرنسي لم يتردد في إظهار قلقه من المصير المأساوي الذي قد يتعرض له المُخرج السينمائي الأوكراني، أوليغ سينتسوف، المعتقل، منذ 2015، في روسيا، بتهم الإرهاب، والمُضرب عن الطعام منذ ثلاثة أشهر، و"المستعد للموت"، بحسب محاميه، سواء في لقاء بيترسبورغ، أو أثناء لقاء 15 يوليو/ تموز الأخير، دون أن يظهر ما يشي باستجابة من الرئيس الروسي.

وقد تطرّق ماكرون في اتصال أمس، مع نظيره الروسي مرة أخرى إلى قضية هذا المخرج السينمائي الأوكراني، الذي أكدت وزيرة الثقافة الفرنسية، فرانسواز نيسين، في تغريدة لها أن "المخرج السينمائي الكبير والمدافع عن حقوق الإنسان المعتقل في ظروف لا إنسانية، بصدد الانطفاء. وهذا ما لن نستطيع القبول به".

كما تطرَّق الزعيمان إلى قضية العقوبات الاقتصادية الأميركية المفروضة على إيران، بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران الموقع عليه سنة 2015، وأيضا الوضع في العراق وسورية، حيث تحاول فرنسا وضع قَدَم لها في المنطقة، خاصة بعد تسيير مساعدات إنسانية فرنسية إلى مناطق خاضعة للنظام السوري، وكذلك الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني.

ولأنّ الرئيس الفرنسي يريد أن يكون مؤثّراً، قدر المستطاع، في الاتحاد الأوروبي، كما وعد في حملته الانتخابية قبل سنةٍ، وهو ما عبّرت عنه زيارته الأخيرة لإسبانيا والبرتغال وتوقيع اتفاقات اقتصادية وظهور إرهاصات تنسيق بين دول جنوب أوروبا الثلاث، فهو يحاول الحصول على بعض التنسيق مع الجارة الألمانية، من أجل قيادة القاطرة الأوروبية.

كما أجرى اتصالا مع المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، رغم أن وضعيتها الحالية غير مريحة، مقارَنَة بولاياتها السابقة. وكانت مواضيع المحادثات، إلى جانب مستقبل "الاتحاد الأوروبي" كثيرة، منها المشكل الإيراني، وتداعياته العميقة على الشركات الأوروبية الموجودة في إيران، وأيضا "الحرب" الاقتصادية التي أعلنها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، على القارة العجوز، عبر زيادة الرسوم على الواردات الأميركية من أوروبا، وأيضا قضايا الهجرة، التي لا تتوقف، دون إهمال موضوع "بريكست"، الذي يريد الطرَفان الفرنسي والألماني نهاية سريعة له.

واختتم ماكرون هذه الاستشارات والاتصالات مع ترامب. وبحسب الإليزيه، إن النقاش بين الرئيسين انصبّ على الوضع في سورية، وأيضا على إيران، ثم قضية الصراع الإسرائيلي -الفلسطيني.

ولا يبدو أن المواقف في ما يخصّ الموضوع الإيراني، حققت أي اختراق يُذكَر، فترامب يحرص على التأكيد أنه ماضٍ في حصاره إيران وعلى أن "كل من سيتعامل، اقتصادياً، مع إيران، فلن يتعامل مع الولايات المتحدة الأميركية"، في الوقت الذي يشدد فيه الأوروبيون على حماية مصالح شركاتهم العاملة في إيران.



ولا يبدو أن الأوروبيين، بمن فيهم ماكرون وميركل وماي، قادرون على دفع ترامب إلى تغيير مواقفه، وبالتالي على تثبيت شركاتهم الكبيرة في إيران، والتي غادرت أو سينتهي بها الأمر، في نهاية الأمر، كما السابق، إلى مغادرة السوق الإيرانية.

ويؤكد الإليزيه أن هذه الاتصالات التي يجريها ماكرون ستستمر، في أفق مشاورات سياسية قادمة، وهو ما يعني أن لا شيء تم التوصل إليه.