تصعيد "شبيبة السيسي" في دواوين الحكومة.. والبداية "نظام التعليم الجديد"

29 يوليو 2018
يهدف النظام لتشكيل ذراع له في القطاع التربوي(العربي الجديد)
+ الخط -

تُختتم، اليوم الأحد، في جامعة القاهرة، فعاليات المؤتمر السادس للشباب الذي بدأ أمس السبت، بحضور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وهو المناسبة الدورية التي يتخذها السيسي للإعلان عن بعض مشاريعه وملامح سياساته، خصوصاً المتعلقة بالشباب والصحة والتعليم والشؤون الخارجية، وإلقاء كلمات تبدو مرتجلة للمواطنين، فضلاً عن الإجابة على بعض الأسئلة المختارة مما يوجه له على صفحاته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي.

يخصص السيسي هذه الدورة من المؤتمر لقطاعي التعليم والصحة، وسيعيد السيسي ووزيرة الصحة هالة زايد الحديث عن تفاصيل مشروع التأمين الصحي الجديد. في المقابل، أعلن وزيرا التعليم طارق شوقي، والتعليم العالي خالد عبد الغفار، مساء أمس، تفاصيل "استراتيجية تطوير التعليم قبل الجامعي"، والذي سبق أن كشف شوقي عن أجزاء كبيرة من تفاصيلها منذ شهرين وأثار معارضة كبيرة في أوساط الطلاب والمعلمين وأولياء الأمور ثم نواب البرلمان، لكن المعارضة العلنية ما لبثت أن توقفت بمجرد إعلان السيسي تأييده للمشروع الجديد بكامل تفاصيله، وتوجيه تعليمات لوسائل الإعلام بعدم معارضتها.

وتلغي استراتيجية التعليم الجديدة نظامي الثانوية العامة والتنسيق بشكلهما الحالي المعمول به منذ ستينيات القرن الماضي، وبدلاً من ذلك سيخوض الطالب في المرحلة الثانوية قبل الجامعية 12 اختباراً، بمعدل 4 اختبارات في العام الواحد، تقوم أسئلتها على الفهم العام للمناهج والاستعانة بالمراجع العلمية المحلية والأجنبية التي من المفترض أن تتاح للطلاب على شبكة داخلية يتمكن جميع الطلاب من الولوج إليها عبر أجهزة حاسب لوحية "تابلت" سيتسلمونها ابتداء من العام الدراسي المقبل.

وبعد انتهاء الدراسة، ستحتسب النتيجة الإجمالية من درجات الطالب في أعلى 6 اختبارات بالنسبة له، وتبدأ مرحلة التنسيق بنظام جديد هو المزاوجة بين عنصر الدرجات وعنصر الكفاءة الشخصية، بواسطة إجراء اختبارات قدرات ومقابلات شخصية للعديد من الكليات، فضلاً عن عنصر الرغبات، ولن يتم توزيع أي طالب على كلية لا يرغب فيها.

ويراهن وزير التعليم على أن يؤدي العمل بنظام الاختبار عبر "التابلت" والتركيز على المراجع بدلاً من المناهج، والسماح للطلاب باستخدام نظام "الكتاب المفتوح" في الاختبارات، إلى تخفيض درجات الطلاب بنسبة متصاعدة سنوياً، تبدأ بحوالي 2 في المائة في أول دفعة ستتخرج بهذا النظام بعد 3 أو 4 سنوات، وعدد طلابها سيلامس 700 ألف.

إلا أن نظام التعليم الجديد يبدو وسيلة جديدة لتكريس ظاهرة أخرى تكتسب بعداً سياسياً لا تعليمياً، هي الاعتماد المتنامي في المؤسسات الحكومية على "شبيبة السيسي"، وهم خريجو ما يسمى بـ"البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة"، والذين ينخرطون في الدراسة بالأكاديمية الجديدة لتأهيل الشباب في مدينة أكتوبر، والتي أنشئت منذ عام واحد، وكذلك في أكاديمية الدفاع الوطني التابعة للجيش.



مصادر حكومية كشفت، لـ"العربي الجديد"، أن "دائرة السيسي دفعت بالفعل بنحو 10 من خريجي البرنامج الرئاسي كمساعدين لوزير التعليم ومشرفين على برنامج التطوير، سيختصون بالتنسيق بين الوزارة والجهات الحكومية الداعمة للمشروع، وهي الجيش الذي يتولى الملف اللوجيستي والإنفاق على تصنيع وتوفير الأجهزة وبناء المدارس الجديدة على الطرازين المصري والياباني، ووزارة الاتصالات مديراً تقنياً للمشروع، والشركات التي ستتولى صيانة الأجهزة والشبكات المدرسية المرتبطة بالشبكة الأم، وقطاعا المناهج والامتحانات في وزارة التعليم".

وأضافت المصادر أنه "في مرحلة تالية سيتولى عدد أكبر من خريجي البرنامج الرئاسي إدارة المدارس التي ستؤسَس على الطراز الياباني بمنحة من طوكيو، فضلا عن الدفع بهم كمساعدين لوزير التعليم لقطاعات مختلفة، باعتبار أن وزارة التعليم ستكون أول وزارة سيتم تمكين شبيبة السيسي من إدارتها خلال 5 سنوات على سبيل التجربة، بالتوازي مع تعميم التجربة تدريجياً على وزارات أخرى".

وأوضحت المصادر أن "وزير التعليم الذي كان قبل تولّيه الوزارة مديراً لما يسمى بالمجالس التخصصية الاستشارية للرئاسة، وأحد واضعي نظام البرنامج الرئاسي، لا يجد غضاضة في إبعاد كبار الموظفين والتربويين في الوزارة لصالح خريجي البرنامج، تلبية لأهداف السيسي، بإحلال مجموعة من الكوادر التابعة له سياسياً والمدينة له ودائرته الاستخباراتية - الرقابية، بدلاً من الكوادر الوظيفية القديمة التي تكوّن معظمها ودخلت دواوين الوزارات في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك".

وإلى جانب السيطرة الإدارية على الوزارات من خلال الدفع بكوادر شابة مأمونة إلى جانب توسيع سلطات هيئة الرقابة الإدارية داخل الدواوين؛ يسعى السيسي حالياً إلى الدفع بالمميزين من خريجي البرنامج للعمل في رئاسة الجمهورية وهيئة الاستعلامات، في إطار برنامج لإعادة هيكلتهما، وكمرحلة ثالثة يهدف السيسي إلى توزيع خريجي البرنامج الأقل كفاءة وأصحاب التخصصات غير النادرة للعمل بدواوين المحافظات.

وبحسب المصادر الحكومية، فإن "برنامج السيسي لتأهيل الشباب تقاطع، في الأشهر الأخيرة، مع الدورات العسكرية والاستراتيجية التي يخضع لها المرشحون للعمل في وزارة الخارجية، ومُنحت الأفضلية في التعيينات الجديدة وكذلك في الترقي في الهيئة الدبلوماسية لخريجي البرنامج الرئاسي، الذي بدوره يعطي أولوية الالتحاق للدبلوماسيين الشباب وخريجي كليات السياسة والإعلام والحاصلين على دورات من أكاديمية ناصر العسكرية".

وتكرّس هذه الإجراءات تكوين جيل من القيادات الوسطى في البيروقراطية المصرية استقت تعليماً موحّداً في مرحلة عمرية متقاربة، وأُجيزت أمنياً واستخباراتياً، وتدين بالولاء للسيسي والمؤسسة العسكرية، بعيداً عن المعارضة أو التفكير النقدي لسياساته.

ومن بين المناهج التي يدرسها "شبيبة السيسي" في هذا البرنامج الذي يستغرق عاماً وبضعة أشهر قبل التخرج؛ دراسات عن: حروب الجيل الرابع، واستهداف القوى العالمية لمصر، ومكافحة الإرهاب، ومحاربة التيارات الإسلامية، والتطوير الإداري، والتخطيط السياسي والمالي، والقانون الدولي، والإدارة المحلية، والإتيكيت والمراسم.


المساهمون