القنيطرة تنضم لمفاوضات الوصاية الروسية... وقرب إنجاز تسليم درعا

15 يوليو 2018
على النظام تسليم المناطق للشرطة العسكرية الروسية(محمد يوسف/فرانس برس)
+ الخط -
دخلت المزيد من البلدات في ريف درعا الغربي جنوبي سورية في "اتفاقيات المصالحة" مع النظام، بوساطة روسية، في حين وصل وفد من فصائل وفاعليات محافظة القنيطرة إلى مدينة درعا لإجراء مفاوضات مع الروس بشأن إمكانية انضمام المحافظة إلى عملية الاستسلام المقنع بشعار "المصالحات"، وسط اشتباكات محدودة في القنيطرة بين قوات النظام وفصائل المعارضة.

وهذا التوسع في مناطق سيطرة النظام من المفترض أنه مرتبط بالتزامات يتوجب على النظام القيام بها، وتشتمل على انسحاب قواته من المناطق التي دخل إليها في عمليته الأخيرة، وتسليمها إلى الشرطة العسكرية الروسية، والقوى المحلية التي ينبغي عليها بدورها تسليم مزيد من أسلحتها الثقيلة، وفق ما تم الاتفاق عليه بين فاعليات المحافظة والروس في السادس من يوليو/تموز الحالي، وفق ما كان أفاد مصدر مطلع على المفاوضات. وقد دخل، قبل يومين، رتل من قوات النظام مؤلف من خمس دبابات وثلاث عربات "شيلكا" وعشرات الجنود، قادما من بلدة الفقيع عبر طريق السريا – إنخل، وتمركز في تلول المطوق الكبير والصغير جنوبي مدينة إنخل في ريف درعا الشمالي، بموجب الاتفاقية التي تم التوصل إليها، الخميس الماضي، في بصرى الشام بين وفد من المدينة والجانب الروسي. وترافق ذلك مع قيام قوات النظام بتفجير الألغام على المدخل الشرقي لمدينة إنخل، المتاخم للواء 15 تمهيداً لفتح الطريق، قبل أن تنسحب من المنطقة بموجب الاتفاق الذي قضى بتسليم السلاح الثقيل، ودخول الروس فقط إلى المدينة دون النظام ومليشياته، إضافة إلى خروج عناصر "هيئة تحرير الشام" من المدينة، حيث توجه معظمهم إلى محافظة القنيطرة. وقد تم بالفعل، أمس السبت، البدء بتسليم بعض قطع السلاح الثقيل في مدينتي إنخل وجاسم، فيما ذكرت وسائل إعلام النظام أن بلدة كفر شمس في الريف الشمالي من درعا انضمت أيضاً إلى "المصالحة"، بالإضافة إلى بلدتي نمر وبرقة وقريتي أم العوسج وزمرين شمال درعا.

وفي السياق نفسه، وافقت الفاعليات في مدينة الحارة على التفاوض مع الجانب الروسي لتحقيق "المصالحة" في المدينة، إذ وقع جميع قادة الفصائل وثيقة بهذا الصدد إضافة إلى عدد كبير من وجهاء الحارة. غير أن مجموعتين محليتين رفضتا الاتفاق، وبادر عناصرهما للسيطرة على تل الحارة الاستراتيجي الذي تسعى قوات النظام للسيطرة عليه، فبادرت الأخيرة إلى قصف مدينة الحارة، فجر أمس، ما أدى إلى إصابة عدة أشخاص بجروح، ومنحت فصائلها مهلة زمنية انتهت ظهر أمس لتسليم تل الحارّة لها وللقوّات الروسية. وقالت مصادر محلية إن فصائل مدينة الحارّة انقسمت بعد توقيع الاتفاق مع الروس، بين مؤيد ومعارض للاتفاق، وقامت مجموعتان معارضتان للاتفاق بالسيطرة على تل الحارّة بالتعاون مع "هيئة تحرير الشام"، وإعداد دشم وتحصينات لصد أي محاولة من قوّات النظام لاقتحام التل. ويعتبر تل الحارّة أعلى مرتفع في المنطقة الجنوبية، ويُشرف على معظم ريفي درعا الغربي والشمالي، وعلى منطقة "مثلث الموت"، التي يتمركز فيها "حزب الله" ومليشيات تابعة إلى إيران، ويقع على بعد كيلومترات من هضبة الجولان المحتلة، وكانت تتمركز فيه كتيبة دفاع جوّي وكتيبة رادارات لقوات النظام، ومفارز استخبارات قبيل اندلاع الثورة السورية.




كما تجري مفاوضات مماثلة مع مدينتي جاسم ونوى في الريف الشمالي، وهما تقريباً آخر ما تبقى من مدن رئيسية في تلك المنطقة بيد المعارضة. وقال وسيط محلي بين فصائل الريف الغربي والروس، تحدث، لـ"العربي الجديد"، إنه فتح أمس خطوطاً للتواصل بين رئيس المجلس العسكري في نوى، أبو محمد المهندس، ورئيس الوفد الروسي المفاوض، ألكسندر زورين، وتم الاتفاق على موعد بينهما لمواصلة عملية التفاوض. ووصل، أول من أمس، وفد من القنيطرة إلى مدينة درعا من أجل "التعرف" على المفاوضين الروس، واستكشاف إمكانية بدء مفاوضات بهدف انضمام المحافظة إلى عملية المصالحة، وذلك وفق ما أفاد "العربي الجديد" مصدر مطلع ومشارك في عمليات التفاوض. وكان ممثلو فصائل مدينتي جاسم ونوى حاولوا التفاوض مع الجانب الروسي باسم مدينتيهما وباسم محافظة القنيطرة دون الرجوع إلى مرجعياتها وفصائلها العسكرية، وهو ما رفضته الأخيرة، وعمدت إلى إعادة هيكلة الوفد المفاوض المشترك مع الريف الغربي، وقررت تشكيل وفد مستقل من فصائل ووجهاء القنيطرة. وأضاف المصدر أنه من المتوقع استكمال تشكيل وفد القنيطرة خلال اليومين المقبلين. وبالتوازي مع هذه الجهود، دارت بعد منتصف ليل الجمعة – السبت، اشتباكات بين قوات النظام وفصائل في ريف القنيطرة، بالتزامن مع استمرار سقوط قذائف على قرية جبا وعلى حي الخدمي بمدينة البعث في ريف القنيطرة  الأوسط الخاضعتين لسيطرة قوات النظام، ما أسفر عن إصابة 8 أشخاص على الأقل، غالبيتهم من الموظفين في مدينة البعث. من جهتها، قصفت قوات النظام بلدة مسحرة في القطاع الأوسط بريف القنيطرة.

على صعيد آخر، قال نائب رئيس هيئة التفاوض التابعة للمعارضة السورية، خالد المحاميد، الذي أدّى دوراً رئيسياً لمصلحة الروس، وبالتالي لفائدة النظام في تسليم المناطق لهما، وفي عمليات "المصالحة" الجارية حالياً بين النظام وفصائل درعا، إن روسيا  ليست مع طرف ضد آخر في سورية. ورأى المحاميد، المحسوب على الإمارات، في تغريدة على "تويتر"، أن "من يدعي أسطورة النصر العسكري فهو يعيش في وهم حقيقي، ومن يعتقد أن روسيا جاءت من أجل نصرة طرف على طرف آخر، فهو الوهم بحد ذاته". والمحاميد رجل أعمال سوري له نشاط في روسيا والإمارات، وهو مقرب من البلدين، ويمول فصيلاً رئيسياً في درعا هو "شباب السنة"، الذي كان أول من فتح باب المصالحات مع النظام من خلال تسليم مدينة بصرى الشام لقوات النظام في بداية الحملة الحالية على درعا.

وعلى صعيد الموقف الروسي، قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إن بلاده "لا تبرر أعمال الحكام الديكتاتوريين لكنها تريد تجنيب سورية مصير العراق وليبيا". وأضاف لافروف، في لقاء مع قناة "روسيا اليوم" أمس السبت، "لنتذكر ماضي هذه المنطقة، صدام حسين كان ديكتاتوراً، معمر القذافي كان ديكتاتوراً، لكن دعونا نقارن معاناة شعبي العراق وليبيا خلال فترة سلطة هذين الحاكمين مع ما يحدث في هاتين الدولتين الآن". واعتبر أنه بعد التدخلات العسكرية لأميركا وحلف شمال الأطلسي "زاد عدد القتلى والجرحى واللاجئين مئات الآلاف عن المتضررين بالنظامين المذكورين". ورأى أنه "يمكن قول الشيء ذاته بشأن سورية، وهؤلاء الذين دمروا العراق وليبيا يحاولون اليوم حث المجتمع الدولي على المشاركة بالمسؤولية لحل أزمة المهاجرين، ولم يستخلصوا أي استنتاجات وقرروا تكرار حالة مشابهة في سورية".