شهران على انتخابات العراق: لا نتائج أو تحالفات نهائية

11 يوليو 2018
انتهت عمليات العدّ في كركوك (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -


مع حلول صباح يوم غد، الخميس، تكون الانتخابات العراقية قد مضى عليها شهرين كاملين من دون أن تظهر النتائج الرسمية لها، بعد قرار القضاء قبول الطعن بمصداقية النتائج التي أعلنت بعد أيام من إجراء الانتخابات واتضاح وجود عمليات تزوير وتلاعب بالنتائج على نطاق واسع في مدن ومحافظات العراق.

وللأسبوع الثاني تتواصل عمليات العد والفرز اليدوي لأكثر من ألفي محطة اقتراع بعموم العراق تم تحديدها ضمن دائرة الشك والتزوير والتلاعب، وفقاً لما يعرف قضائيا بـ"الخروق الحمراء"، وهي من أصل 56 ألف محطة موزعة في عموم مدن العراق وكذلك في الدول التي يتوزع فيها عراقيو المهجر بكثافة.

وانتهت عملية العد والفرز في كركوك، يوم الاثنين، بشكل رسمي، من دون إعلان المفوضية العليا للانتخابات نتائج العد والفرز، وسط اعتراض من التركمان والعرب من جهة، وتأكيد القضاة المنتدبين أن النتائج ستعلن بشكل كامل حين انتهاء العد والفرز بعموم مدن العراق من جهة أخرى. كما تواصلت عمليات العد ببغداد للصناديق المشكوك بها في ست محافظات جنوب العراق، والأمر نفسه في محافظات إقليم كردستان الثلاث التي شككت المعارضة الكردية في الإقليم بإجراءات العد والفرز اليدوي فيها، وطالبت بإشراف أممي على العملية. بدورها، تنتظر محافظات الغرب والشمال الأمر نفسه بعد قرار نقل صناديق الاقتراع إلى بغداد لعدها تحت حماية الجيش العراقي.

وحول ذلك، أكد وزير عراقي خلال وجوده في محافظة بابل، وسط البلاد، لـ"العربي الجديد"، أن "النتائج النهائية بعد عملية العد والفرز اليدوي لن تغير من المعادلة الحالية لحجم الكتل ولن تتغير مواقع أو ترتيب الكتل في عدد المقاعد"، مبيناً أنه "على هذا الأساس تتحرك الكتل السياسية في تحالفاتها الحالية". وأضاف أن "النتائج التي ستظهر موجّهة بالشكل الرئيسي للشارع العراقي وليس للكتل السياسية، فموضوع العد والفرز اليدوي لن يغير شيئاً من صورة النتائج التي أعلنت إلكترونياً". وأشار إلى أن "الكتل السياسية تتفاوض في ما بينها من منطلق المناصب وتوزيعها، وليس البرنامج الحكومي كما يشاع ذلك في بيانات عدد من الكتل بعد نهاية كل اجتماع في ما بينهم".



وتوقع أن "تعلن نتائج العد والفرز ومن ثم نتائج الانتخابات النهائية بشكل رسمي، لترسل إلى القضاء في غضون أسبوعين من الآن"، إلا أنه "شكك في إمكانية أن تعقد جلسة البرلمان الأولى قبل منتصف أغسطس/ آب المقبل، بسبب طعون متوقعة لهذه النتائج من كتل وشخصيات خاسرة ستقدم للقضاء بعد الإعلان النهائي عن نتائج العد والفرز".

في هذه الأثناء، بدا أن رئيس الحكومة العراقية السابق، زعيم "ائتلاف دولة القانون" نوري المالكي، نجح مبدئياً بالالتفاف على غريمه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، باستمالة أهم جبهتين سياسيتين شيعيتين تمهيداً لقيام تحالف "طائفي"، وهما كتلة رئيس الحكومة الحالي حيدر العبادي، ورئيس تحالف "الفتح" (الحشد الشعبي) هادي العامري، لتحقيق الكتلة الكبرى. ويجمع هذا التحالف أكثر من 165 عضواً في البرلمان العراقي، الذي يبلغ عدد أعضائه 328 نائباً. فبعدما توجهت الأطراف الشيعية إلى إقليم كردستان العراق، اتضح التوصل إلى نتيجة مفرحة بالنسبة للمالكي، الذي حاول الخلاص من الصدر، من خلال ضمّ الفائزين بنتائج الانتخابات الأولية حوله في وقت مبكر.

في هذا السياق، أكد عضو "ائتلاف دولة القانون" المقرّب من المالكي، سعد المطلبي، أن "الاجتماعات الأخيرة التي جرت بين قوائم الفتح والنصر مع دولة القانون، أسفرت عن نتائج مهمة، منها التقارب الكبير جداً بين هذه الأطراف"، مبيناً أن "هناك ملامح تبلور تحالف جديد يضمّ دولة القانون والفتح والنصر، بالإضافة إلى الانفتاح على الأكراد، إذ تنتظر هذه الأطراف زيارة الأكراد إلى بغداد ليتم تثبيت الأمور الشفهية على الورق".



وأضاف في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "العبادي والعامري لم يتحالفا رسمياً مع سائرون، وما حصل خلال الفترة الماضية ما هو إلا عقد مؤتمرات صحافية ولقاءات عادية وجس نبض ومحاولة إجراء نوع من التفاهمات والتقارب، ولكن أي تحالف مع سائرون لم يحدث"، مشيراً إلى أن "الفتح والنصر جبهتان تفكران بالتحالف مع جهة يمكن الاعتماد عليها، ومن الضروري أن يكون شريكهما السياسي صاحب مواقف ثابتة وليست متغيرة".

وعن التواصل مع الأكراد، بيّن أن "دولة القانون تحدثت مع الأكراد بخصوص المواد الدستورية، لضمان استمرار العلاقة بين الطرفين، ولم نتحدث عن كركوك والمناطق المتنازع عليها، لأن السيطرة عليها من قبل الحكومة الاتحادية هو قرار قانوني ودستوري، وأخبرنا الأكراد بأنهم خالفوا الدستور بقضية السيطرة عليها وإجراء الاستفتاء فيها".

ولفت إلى أن "الحديث عن منصب رئيس الوزراء سيجري بعد إعلان التحالف النهائي وتوقيع جميع الأطراف على ورقة التحالف، ولا يوجد أي فيتو على أي اسم يريد نيل المنصب أو الفوز به"، كاشفاً عن "حدوث لقاء المالكي والعبادي، ولا يوجد أي تشنج بين الطرفين نهائياً". أما عن العلاقة مع سائرون والحكمة، فقال إن "الأمور تسير باتجاه تحوّل التحالف الأكبر من سائرون إلى دولة القانون. الحكمة وسائرون يفضلان الاتجاه إلى المعارضة البرلمانية على التحالف مع دولة القانون".

يشار إلى أن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، أبدى رفضه، يوم الأحد، للتحالفات "الطائفية". وحدث ذلك بعد ساعات من إعلان حزب المالكي عن التقارب والإشارة إلى تحالف سياسي مع "النصر" و"الفتح". وذكر الصدر في تغريدة على "تويتر"، أنه "على الكتل السياسية قطع الحوار بشأن تشكيل التحالفات وما بعدها مع أميركا ودول الجوار، فهذا شأننا نحن العراقيين فقط لا غير"، مضيفاً: "كما أنصح جميع الكتل السياسية بالابتعاد عن الاصطفافات والتحالفات الطائفية والعرقية المقيتة، وأنا بدوري أرفض أي تخندق سني أو شيعي أو كردي أو غير ذلك، وأنا على أتم الاستعداد للتعاون لأجل خلق تحالف عابر للمحاصصة الحزبية والطائفية والقومية".

وكان المتحدث باسم ائتلاف دولة القانون عباس الموسوي، قد أعلن، يوم الأحد، عن عقد تحالف سياسي مع "تحالف النصر" بزعامة حيدر العبادي، ومع "تحالف الفتح" بزعامة هادي العامري. وذكر الموسوي في تغريدة على "تويتر"، أن "التحالفات الحقيقية لا تحتاج مؤتمراً صحافياً بين دولة القانون وتحالف النصر وتحالف الفتح". وأضاف أن "القلوب تبقى مفتوحة لمن يرغب بالالتحاق".



وبحسب مصدر سياسي كردي، فإن "التقارب بين المالكي والأكراد لن يشمل جميع الأحزاب الكردية، فما زال المعارضون لحكومة كردستان المتمثلة بالحزبين الحاكمين (الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني)، يرفضون العودة إلى تأسيس حكومة لا تختلف عن الحكومات السابقة".

وقال المصدر لـ"العربي الجديد"، إن "التقارب بين حزبي مسعود البارزاني وجلال الطالباني لا يشمل حركات المعارضة، مثل التغيير والجماعة الإسلامية"، مبيناً أن "الأحزاب المعارضة تسعى حالياً لرص صفوفها من أجل إعلان تحالف كردي واحد، يواجه تحركات الأحزاب الكردية المتنفذة".

وتابع أن "التحالف المعارض الجديد، سيشمل الديمقراطية والعدالة، وحركة التغيير والاتحاد الإسلامي والجماعة الإسلامية، وقد تم الاجتماع لأكثر من مرة، وتم التباحث من أجل تكوين جبهة سياسية قوية، تمثل الشعب الكردي وتطالب بحقوقه، والمرحلة المقبلة ستشهد ولادة هذا التحالف".

من جانبه، أشار عضو تحالف "سائرون" وسكرتير الحزب الشيوعي العراقي رائد فهمي، إلى أن "التفاف المالكي على حلفاء الصدر في العملية السياسية الجديدة، لا يمكن البت به، أو الحديث عنه حالياً، لأن ما حدث بين الفتح والنصر مع دولة القانون، ما زال شفهياً وليس رسمياً، ونحن باقون على موقفنا الرافض لتأسيس البيوت الطائفية".

وقال لـ"العربي الجديد"، إن "الأمور ما زالت غير منتهية حتى الآن واللقاءات التي جرت في كردستان لا تعتبر حاسمة. الحكمة ما زالت مؤمنة ببرنامج سائرون الإصلاحي، والأكراد ما زالوا غير متفقين بشكل كامل في ما بينهم، على الخوض بالعملية السياسية الجديدة ككتلة وتحالف واحد. قلنا منذ البداية، إنه إذا لم يتحقق مشروعنا ذو المواصفات الإصلاحية، فإننا سنتجه رسمياً إلى المعارضة".

بدروه، رأى المحلل السياسي العراقي محمد شفيق، أن "تغريدة الصدر الأخيرة تؤكد وجود تحالف فعلي بين القانون والنصر والفتح، لأن التحالف بين سائرون والفتح بالأساس كان هشاً. ما زال العراق يعيش محطة طائفية"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "المعروف عن أعضاء حزب الدعوة أنهم يتوحدون في أوقات الأزمات، وحين يشعرون بخطر كما حصل في عام 2014". ورجح "ذهاب الصدر إلى المعارضة، الذي سيحقق له مزيداً من الشعبية".