تفاهمات الكتل السياسية العراقية: تحالفات شفوية قابلة للنقض

25 يونيو 2018
تحالف الصدر مع العبادي هو الثالث له(حيدر همداني/فرانس برس)
+ الخط -
مع إعلان التحالف المبدئي بين قائمتي "النصر" بزعامة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، و"سائرون" بزعامة مقتدى الصدر، مساء السبت، يكون عدد التحالفات المعلنة في العراق لغاية الآن وصل إلى ثلاثة، يشترك الصدر في جميعها بوصفه قطباً رئيسياً، كما أنها أُعلنت كلها من منزله في حي الحنانة، أحد أقدم أحياء النجف التاريخية، جنوب العراق.
التحالف الأول كان في بداية الشهر الحالي بين كتل "سائرون" و"الوطنية" و"الحكمة"، تلاه التحالف الثاني في الثاني عشر من الشهر الحالي بين "سائرون" وقائمة "الفتح"، الجناح السياسي لمليشيات "الحشد الشعبي" الموالية لطهران. أما التحالف الثالث، فأُعلن أول من أمس السبت بين "سائرون" و"النصر" بزعامة حيدر العبادي، وسط معلومات حصلت عليها "العربي الجديد" من مصادر سياسية في النجف مقربة من زعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر تؤكد أن الأخير يستعد للتفاهم أيضاً مع قوى عربية سنّية حول تحالف مماثل لما أعلن عنه سابقاً.

ولا يغيب التدخّل الإيراني عن هذه التحالفات، وهو ما أكده سياسي مقرب من العبادي تحدث لوكالة "أسوشييتد برس"، قائلاً إن "الإرادة الإيرانية" كانت وراء تحالف الصدر مع "الفتح". وأضاف أن إيران "بعثت برسالة إلى أميركا مفادها أنه ما زال لها دور كبير ونفوذ في العراق". كما أكد سياسيان عراقيان للوكالة، لم تكشف عن اسميهما، أن ائتلاف "سائرون" و"الفتح" جاء في أعقاب ضغوط إيرانية مكثّفة.

وعلى الرغم من أن كل التحالفات السابقة لم تكن رسمية ولم يوقّع أي من الأطراف السياسية عليها كما جرت العادة في العراق، إلا أن مسؤولين في بغداد يؤكدون أن الصدر يقوم بمحاولات مستميتة لامتصاص امتعاض شعبي يواجهه، خصوصاً في الوسط المدني ومناصريه جنوب العراق والعاصمة بغداد، منذ تحالفه مع "الفتح" بزعامة هادي العامري، وذلك من خلال مساعيه لكسب كتل أخرى تكسر الصورة الطائفية المتوقعة لتحالف الكتلة الكبرى التي ستشكل الحكومة، وتحافظ على الحد الأدنى من شعاراته التي رفعها سابقاً حول الدولة المدنية والحكومة الخالية من المحاصصة الطائفية.

وفي هذا الإطار، قالت مصادر مقربة من تحالف "الفتح"، لـ"العربي الجديد"، إن قيادات التحالف، خصوصاً هادي العامري وقيس الخزعلي، ممتعضون من عدم استشارة مقتدى الصدر لهم في خطوته إعلان تحالف مبدئي مع قائمة حيدر العبادي، مساء السبت، وإنهم علموا بذلك قبل ساعات من ظهور العبادي والصدر في مؤتمر صحافي عبر وسائل الإعلام العراقية.

وأوضح قيادي بارز في تحالف "الفتح"، في حديث هاتفي مع "العربي الجديد"، أنه جرت تفاهمات سابقة مع الصدر من عدة نقاط أبرزها عدم ضم أي كتلة جديدة للتحالف بين "الفتح" و"سائرون" إلا بموافقة الطرفين، "لكن الصدر لم يلتزم بذلك". وأضاف "أي شخص يزور السيد الصدر في منزله ويعرض عليه التحالف، يوافق الأخير ويستدعي وسائل الإعلام للخروج في مؤتمر صحافي مشترك معلناً عن ذلك"، مستدركاً بالقول "اعتقد أن هذا عبث، فهناك نقاط رئيسية وصعبة لا يوجد عليها تفاهم مع العبادي الذي ما زال مصراً على الترشح لولاية ثانية ويرفض الانسحاب من حزب الدعوة ويتهرب من شروط أخرى سُلّمت له مسبقاً". وتابع: "هذا الوضع الداخلي، بينما ما يُقال في العلن حول رد فعل الفتح على التحالف بين الصدر والعبادي هو لتجنّب ظهور الخلافات الحالية إلى العلن بشكل أوسع"، مضيفاً أنه "لا يمكن القول مع تحالف العبادي مع الصدر إنه بات لدينا تحالف كبير من ثلاث كتل هي الفتح والنصر وسائرون، فالتفاهمات يمكن أن تنقضّ في أي وقت".


في المقابل، قال المتحدث باسم تحالف "النصر"، حسين العادلي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن التحالف بين قائمته وقائمة الصدر كان "تتويجاً لمباحثات مطوّلة وعميقة"، معلناً "أننا نأمل أن يكون التحالف الحالي نواة صلبة للكتلة الكبرى"، مؤكداً أن "التفاهمات مع الكتل الأخرى مستمرة". ورداً على سؤال عما إذا كانت التحالفات الحالية تعني خلق كتلة كبيرة ناتجة عن تحالف "النصر" و"سائرون" إضافة إلى قائمة "الفتح"، قال العادلي، "لا يمكن قول ذلك، فالتحالف هو ثنائي بين النصر وسائرون، والحوارات مستمرة".

من جهته، قال القيادي في التيار المدني العراقي، فاضل السوداني، لـ"العربي الجديد"، إن كل "الإعلانات الحالية عن تحالفات لا يمكن الاعتماد عليها، وهي بمثابة تفاهم مبدئي بين الكتل". واعتبر أن "الإطار العام الذي تدور فيه تلك التحالفات ما زال طائفياً، حتى لو حدثت عمليات تجميل أو حتى ترقيع لها"، لافتاً إلى أن التصديق الرسمي سيكون بعد إعلان النتائج "ونعتقد أن أمامنا ما لا يقل عن شهرين، وهي مدة كافية لإحداث تغييرات كبيرة في الخارطة السياسية العراقية".

وفي السياق، أكد القاضي جعفر الموسوي، المتحدث السياسي باسم مقتدى الصدر، أن الاتفاقات السابقة التي أبرمها الصدر مع الكتل الأخرى سارية المفعول، موضحاً أنه سيتم الإعلان قريباً عن الكتلة الكبرى لتشكيل الحكومة. وقال الموسوي في بيان أمس الأحد إن "كل الاتفاقات السابقة المعلن عنها سارية ونافذة، وأكملتها خطوة تحالف النصر وسائرون". وأضاف الموسوي أن "الأبواب مفتوحة لمن يؤمن بالإصلاح"، لافتاً إلى أنه "سيتم الإعلان عن الكتلة الكبرى قريباً لتشكيل الحكومة المقبلة".

أمام هذا الواقع، رأى القيادي في تحالف "الفتح"، فالح الخزعلي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الحكومة المقبلة لن تختلف عن سابقاتها". وأضاف "بما أنه لا توجد كتلة سياسية واحدة تريد أن تذهب للمعارضة، فإن الكتل كلها ستتجه للمشاركة في الحكومة المقبلة التي لن تكون مختلفة عن السابقة إلا بمقدار بسيط"، متابعاً "اعتقد أنه بعد 8 أشهر من تشكيل الحكومة، هناك كتل ستتفكك، وقد يتبرأ بعض زعماء الكتل من وزرائهم، وبعد سنتين من الآن سيخرجون بتظاهرات على اعتبار أن الحكومة لا تلبي متطلبات الشعب العراقي"، في ما بدا غمزاً واضحاً من زاوية مقتدى الصدر.