محاولات لفهم كيف يخترق "ولاية سيناء" الطوق الأمني

18 يونيو 2018
الأمن بات أفضل نسبياً (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -
لم تكن حادثة اغتيال قائد جهاز الأمن المركزي في محافظة شمال سيناء اللواء ناصر حسين قبل أقل من شهر، سوى بداية لاختراق تنظيم "ولاية سيناء" الموالي لتنظيم "داعش" الطوق الأمني الذي فُرض بقوة النيران خلال العملية العسكرية الشاملة، التي أطلقها الجيش المصري قبل أكثر من 4 أشهر في سيناء. وعلى مدار الأسابيع القليلة الماضية، وقعت هجمات عدة تركّزت في مدينة العريش، عاصمة محافظة شمال سيناء، وإحدى أكبر المدن التي تركّز المنظومة الأمنية المصرية على فرض الأمن فيها. وهذا ما ظهر جلياً عقب أسابيع قليلة من بدء العملية العسكرية، إلا أن ذلك بدأ بالتلاشي أخيراً على وقع الهجمات التي استهدفت قوات الجيش والشرطة. وتمّ رصد وقوع 5 هجمات على الأقل بمدينة العريش ومحيطها بعد هدوء دام أسابيع طويلة بفعل الطوق الأمني الذي فرضته قوى الأمن المصرية على المدينة، فيما أوقعت هذه الهجمات خسائر بشرية ومادية في صفوف قوات الأمن، بينما تركزت الاستهدافات في مناطق بعينها. وضعٌ دفع بالمتابعين للشأن في سيناء إلى طرح الأسئلة حول كيفية اختراق التنظيم للطوق الأمني، ومعرفته بتحرك القوات، والعودة لتنفيذ هجماته بأريحية، دون تمكن قوت الأمن من تعقب المنفذين.

ومن أبرز الهجمات التي وقعت أخيراً تلك المتمثلة باستهداف دورية تابعة للعمليات الخاصة في الداخلية المصرية ما أدى لمقتل ضابط وعسكريين وإصابة آخرين جنوب مدينة العريش، تبعه استهداف جيب هامر ومدرعة أمنية لقوات الجيش جنوب المدينة أيضاً. كما قتل مسلحون مجهولون مهندساً في إدارة المرور بالمدينة يُدعى عماد البصيلي، بالإضافة لقتل ضابط برتبة ملازم من قوات الشرطة في المدينة، عدا عن استهدافات أخرى لم يكتب لها التنفيذ.

وفي التفاصيل، قال أحد وجهاء مدينة العريش لـ"العربي الجديد" إنه "لم نلبث أن فرحنا باستتباب الأمن نسبياً في المدينة بعد تحمّلنا للحصار المفروض عليها، والإجراءات الأمنية الخانقة التي أصابت كافة الأهالي، حتى عادت الأمور إلى ما كانت عليه ولو بشكل تدريجي، من خلال الهجمات التي استهدفت قوات الأمن في الأيام الماضية، أو حالات التصفية لأفراد يعملون في الأمن والحكومة. وهذا ما اشتهرت به مدينة العريش العام الماضي، ولكنه انعدم مع العملية العسكرية الشاملة، وعاد مجدداً في الأسابيع القليلة الماضية".

وأضاف: "نؤكد على وجود حالة من الأمن لم نرها منذ سنوات طويلة، لكن هناك نقاط ضعف عدة تستدعي المعالجة الفورية قبل عودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل العملية العسكرية الشاملة"، مشيراً إلى "وجود أحياء عدة في منطقة قسم ثالث العريش، والزهور، وابني بيتك، والعبيدات غير مسيطر عليها بشكل كامل، ولم تجرِ إعادة انتشار القوات فيها مجدداً خلال العملية العسكرية الحالية. ما أبقى الوضع على حاله، وسهل من حركة المجموعات الإرهابية التابعة للتنظيم".


وذكر أحد وجهاء العريش أن "هناك أحياء عدة في مدينة العريش تمركزت فيها قوات أمنية من الجيش والشرطة بشكل لافت، وازدادت مع العملية العسكرية على حساب المناطق الأخرى، مثل حي أبي صقل وقرية عاطف السادات وضاحية السلام التابعة لقسم أول العريش، في مؤشر إلى حالة من التمييز بين المناطق، وإبقاء حالة من الانفلات في اتجاهات معينة".

وعدا عن مدينة العريش، وقعت خلال الأيام الماضية هجمات عدة ضد تمركزات أمنية لقوات الجيش في مدينتي رفح والشيخ زويد، أدت لخسائر بشرية ومادية، بعد هدوء نسبي ساد تلك المناطق خلال الأشهر الماضية، في مؤشر إلى تغيير في المشهد الأمني الذي ساد في الآونة الأخيرة، ويعود بالحال إلى ما قبل 9 فبراير/شباط الماضي، تاريخ بدء العملية العسكرية الشاملة.

وتعقيباً على ذلك، قال باحث في شؤون سيناء لـ"العربي الجديد" إن "أول ما يمكن طرحه في هذه القضية يتمثل بحالة الاختراق لقوات الأمن من قبل مجموعات التنظيم، من خلال إيصال المعلومات عن تحرّك القوات. وهذا مثبت في حالات سابقة، بأن جرى اعتقال عسكريين بتهمة تسريب معلومات للتنظيم، وإلا كيف يمكن للتنظيم الذي يعيش حالة حصار خصوصاً في مدينة العريش، أن يستطيع تنفيذ عمليات نوعية يلزمها رصد ومتابعة دقيقة، وفي مناطق باتت آمنة بجهود العملية العسكرية الشاملة، والتي مسحت مناطق زراعية وصناعية عن وجه الأرض بهدف تحقيق الأمن المنشود؟".

وأضاف الباحث أن "الهجمات الأخيرة للتنظيم تشي بوجود أيضاً حالة من التراخي في صفوف القوات، خصوصاً في مدينتي رفح والشيخ زويد، إذ أن الهجمات تأتي بعد هدوء نسبي من ناحية الهجمات الإرهابية لم تعيشه هذه المناطق منذ خمس سنوات. وقد يشجع التنظيم على تنفيذ المزيد من الهجمات خلال المرحلة المقبلة". ولفت إلى أن "استمرار الهجمات بهذه الوتيرة على الأقل، يقود إلى نتيجة مفادها فشل العملية العسكرية الشاملة التي بدأت في 9 فبراير الماضي".

وبيّن أن "الحوادث الأمنية الأخيرة أثبتت أن محاولة اغتيال قائد الأمن المركزي لم تكن عشوائية، وبالمؤكد أنها جاءت بناءً على معلومة دقيقة، إذ كيف للتنظيم أن يعرف بوجود شخصية أمنية بهذا الحجم في دورية أمنية لا تختلف عن عشرات الدوريات التي تسير في ذات المنطقة لولا حصولها على معلومة من داخل قوى الأمن تؤكد وجوده، وما حصل مع اللواء حسين يندرج مع بقية الحوادث الأخيرة التي شهدتها مدينة العريش خصوصاً".


المساهمون