السيسي ينتظر تحالفاً سعودياً إماراتياً لإنقاذ مفاوضات سد النهضة

13 يونيو 2018
لم يعد أمام السيسي سوى العون الخليجي (بندر القلعود/الأناضول)
+ الخط -

كشفت مصادر دبلوماسية مصرية، لـ"العربي الجديد"، عن "تحرّك سعودي إماراتي جديد نحو إثيوبيا، لإقناعها بالتعاطي مع المخاوف المصرية الخاصة بالتأثيرات السلبية للسد"، لافتة إلى أن "هناك تعويلاً مصرياً كبيراً على ذلك التحرك لإنقاذ الموقف". واستطردت المصادر: "صانع القرار المصري يدرك تماماً أن كافة الأبواب حالياً مع إثيوبيا مغلقة تماماً، ولا يوجد أي حلول في إطار الآلية الثلاثية بين مصر والسودان وإثيوبيا تلوح في الأفق القريب، وليس أمام مصر سوى العون الخليجي". ولفتت المصادر إلى أن "القاهرة حصلت على وعود سعودية إماراتية بالتدخل الحاسم، لتجاوز الأزمة عبر تقديم إغراءات اقتصادية للحكومة الجديدة في إثيوبيا تجعلها تستجيب للمطالب المصرية"، مؤكدة أن "التحركات السعودية الإماراتية، ستكون عبْر حزمة استثمارية ومساعدات اقتصادية على مراحل عدة، لتعوّض أديس أبابا عن أي تأخير متعلق بخطتها الرسمية لتشغيل السد".

وأشارت المصادر إلى أن "التدخل السعودي الإماراتي يهدف لإقناع أديس أبابا بتلبية المطلب المصري بزيادة عدد سنوات ملء خزان السد ليكون من 5 إلى 7 سنوات، بدلاً من 3 سنوات كما تقترح إثيوبيا". وأكدت المصادر أن "الحزمة الاقتصادية المقدمة من التحالف السعودي الإماراتي مغرية للجانب الإثيوبي"، موضحة أنه "في الوقت ذاته فإن المسار المصري في إطار صيغة الاجتماع التساعي بمخرجاته السياسية والاقتصادية والفنية مستمرة من دون توقف".

وقالت المصادر إن "زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد إلى مصر لم تحقق أي اختراق نوعي يذكر بشأن أزمة سد النهضة". وأوضحت المصادر المطّلعة على مسار الأزمة، أن "كل ما دار خلال زيارة أحمد للقاهرة والتي انتهت يوم الاثنين الماضي، كان متعلقاً بشأن التعامل الإعلامي مع الأزمة، وضرورة ضبط التصريحات الصادرة من أديس أبابا لما تسبّبه من أزمات سياسية في مصر، تجعل من الصعب على صانع القرار تجاوُز ردود فعل الشارع، وبالتالي يكون على صانع القرار المصري الرد بتصريحات مضادة لتبريد الشارع، وهو ما يزيد من تعقيد الأمور".

وكان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد قد بدأ زيارة رسمية لمصر مساء السبت، هي الأولى من نوعها منذ توليه منصبه، التقى خلالها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. وتعرّض السيسي لهجوم عنيف في الأوساط الدبلوماسية والسياسية، بسبب إدارته للمؤتمر الصحافي مع رئيس الوزراء الإثيوبي، بعدما طالبه بأن "يتحدث باللغة العربية ويقسم أمام المصريين أنه لن يتسبب في ضرر لمصر". ورأى مراقبون أن "هذه طريقة جديدة في إدارة المفاوضات السياسية بين الدول"، في سخرية واضحة من طريقة إدارة الأزمة.

وقال خبير مصري في الشأن الأفريقي "هناك إصرار عجيب على اتباع نهج أبعد ما يكون عن أساليب إدارة الأزمات المعتمدة دولياً"، لافتاً إلى أنه "قبل ذلك خرج السيسي عقب اجتماع مغلق بينه وبين رئيس الوزراء الإثيوبي السابق هايلي ميريام ديسالين، قائلاً إن الأزمة انتهت وستستمعون كلاماً جيدا، لتتعقد الأمور بعدها وتتصاعد الخلافات بين الأطراف الثلاثة".


وحول تأثير قيادة مصر للاتحاد الأفريقي خلال الفترة المقبلة، عقب انتهاء رئاسة رواندا للاتحاد في دورته الحالية، على مسار المفاوضات، أكد الخبير المصري، أن هذا "لن يكون له تأثير كبير على مسار الأزمة"، مشدداً على أن "إثيوبيا موقفها قوي في الأزمة الحالية، خصوصاً بعدما نفّذت بناء السد وفقاً للتصورات الإثيوبية الخالصة التي تحقق مصالحها فقط، وانتهت من ذلك لتجعل الجميع أمام الأمر الواقع، وتنقل التفاوض إلى معايير التشغيل وليس الطاقة الاستيعابية للسد، ومواصفاته الفنية".

وكانت مصادر مصرية قد ذكرت لـ"العربي الجديد"، أن "المباحثات المطوّلة على مدار يومين بين السيسي وأحمد، لم تتطرق إلى أية حلول جذرية لمشكلة فترة الملء الأولى لخزان السد، والتي تمثل العقدة الرئيسية في القضية، غير أن المباحثات تناولت جميع القضايا محل الاهتمام المشترك بين البلدين، بما في ذلك مباشرة مصر دوراً وسيطاً لحلحلة جميع المشاكل العالقة بين إثيوبيا وإريتريا، على خلفية القرار التاريخي لحكومة أديس أبابا أخيراً بتنفيذ اتفاق الوساطة الموقع في الجزائر عام 2000".

كذلك تناولت المحادثات دراسة الخطوات العملية لتفعيل المشروع الذي سبق واتفق عليه السيسي مع رئيس الوزراء الإثيوبي السابق هايلي ميريام ديسالين لإنشاء منطقة حرة صناعية مصرية في إثيوبيا، على غرار المناطق الحرة الصينية هناك، وتمّ الاتفاق على توسيع أعمال شركة المقاولين العرب الحكومية وكذلك شركة السويدي للكابلات، وكلتاهما تعملان في مجال المقاولات والإنشاءات المعمارية، فضلاً عن دخول عدد من الشركات الحكومية والتابعة لجهات سيادية السوق الإثيوبية في مجالات تصنيع الأخشاب والحديد والصلب والمعادن.

وبحسب المصادر فإن "هذه الخطوات تؤدي دوراً مساعداً لحل الأزمة الراهنة بما يحافظ على حقوق مصر، أو على الأقل  يفيد في تخفيف الأضرار المتوقعة من فترة الملء الأولى للخزان، التي ترفض إثيوبيا بشكل قاطع أن تشارك مصر في إدارتها بتحديد نسب الملء أو الفائض ربع السنوي، ولذلك اتفق السيسي وأحمد على ترك هذه التفاصيل الفنية لتناقش بتوسع في الاجتماع التساعي الجديد المقرر عقده في القاهرة الأسبوع المقبل بين وزراء الخارجية والري ومديري الاستخبارات في مصر والسودان وإثيوبيا، بحضور ممثلي المكتب الفني، وسيتم خلال الاجتماع استعراض تقرير اللجنة الفنية المشتركة حول الرد الفني على التساؤلات والملاحظات والاعتراضات التي تساور كلاً من إثيوبيا والسودان بشأن التقرير الفني الاستهلالي الذي لم يحظ بقبول كامل إلاّ من مصر".