واشنطن تستخدم "الفيتو" ضد مشروع قرار كويتي لحماية الفلسطينيين

01 يونيو 2018
الولايات المتحدة صوتت وحدها لمشروع قرارها (دراو أنجيري/Getty)
+ الخط -
عرقلت الولايات المتحدة مشروع القرار الكويتي المتعلق بـ"تقديم الحماية الدولية للشعب الفلسطيني"، الجمعة، في مجلس الأمن الدولي، عبر استخدام حق النقض (الفيتو). ولم تكتف بذلك، بل تقدمت بمشروع قرار مضاد يدعو إلى إدانة حركة "حماس"، إلا أنها فشلت في تمريره، بعد أن امتنعت 11 دولة عن التصويت عليه، وعارضته روسيا والصين والكويت.

وكان ذلك بمثابة فضيحة لمشروع القرار الأميركي، إذ كانت الولايات المتحدة الدولة الوحيدة التي أيدت القرار الذي قدمته بعدما أفشلت مشروع القرار الكويتي بتقديم الحماية للشعب الفلسطيني. وصوتت أميركا لمصلحة مشروع قرارها، فيما امتنعت 11 دولة عن التصويت وعارضته ثلاث دول.

وقالت المندوبة الأميركية في مجلس الأمن، نيكي هيلي، إن بلادها تعارض مشروع القرار الكويتي وتستخدم "الفيتو" ضده، لأنه "يضع كل اللوم على إسرائيل".

وقد حصل مشروع القرار الكويتي على موافقة 10 دول وامتناع 4 عن التصويت، بينها بريطانيا وهولندا، إلا أن استخدام الولايات المتحدة حق النقض "فيتو" حال دون تبني القرار.

بدوره، أبدى المندوب الكويتي، منصور العتيبي، أسفه لعدم تصويت المجلس لمصلحة القرار العربي الذي يدعو إلى حماية المدنيين، واحترام القانون الدولي الإنساني، مضيفا أن "إسرائيل تظهر من جديد بأنها دولة مستثناة من القانون الدولي".

وفيما أعلنت المندوبة البريطانية، كارن بيرس، أنها ستمتنع عن التصويت لمصلحة مشروعي القرارين العربي والغربي، انتقد المندوب الفرنسي في مجلس الأمن، فرانسوا دولاتر، "صمت وعجز مجلس الأمن غير المقبول، الذي يهدد بأزمة جديدة في الشرق الأوسط".

أما السفير الفرنسي، فرانسوا دولاتر، فقال إن الصمت المدوي الذي يشهده مجلس الأمن تجاه فلسطين غير مقبول وكارثي بالنسبة لمصداقية مجلس الأمن، وقال إن "نص الكويت كان يحتوي على بعض الصعوبات". وأشار إلى أن "الكويت أخذت تلك التعديلات بعين الاعتبار، والنص النهائي ليس مثالياً، ولكن أدخلت عليه تعديلات مقبولة وقمنا بتأييد النص".

بينما قالت نيكي هيلي إن "الجانب الكويتي لم يأخذ كل التعديلات بعين الاعتبار، ولدينا تحفظات كثيرة. "حماس" تتحمل المسؤولية الأساسية عن الظروف في غزة، وهي من حوّل مسار المساعدات لاستخدامها عسكرياً، وهي التي هاجمت وصول المسارات الإنسانية". وتحدثت السفيرة الأميركية مطولا، مدعية أن القرار "منحاز وأحادي الجانب ومفلس أخلاقيا، ولن يؤدي إلا إلى خدمة وتقويض الجهود الجارية من أجل التوصل إلى سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين".

وعلى عكس ما تدعيه السفيرة الأميركية، فإن مشروع القرار الكويتي، الذي اطلع "العربي الجديد" على نسخته الأخيرة قبل التصويت، نصّ في فقرته الخامسة على "شجب إطلاق القذائف من قطاع غزة صوب مناطق مدنية إسرائيلية".

ووضعت الكويت، الدولة العربية الوحيدة العضو في مجلس الأمن حاليا، القرار للتصويت عليه، مساء الخميس بتوقيت نيويورك، باللون الأزرق، أي بصياغته النهائية، لكن قبل التصويت بأقل من ساعتين أعلن عن تأجيله لمزيد من المباحثات.

وكان متوقعاً أن تُفشل الولايات المتحدة القرار الكويتي باستخدام الفيتو، خاصة مع صدور بيان، أمس الخميس، باسم السفيرة هيلي، أكدت خلاله أن "الولايات المتحدة سوف تصوّت ضد مشروع القرار الكويتي"، مضيفة أنه "مشروع قرار منحازٍ أحادي الجانب ومفلس أخلاقياً، ولن يؤدي إلا إلى تقويض الجهود الجارية من أجل التوصل إلى سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين".


ومن أهم ما تضمّنه مشروع القرار الكويتي، دعوته إلى "اتخاذ الإجراءات والخطوات اللازمة التي تضمن الحماية والأمن للمدنيين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها قطاع غزة"، ومطالبة الأمين العام للأمم المتحدة بـ"بحث الحالة الراهنة وتقديم تقرير خطي بأسرع ما يمكن، وفي موعد لا يتجاوز ستين يوماً من تبنّي القرار، يتضمّن مقترحات تتعلق بسبل ووسائل تضمن سلامة وحماية السكان المدنيين الفلسطينيين تحت الاحتلال الإسرائيلي".

وتنصّ هذه الفقرة على الطلب من الأمين العام تقديم اقتراحات متعلقة بـ"آليات حماية دولية"، التي لا تعني بالضرورة استخدام قوات حفظ للسلام والأمن الدوليين التابعة للأمم المتحدة.

وحثّ مشروع القرار على توفير المساعدات الإنسانية بشكل فوري وبدون عائق للمدنيين الفلسطينيين، مع الأخذ بعين الاعتبار الاحتياجات الملحّة للسكان، بما فيها الماء والكهرباء والغذاء.

ودعا مشروع القرار إلى العمل على تهيئة الظروف اللازمة للعودة إلى طاولة المفاوضات وبدء "مفاوضات ذات مصداقية تناقش جميع قضايا الوضع النهائي من أجل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ عام 1967، وإقامة سلام شامل وعادل على أساس حل الدولتين، إسرائيل وفلسطين، جنباً إلى جنب بسلام مع حدود آمنة ومعترف بها، على أساس قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، ومرجعية مدريد، بما فيها مبدأ الأرض مقابل السلام، ومبادرة السلام العربية وخارطة طريق للجنة الرباعية، كما نص عليه القرار رقم 2334 (2016) وقراراته ذات الصلة".

واطلع "العربي الجديد" على نسخة من التعديلات الأميركية "الجذرية" التي تنسف وتغيّر كليا المشروع الكويتي وتدين الجانب الفلسطيني وتحمّله المسؤولية عما يحدث في غزة وتحت الاحتلال، وتحمّل كلاً من حركتي حماس والجهاد الإسلامي المسؤولية عما يحدث في القطاع من مقتل للمدنيين الفلسطينيين على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي. وفي أكثر من مناسبة، يشدد الجانب الأميركي على وصف حركة حماس بـ"الإرهابية". كما يطلب من الأمين العام تقديم تقرير في موعد لا يتجاوز ستين يوما بعد اعتماد القرار بشأن "استغلال المتظاهرين".


وتشمل "التعديلات" الأميركية شطب أكثر من نصف فقرات القرار الكويتي، خاصة تلك التي تتحدث عن استهداف المدنيين وإدانة عنف الاحتلال ومسؤوليته كجهة قائمة بالاحتلال عن تقديم الحماية للمدنيين.

وعلى سبيل المثال، طالب الجانب الأميركي بإضافة الفقرة التالية والتي تطالب "جميع الدول الأعضاء بالامتناع عن تزويد الجماعات المسلحة في غزة بأسلحة أو أي مواد أخرى يمكن استخدامها في الهجمات الصاروخية". وفي المقابل طلب حذف الفقرة الثانية من القرار الكويتي والتي تنص على "شجب أي استعمال من جانب القوات الإسرائيلية للقوة بشكل مفرط وغير متناسب وعشوائي ضد المدنيين الفلسطينيين في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس المحتلة، خاصة قطاع غزة، ويشمل ذلك استخدام الذخيرة الحية ضد المتظاهرين المدنيين، بمن فيهم الأطفال، وضد الطواقم الطبية والصحافيين. كما يعرب عن قلقه البالغ إزاء مقتل الأبرياء".

أما الفقرة الثالثة التي طالب الجانب الأميركي بشطبها فنصت على مطالبة "إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، بالامتناع عن القيام بمثل تلك الأعمال، وأن تتقيد بالالتزامات والمسؤوليات القانونية الواقعة على كاهلها بموجب اتفاقية جنيف الرابعة (12 تموز/أغسطس 1949) المتعلقة بحماية المدنيين في الحروب".

ومن ضمن الفقرات الإضافية التي طالب الجانب الأميركي بحذفها كاملة، الفقرات الجوهرية والرئيسة للقرار، خاصة تلك التي نصت على دعوة مجلس الأمن "إلى النظر في التدابير اللازمة لضمان سلامة وحماية السكان المدنيين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك قطاع غزة". وتلك الفقرة التي تدعو إلى اتخاذ خطوات فورية من أجل إنهاء "سياسة الإغلاق والقيود التي تفرضها إسرائيل على حركة التنقل والوصول إلى قطاع غزة والخروج منه، بما في ذلك عن طريق فتح معبر قطاع غزة بشكل مستمر من أجل مرور المعونات الإنسانية والسلع التجارية والأشخاص وفقا للقانون الدولي".

كما طالب الجانب الأميركي بـ"تعديل" واحدة من أهم الفقرات في القرار الكويتي والتي تنص على أن مجلس الأمن "يطلب من الأمين العام للأمم المتحدة أن يقدم تقريرا خطيا في أقرب وقت ممكن، وخلال وقت أقصاه 60 يوما من تاريخ اتخاذ القرار، يتضمن مقترحات بشأن سبل ووسائل كفالة سلامة السكان المدنيين الفلسطينيين وتمتعهم بالحماية والأمان تحت الاحتلال الإسرائيلي، وتوصيات تتعلق بآلية دولية للحماية".

والتعديل الأميركي على هذه الفقرة نصّ على التالي "يطلب إلى الأمين العام أن يدرس الوضع الراهن وأن يقدم تقريرا خطيا في أقرب وقت ممكن، وفي أجل أقصاه 60 يوماً من تاريخ اتخاذ هذا القرار، عن المنظمات الإرهابية مثل "حماس" التي تستخدم المتظاهرين للتحريض ولتنفيذ أعمال عنف، خلال فترة التسعين يوماً الماضية، بهدف تفادي وقوع هذه الاشتباكات في المستقبل".