بوادر أزمة برلمانية في تونس بسبب مطالب بتنحي الشاهد

27 مايو 2018
مصير الشاهد يحسم غداً الإثنين (Getty)
+ الخط -
تلوح في تونس، أخيراً، بوادر أزمة برلمانية، مع تمسك غالبية قادة اتفاق قرطاج برحيل رئيس الحكومة يوسف الشاهد، في غياب أغلبية برلمانية لإزاحته ومنح الثقة لخلفه من دون موافقة حزب "النهضة".

وينتظر خلال اجتماع يوم غد الإثنين الحسم في مصير الشاهد، إمّا بتجديد الثقة وإعطائه الضوء الأخضر للشروع في مشاورات التحوير الوزاري، وهو السيناريو الأبعد عن رغبات غالبية قادة اتفاق قرطاج، والأيسر عملياً لتمرير التحوير في البرلمان، وإما بإقرار إزاحة الشاهد، وهو سيناريو صعب التنفيذ برلمانياً.

ولم تجد رغبات قادة اتفاق وثيقة قرطاج انعكاسها السياسي تحت قبة مجلس نواب الشعب. فمع تمسك حزب "النهضة"، صاحب الـ68 مقعداً برلمانياً، بالإبقاء على يوسف الشاهد رئيساً لحكومة الوحدة الوطنية، يتضاءل أي مشروع لتنحيته عن طريق البرلمان، حتى إن "نداء تونس" (56 نائباً) قد يجد نفسه وحيداً أمام هذا السيناريو، خصوصاً بعد إعلان الكتل المنشقّة عن "النداء"، التي منحت ثقتها سابقاً للشاهد، تمرّدها على اتفاق قرطاج وانتفاضتها ضد الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي.

ويرجّح مراقبون، في ظل تمسك حزب "النهضة" بموقفه، استحالة حجب الثقة عن الشاهد من دون حصول توافق مع الأحزاب البرلمانية من خارج اتفاق قرطاج، إذ أعلنت كتلة "الحرة لمشروع تونس" (20 نائباً) رفضها مسار وثيقة قرطاج (2)، كما نددت "الكتلة الوطنية" (9 نواب) بمخرجات بنود الوثيقة.


كذلك رفضت مجموعة "آفاق تونس" (6 نواب)، المنسحب من اتفاق قرطاج، المسار برمته، فيما لا يخفى سلفاً موقف كتلتي المعارضة البرلمانية الجبهة "الشعبية" (15 نائباً) و"الكتلة الديمقراطية" (12 نائباً) اللتين تتناقض مواقفهما مع ائتلاف الحكم، سواء في منح الثقة للحكومة أو حجب الثقة الذي سيمهّد الطريق لرئيس حكومة جديد وينتصر لرغبة (نداء تونس).

وشرع برلمانيون من كتل مختلفة في إعلان مواقفهم بشكل مبكر قبل الفصل في مصير الشاهد، وذلك برفضهم سلفاً حجب الثقة عنه أو الانخراط في ما اعتبروه لعبة سياسية، كما نددوا في الوقت ذاته بالمدير التنفيذي لحزب "نداء تونس" وبمواقف الاتحاد العام التونسي للشغل.

ونشر نواب منشقون عن حزب "نداء تونس"، ينتمون إلى كتلة "الحرة لمشروع تونس" والكتلة الوطنية ومن نواب "الاتحاد الوطني الحر" تدوينات منددة بقرار قادة اتفاق قرطاج، إذ كتبت النائبة عن كتلة "الحرة لمشروع تونس" ناجية بن عبد الحفيظ، على صفحتها، "لن أصوت لسحب الثقة من الشاهد. هذا بلدي ووطني وليست مزرعتكم يا حماة الفساد".

بينما كتبت النائبة عن الكتلة الوطنية ليلى الشتاوي: "لن أسحب الثقة من الشاهد وحافظ قائد السبسي يقود البلاد إلى الخراب"، فيما كتبت النائبة صبرين قوبنتيني: "لن أسحب الثقة من الشاهد والبلاد ليست مزرعتك يا حافظ".

وتعد السيناريوهات الدستورية لإطاحة الشاهد صعبة المنال، بعد إعلان المواقف والنوايا التي تقود جلها إلى قبة البرلمان للحسم، فإذا لم يتقدم من تلقاء نفسه بالاستقالة، سيبحث المطالبون برحيله عن سيناريوهات دستورية أخرى، على غرار إكراهه على عرض حكومته على البرلمان طلباً بالحصول على الثقة، كما فعل سلفه الحبيب الصيد، وهو السبيل الأيسر أمام "نداء تونس" وقادة قرطاج، ولكنه يحتاج إلى تسليط ضغوط سياسية جمة على الشاهد المتمسك بالبقاء على رأس الحكومة.


ويطرح الدستور أيضاً ورقة طلب الرئيس السبسي من البرلمان التصويت على الثقة للحكومة، وهو سيناريو لا يميل إليه الرئيس، لأن فيه مخاطرة كبيرة قد تكون عواقبها وخيمة، لأنه في حال تم تجديد الثقة بالحكومة فسيدفع إلى استقالة رئيس البلاد.

أما السيناريو الآخر فهو القيام بعريضة لوم للشاهد، ويحتاج الأمر إلى جمع 73 توقيعاً ثم التصويت بالأغلبية المطلقة (109 أصوات)، وهو علاوة على صعوبته من الناحية العددية في هذا الظروف الحالية مع رفض حزب "النهضة"، فإن البند 77 من الدستور يطرح خلافاً قانونياً بمنع سحب الثقة من الحكومة في حالات الطوارئ.

ويرى مراقبون أن حركة "النهضة" تمثل رقماً صعباً في المعادلة الحالية لاتفاق قرطاج فلا يمكن بأي حال من الأحوال المرور برلمانياً من دون موافقتها على تنحية الشاهد.