اجتماعات سد النهضة اليوم: مصر تريد حقها بالاستخدامات الفعلية

15 مايو 2018
نسبة بناء السد تجاوزت الـ60 في المائة(زكرياس أبوبكر/فرانس برس)
+ الخط -


وسط أجواء مشحونة وتصريحات هجومية متبادلة بين مصر من جهة والسودان وإثيوبيا من جهة أخرى، من المقرر أن تستضيف العاصمة الإثيوبية أديس أبابا اليوم جولة ثانية من مفاوضات سد النهضة على مستوى اللجنة التساعية، بحضور وزراء الخارجية والري ومديري أجهزة الاستخبارات في الدول الثلاث، مصر وإثيوبيا والسودان، على مدى يوم واحد، لاستكمال المباحثات الرامية للخروج من حالة التعثر الحالية، والتوصل إلى تفاهمات مشتركة حول البنود العالقة، التي تعرقل الوصول إلى اتفاقات مرضية للجميع. في هذا الوقت، لم تفلح كافة جهود الوساطة التي لجأت إليها القاهرة للضغط على أديس أبابا وإقناعها بالتعاطي مع المخاوف المصرية، والتي كان آخرها رفض أديس أبابا استقبال وفد أميركي كان معنياً بالحديث في الأزمة.

وبحسب مصادر دبلوماسية، تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن إثيوبيا أبلغت إسرائيل أيضاً صعوبة التعاطي مع الملاحظات المصرية بشكلها الحالي، لما تمثله من تعارض مع مصالح الشعب الإثيوبي العليا، والتي كان من بينها محاولة إقناع أديس أبابا بالمطلب المصري الخاص بإشراك البنك الدولي في المفاوضات. وكانت القاهرة استغلت وجود اتصالات مفتوحة بينها وبين تل أبيب بشأن التوسط لدى حركة "حماس" لاحتواء مسيرات العودة، في طلب يد العون الإسرائيلية في أزمة السد، لما تملكه من علاقات ونفوذ لدى أديس أبابا. وتسعى مصر خلال جولة المفاوضات، بحسب مصادر فنية في وزارة الري، إلى تأكيد حقها فيما يسمى بالاستخدامات الفعلية وليس بالحصة الرسمية فقط المقدرة بـ 55.5 مليار متر مكعب فقط، مشددة على أن ذلك المبدأ تنص عليه كافة الاتفاقيات الدولية المنظمة للأنهار العابرة للحدود، في حين ترفض إثيوبيا الاعتراف باتفاقية العام 1959 بدعوى عدم مشاركتها بها، وأنه تم توقيعها أثناء فترات الاحتلال الإنكليزي. وكانت إثيوبيا قد أعلنت رفضها تصريحات لوزير الخارجية المصري، سامح شكري، حمّل فيها الخرطوم وأديس أبابا مسؤولية تعثّر المفاوضات الفنية خلال الاجتماع الأخير الذي ضم وزراء المياه بالدول الثلاث في إثيوبيا.

وتسيطر حالة من الخوف على الحكومة المصرية، بشأن الجولة الجديدة من المفاوضات، بعد فشل اجتماعات 5 مايو/أيار الحالي في أديس أبابا، وتأجيل تلك الاجتماعات لجلسة اليوم، بحضور وزراء الخارجية والري ورؤساء أجهزة الاستخبارات في مصر والسودان وإثيوبيا، وسط حالة من الترقب لمدى تجاوز التعثّر القائم في المسار الفني الثلاثي. وقال مسؤول في وزارة الموارد المائية، إن الموقف خطير بشأن سد النهضة، وإن إثيوبيا استطاعت من خلال "المراوغة" وتأجيل الاجتماعات الوصول إلى ما تريد من السد، خصوصاً بعدما قرُب من الانتهاء، كما أن العام المقبل سيشهد التشغيل الجزئي للسد وبدء التخزين، متوقعاً أن توافق مصر على أي بديل يتم طرحه من قبل الحكومة الإثيوبية، مشيراً إلى أن كل الاجتماعات التي عُقدت في العواصم الثلاث كان الفشل عنوانها، وأن أي اجتماعات لاحقة عنوانها الفشل، بسبب إصرار إثيوبيا على المضي قدماً في الانتهاء من السد وتشغيله لنهضة البلاد. وأضاف المسؤول أن إثيوبيا استطاعت بناء السد وأصبح أمراً واقعاً، وأن نسبة البناء تجاوزت الـ60 في المائة، في الوقت الذي لم تصل فيه المفاوضات إلى أية نتائج إيجابية، منوهاً إلى أن لدى مصر مخاوف جدّيّة من تأثر حصتها من مياه النيل والمقدرة بـ55.5 مليار متر مكعب، بسبب تخزين  إثيوبيا لنحو 74 مليار متر مكعب من مياه النهر خلف السد، من أجل توليد الكهرباء. ولفت المسؤول إلى أن مجموعة الخبراء قد أبلغوا المسؤولين، أكثر من مرة، بأن مسارات التفاوض وصلت إلى طريق مسدود، معتبراً أن عدم وجود بدائل مصرية حتى الآن للتعامل مع الأزمة هو ما يعطي إثيوبيا حق التعنت في التوصل إلى حلول، وأن الهدف الإثيوبي الأول والأخير هو استكمال بناء السد وبدء تشغيله.



وأكد المتحدث باسم وزارة المياه السودانية، عبد الرحيم جاويش، أن مصر أبلغت إثيوبيا عدم حضورها اجتماعات اللجنة الفنية على مستوى وزراء المياه لاستكمال المناقشات قبل الاجتماع التساعي، التي كان مقررا لها اليوم الإثنين في أديس أبابا. ووصف المتحدث باسم وزارة الماء الإثيوبية، ماس ألم، تصريحات شكري بأنها "تتناقض مع المبادئ التي وضعها رؤساء الدول الثلاث"، لافتاً إلى أن الاجتماع الثلاثي حول السد كان "بناءً على روح التعاون بين البلدان الثلاثة". وذكر ألم، في تصريحات للصحافيين، أن "مصر تريد أن تجرّ القضية خارج اتفاق إعلان المبادئ الموقّع في مارس/آذار 2015". وأضاف أن مثل هذه التصريحات، في إشارة لحديث شكري، "نخاف أن يكون لها تأثير على اجتماع" اليوم. وحمّل مصر المسؤولية "بسبب عدم تعاونها بجدية في المشاورات الثلاثية، بالإضافة إلى كشفها لوسائل إعلام بعض القضايا الحساسة". وأشار إلى أن السودان وإثيوبيا قدما تقريراً حول المشروع الاستهلالي للشركة الاستشارية الفرنسية لتصحيح بعض القضايا، ولكن مصر أعاقت هذه القضية.

وكان وزير الخارجية المصري قد قال خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الأوغندي، سام كوتيسا، في القاهرة قبل نحو أسبوع، فيما يتعلق بالجولة الأخيرة في أديس أبابا، "تحدثت مع وزير الري محمد عبد العاطي، وما وصل لي أنه لم يتم تجاوز التعثر الذي ينتاب هذا المسار منذ أكثر من سنة، نظراً لاستمرار إثيوبيا والسودان بالتحفّظ على التقرير الاستهلالي الذي أعدّه المكتب الفرنسي". وتدخل القاهرة جولة المفاوضات الجديدة، بحسب مراقبين، بلا أوراق ضغط في مواجهة موقف إثيوبي سوداني موحد. وفي الوقت الذي أكدت فيه كل من الخرطوم وأديس أبابا حرصهما على عدم إلحاق الضرر بالقاهرة، فإن اثيوبيا تصر على رفض الاعتراف باتفاقية 1959 التي تحصل مصر بمقتضاها على حصة سنوية من مياه النيل تقدر بـ55.5 مليار متر مكعب من المياه.