ثلاث كتل عراقية تتصدر نتائج التصويت الخاص ومخالفات بالجملة

11 مايو 2018
توقفت العشرات من الأجهزة الإلكترونية في مراكز الاقتراع كافة(الأناضول)
+ الخط -
انتهى، أمس الخميس، يوم التصويت الخاص في الانتخابات العراقية لأفراد الجيش والأمن ونزلاء السجون والمستشفيات، بالإضافة إلى المغتربين في واحد وعشرين دولة، بعشرات المشاكل التنظيمية والتقنية، فضلاً عن الخروق الانتخابية، بدءاً من تكدّس الناخبين أمام مراكز الاقتراع، مروراً بتعطّل أجهزة التحقّق الإلكترونية وارتفاع درجة حرارتها، انتهاءً بتسجيل عمليات تصويت قسرية للجنود وعناصر الشرطة من قبل آمريهم وقادة الوحدات، لصالح مرشحين محددين. في غضون ذلك، حصلت "العربي الجديد" على تسريبات من مسؤول رفيع في مفوضية الانتخابات، تؤكد تقدّم ثلاث قوائم في التصويت الخاص بفارق مريح على القوائم الأخرى في البصرة وبغداد والموصل وذي قار وصلاح الدين والقادسية وبابل وأربيل.

وبحسب المسؤول، وهو عضو في مجلس أمناء مفوضية الانتخابات، فإن نتائج التصويت الخاص بالنسبة للمغتربين والجيش والشرطة والنزلاء بالمستشفيات والسجون وقوات البشمركة وشرطة كردستان والأسايش، أظهرت تقدماً كبيراً لقائمة "النصر" بزعامة رئيس الحكومة حيدر العبادي، وقائمة "سائرون" التي يتحالف فيها التيار المدني مع الصدريين، بينما احتل "الحزب الديمقراطي الكردستاني"، بزعامة مسعود البارزاني، أكثر من نصف أصوات التصويت الخاص في أربيل ودهوك ضمن إقليم كردستان العراق.

وأوضح المسؤول في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أنه "حتى الثالثة من مساء (أمس) الخميس بتوقيت بغداد، كانت قائمة النصر متصدّرة في تصويت الجيش العراقي، وسائرون في تصويت الداخلية ونزلاء السجون، فيما تصدّر الشطر المدني بتحالف سائرون الانتخابي على باقي الكتل في اقتراع المغتربين، خصوصاً في أوروبا والولايات المتحدة ولبنان والإمارات"، مؤكداً أن "الحزب الديمقراطي الكردستاني تصدّر الكتل الكردية في تصويت إقليم كردستان للبشمركة والأسايش والشرطة المحلية، وبفارق مريح عن أقرب منافسيه، وهم مرشحو كتلة التغيير والاتحاد الوطني الكردستاني". ولفت إلى أن نتائج التصويت الخاص ستعلن مع إعلان نتائج التصويت العام بوقت واحد ولن تعلن منفردة، وفقاً لقوانين المفوضية.

إلى ذلك، وضعت المشاكل والمخالفات مفوضية الانتخابات أمام تحدّ كبير، إذ ينتظر منها تلافي جميع المشاكل التي ظهرت لديها أمس، يوم غدٍ السبت، في عملية التصويت العام، والتي يشارك فيها أكثر من 22 مليون عراقي، بعد استيفاء نحو 2 مليون ناخب حقهم في التصويت الخاص، أمس الخميس.

وأغلقت صناديق الاقتراع على نسبة مشاركة مرتفعة، بلغت أكثر من 60 في المائة، بحسب مسؤولين في مفوضية الانتخابات، وشملت أكثر من 600 ألف ناخب مشمولين بعملية الاقتراع الخاص. وجرت العملية الانتخابية وسط إجراءات أمنية مشددة، نجحت خلالها وزارة الداخلية في منع وقوع عمليات عنف ذات طابع إرهابي. وفي هذا الإطار، أكد المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية اللواء سعد معن، في حديث لـ"العربي الجديد"، "نجاح خطة تأمين يوم الاقتراع الخاص بشكل كامل"، لافتاً إلى أنه تمّ "إحباط عدد من المخططات الإرهابية في وقت سابق، كانت تستهدف المواطنين وقوات الأمن".


في المقابل، وفي جنوب العراق وتحديداً بمحافظة كربلاء، قال حبيب الطرفي، القيادي في حزب "الحكمة" الذي يتزعمه عمار الحكيم، إن "أخطاءً كثيرة وقعت خلال عملية تصويت القوات الأمنية في محافظة كربلاء، وتم تشخيص قلة أعداد أجهزة العد والفرز الإلكترونية المستخدمة في التصويت الخاص"، مبيناً أنّ "هناك أزمة، وهي عدم قراءة تلك الأجهزة لبصمة الإصبع للمنتسبين ضمن الأجهزة العسكرية، الأمر الذي أدى إلى زيادة طوابير المصوّتين وتأخّر العملية".

وحدثت المشكلة نفسها شمالي البلاد، وتحديداً في السليمانية، حيث ذكرت وسائل إعلام أن العسكريين هناك انتقدوا تأخّر عملية الاقتراع، فيما عاد الكثير منهم إلى بيوتهم ومقرات عملهم على أمل الرجوع في ساعات أخرى.

أمّا في ديالى (شرقي بغداد)، فقد أبلغ عضو في المجلس المحلي للمدينة "العربي الجديد"، عن تعرّض عناصر أمنية لضغوطات من أجل انتخاب شخصية سياسية مُرشحة ضمن "تحالف الفتح" الذي يضم قوى "الحشد الشعبي" السياسية. وقال عضو المجلس إن "بعض العناصر الأمنية تعرضوا لابتزاز وضغوط من قبل مراقبين في مركز انتخابي ضمن مدينة بعقوبة، من أجل التصويت لصالح شخصية معينة، ما أدى إلى استغراب عناصر القوات الأمنية الموجودة، حتى اضطر عدد منهم إلى مغادرة المركز الانتخابي من دون الإدلاء بأصواتهم".

وفي الأنبار (غربي البلاد)، أحدثت صور تداولها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، سخطاً شعبياً، بعد أن ظهرت آلية تابعة لشرطة الأنبار وقد عُلّقت عليها صورة المحافظ محمد الحلبوسي، وهو مرشح للانتخابات ضمن "تحالف الأنبار هويتنا"، الأمر الذي دفع رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي إلى التوجيه بفتح تحقيق عاجل بشأن استخدام المحافظ آليات وزارة الداخلية ضمن الحملات الانتخابية.

كذلك، أكّدت مصادر في الجيش العراقي ممارسة ضغوط على جنود الفرقة الأولى من قبل ضابط في الجيش طالبوهم بانتخاب وزير الدفاع الأسبق، سعدون الدليمي، وصلت إلى حد التلويح بحرمانهم من الإجازة الشهرية الخاصة بهم في حال لم يستجيبوا لطلبهم.

ولوحظ ضعف دور المراقبين الدوليين والمحليين، في مقابل تكدس مراقبي الكيانات والأحزاب السياسية في مراكز الاقتراع وتحدّثهم مع الجنود والأفراد الأمنيين بشكل شخصي، إلى حدّ مرافقتهم حتى صناديق الاقتراع. وسجّل وجود عدد كبير من المراقبين الدوليين، إذ تجاوزت أعدادهم، وفقاً لأرقام المفوضية، التسعمائة مراقب دولي وأكثر من سبعة آلاف مراقب محلي، عدا عن مئات الصحافيين المحليين والعرب والأجانب الذين سمح لهم بتغطية الحدث من مراكز اقتراع خاصة حدّدت لهم مسبقاً.

وظهرت مشاكل ومخالفات انتخابية متشابهة في جميع المدن والمحافظات العراقية، من أبرزها توقف العشرات من الأجهزة الإلكترونية في مراكز الاقتراع كافة، وعدم تطابق البصمة مع الجهاز، وقلة عدد الأجهزة في المحطات، وعدم وجود فرق فنية جوالة لمعالجة أعطال الأجهزة، وانقطاع التيار الكهربائي الذي بسببه يتوقف عمل المحطات بالكامل، وانتظار الناخبين لفترة تمتد لساعتين في الطوابير. كذلك، تمّت ممارسة ضغوطات على الناخبين من قبل ضباط الأمن وآمري الوحدات وتدخّل وكلاء ومراقبي الأحزاب والكيانات السياسية في عملية الاقتراع داخل المراكز، فضلاً عن استخدام شعارات طائفية من قبل أحزاب شيعية وسنية وكذلك قومية من قبل الكتل الكردية والتركمانية، وإثارة نعرات قبلية داخل مناطق غرب العراق وجنوبه.

ومن المقرر أن يجري التصويت العام في الانتخابات البرلمانية غداً، السبت، حيث يبلغ عدد المراكز الانتخابية في عموم مدن العراق 52 ألف مركز، مقسمة على 18 دائرة انتخابية، تتوزّع على 18 محافظة. ويتفاوت عدد النواب المقرر انتخابهم من محافظة إلى أخرى، وفقاً للتعداد السكاني، بواقع نائب لكل 100 ألف نسمة، فيما تمّ تخصيص 8 مقاعد للأقليات، من المسيحيين والصابئة والأيزيديين والشبك.

وتتنافس في هذه الدورة البرلمانية 204 أحزاب، مسجلةً تراجعاً بمعدل الثلث عن الانتخابات الماضية حيث بلغ عددها 310 أحزاب سياسية، بينما يبلغ عدد التحالفات التي شكلتها أحزاب هذه الدورة 71 تحالفاً انتخابياً.

المساهمون