علم "العربي الجديد"، من مصادر سياسية في بغداد، اليوم الثلاثاء، أن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي يدعم جهوداً يقوم بها حالياً محمد كوثراني، القيادي في حزب الله اللبناني، الذي يعرف في بغداد على أنه مسؤول الملف العراقي في الحزب، لرأب الصدع والخلافات الحالية بين زعامات مليشيات "الحشد الشعبي".
وتطورت الخلافات أخيراً إلى عمليات تصفية جسدية طاولت قيادياً بارزاً فيها، ومحاولتي اغتيال طاولت اثنين آخرين، كانت إحداهما صباح اليوم الثلاثاء.
ووصل كوثراني إلى بغداد أمس الإثنين، بعد ساعات من مقتل القيادي في مليشيات الحشد ومسؤول شؤونه المالية قاسم الزبيدي، بهجوم لمسلحين داخل منزله في بغداد.
وقالت مصادر مقرّبة من الحشد الشعبي لـ"العربي الجديد"، إن زيارة كوثراني تأتي "لوقف الخلافات الحالية والمتصاعدة بين معسكري الصراع داخل الحشد الشعبي".
ووفقاً للمصادر ذاتها، فإن كوثراني "عقد لقاءات مع زعامات بالحشد الشعبي، للتوسط في وقف التصعيد والحرب الإعلامية والتصريحات المضادة بين الطرفين".
وتكشف المصادر ذاتها أن كوثراني تدخّل في المشكلة لوجود حساسية لدى الصدريين والخط العراقي من الدور الإيراني المتحيز للطرف الآخر في الحشد، في إشارة إلى الحشد الولائي الذي تمثله سياسياً اليوم "قائمة الفتح الانتخابية"، بزعامة هادي العامري.
وتضرب مليشيا الحشد منذ أسابيع خلافات حادة أدت إلى انقسامها لمعسكرين؛ الأول ما بات يطلق عليه اليوم اسم "الحشد الولائي"، وهو الخط الموالي لمكتب المرشد الإيراني علي خامنئي، ويعد هادي العامري وقيس الخزعلي وأبو مهدي المهندس وأوس الخفاجي وأكرم الكعبي صقوره البارزين.
وفي مقابل ذلك، الخط العراقي الذي رفض الاشتراك في الانتخابات أو استخدام اسم "الحشد الشعبي" في الحملة الانتخابية العراقية ويقلّدون أو يتبعون مدرسة المرجع علي السيستاني والتيار الصدري، وأبرز صقوره هم ميثم الزيدي، والشيخ علي الحمداني، والشيخ أبو دعاء العيساوي، والشيخ حسين الساعدي، وفاضل المكصوصي، وآخرون من القيادات الميدانية الفاعلة في الساحة العراقية، وبعضهم غير معروف إعلامياً، وهم في الغالب زعماء لفصائل مسلحة مرتبطة بمقتدى الصدر أو المرجع علي السيستاني، يتبعون أو يقودون فصائل مهمة في "الحشد"، مثل "فرقة العباس"، و"لواء علي الأكبر"، و"سرايا السلام"، و"لواء اليوم الموعود"، وفصائل أخرى.
ونجا القيادي في "الحشد الشعبي" جاسم الساعدي من محاولة اغتيال في منطقة الحبيبية شرقي بغداد، أحد معاقل "الحشد" في العاصمة بغداد، عندما أطلق مسلّحون النار على سيارة يستقلها، فيما أكدت تقارير صحافية نجاة عضو لجنة تدقيق مرتبات "الحشد" فلاح عودة من محاولة اغتيال مماثلة في فلكة، عندما استهدفه مجهولون بإطلاق نار من على دراجة تمكنوا من الفرار بعدها في منطقة السدة شرقي بغداد أيضاً.
وتتركّز أبرز الخلافات الحالية في رفض زعماء "الحشد الولائي" عدداً من القرارات الحكومية التي أصدرها حيدر العبادي بصفته قائداً عاماً للقوات المسلحة في العراق، أحدها انسحاب المليشيات من جرف الصخر وترك سكانها للعودة إليها، وملف السجون الخاصة بالفصائل المسلحة التي تعتبرها الحكومة غير قانونية ولا يجب أن تكون هناك سجون غير التابعة للحكومة.
يضاف إلى ذلك ملف عدد أفراد "الحشد"، إذ تعتبر حكومة العبادي أن هناك آلاف الأسماء الوهمية تسلمتها من فصائل مسلحة وترفض تخصيص مرتبات لهم قبل تشكيل لجنة ميدانية للتأكد منها، فضلاً عن مرتبات أفراد مليشيات يقاتلون في سورية وترفض الحكومة اعتبارهم حشداً وشمولهم بالمرتبات الشهرية، عدا عن ملفات أخرى تتعلّق بالانتخابات والتزام زعماء الحشد من المعسكر الثاني (الإيراني) بتوجيهات الحكومة وتجاوزهم على صلاحيات الجيش العراقي.
مسؤول حكومي عراقي أبلغ مراسل "العربي الجديد" في بغداد أن رئيس الوزراء حيدر العبادي "يؤيّد أي حراك داخلي أو خارجي في وقف التصعيد بين الجانبين، حفاظاً على الأمن ولقرب الانتخابات".
وبيّن المسؤول أن "جهود كوثراني أو غيره إذا كانت تهدف لوقف التصدع فهي مرحّب بها بالتأكيد".