وقالت مصادر في المعارضة السورية، لـ"العربي الجديد"، إن الحافلات بدأت بالدخول إلى بلدتي كفريا والفوعة في ريف إدلب، لإخراج مقاتلي المليشيات التابعة للنظام وعائلاتهم من البلدتين.
وتزامن ذلك مع دخول الحافلات إلى المنطقة التي تسيطر عليها "هيئة تحرير الشام"، في حي مخيم اليرموك جنوب دمشق، بهدف نقل مقاتلي التنظيم وعائلاتهم من المنطقة إلى إدلب.
ويأتي ذلك تنفيذا لاتفاق تم التوصل إليه مؤخراً عقب بدء حملة النظام العسكرية على الجنوب الدمشقي، وتم الإعلان عنه أمس الأحد.
ويقضي الاتفاق بخروج عناصر "هيئة تحرير الشام" إلى الشمال السوري، مقابل خروج عناصر مليشيات النظام وعائلاتهم من كفريا والفوعة إلى العاصمة دمشق.
وجاء هذا الاتفاق عقب يومٍ واحد من التوصّل رسمياً إلى اتفاق مع المعارضة السورية التي تسيطر على مناطق يلدا وببيلا وبيت سحن في جنوب العاصمة دمشق، بهدف القيام بعملية تهجير من يرفضون التسوية مع النظام إلى مدينة جرابلس في ريف حلب الشمالي الشرقي.
وكانت قوات النظام قد سيطرت على حي القدم ومناطق عدّة في جنوب دمشق، حيث اقتربت من السيطرة على كامل العاصمة وريفها، وذلك بعد سيطرتها على الغوطة الشرقية والقلمون الشرقي.
جرائم التهجير
يُعتبر أسلوب التهجير من منطقة إلى أخرى من اختراع النظام السوري، وبدأ في عام 2014، عندما خرج مدنيو حمص القديمة المحاصرون نحو الشمال السوري، وأثار الأمر حينها ضجّة كبيرة، بسبب تفريغ حمص القديمة من سكّانها المدنيين.
غير أن اتفاق حمص القديمة لم يكن الوحيد من نوعه، حيث امتدت اتفاقات التهجير، والتي جاءت تحت مسمّى "مصالحات واتفاقات تسوية"، إلى عدّة مناطق أخرى، أبرزها حزام العاصمة دمشق وريفها، التي يسعى النظام السوري إلى السيطرة عليها.
وشهدت مدن وبلدات "داريا، المعضمية، القابون، تشرين، القدم، وادي بردى، عين الفيجة، خان الشيح، الغوطة الشرقية"، عمليات تهجير مماثلة، أُجبرت المعارضة عى التوقيع عليها بعد الضغط العسكري والحصار المفروض عليها، حيث بات سكّان هذه المناطق جميعهم في الشمال السوري، فيما باتت هذه المناطق عرضة لتغير ديمغرافي، وانتزاع ملكية بموجب قوانين يصدرها بشار الأسد، الأمر الذي يجعل إمكانية عودة السكّان الأصليين لهذه المناطق مستبعدة طالما أن النظام السوري لم يسقط.
ويُقدّر عدد المدنيين الذين خرجوا حينها من هذه المناطق مجتمعةً بمئات الآلاف، ما يعكس حجم التغيير السكّاني في سورية، والذي يتّبعه النظام.
وتكرّر السيناريو ذاته في حي الوعر الحمصي، حيث تم إجلاء أكثر من 10 دفعات من المدنيين والمقاتلين، نحو جرابلس بريف حلب، ومحافظة إدلب، حيث خرجت نسبة كبيرة من سكّان الحي إلى الشمال السوري. كما تكرّر في مدينة حلب، عندما حاصر النظام السوري وروسيا عشرات آلاف المدنيين في عدد من أحياء حلب الشرقية وأجبرهم على الخروج نحو ريفي حلب وإدلب.
وأوضح عمليات التغيير السكّاني تمحورت فيما يُعرف بـ"اتفاق المدن الأربع"، الذي يشمل الفوعة وكفريا من جهة، والزبداني ومضايا من جهةٍ أخرى، حيث تم التبديل بين سكّان هذه المناطق، عبر نقل مدنيي مضايا والزبداني إلى الشمال السوري، ونقل مدنيين من الفوعة وكفريا إلى العاصمة دمشق.
إضافةً إلى ذلك، مثّلت هذه الاتفاقات خلق بيئة سكّانية ملائمة لتطلّعات النظام السوري، الذي يسعى لإبعاد أي أصوات معارضة تطالب بالتغيير مستقبلاً، وفي الوقت ذاته حصرت البيئة السكّانية المعارضة على الحزام الحدودي في الشمال السوري.