قمة تاريخية بين الكوريتين الجمعة تعزز الأمل بتحقيق السلام

24 ابريل 2018
الزيارة الأولى لزعيم شمالي منذ 65 عاماً (Getty)
+ الخط -


يصل الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، يوم الجمعة المقبل، إلى المنطقة المنزوعة السلاح بين الكوريتين لعقد قمة تاريخية مع رئيس كوريا الجنوبية مون جاي-أن، تعتبر تتويجاً للتقارب الدبلوماسي الذي بدأ مطلع العام على شبه الجزيرة.

وستكون الترسانة النووية لبيونغ يانغ في صلب المباحثات خلال الزيارة الأولى من نوعها لزعيمها إلى الجنوب منذ انتهاء الحرب الكورية قبل 65 عاماً، وقد تناقش أيضاً معاهدة سلام تنهي رسمياً النزاع بينهما.

واللقاء الذي سينعقد في الجانب الجنوبي لقرية الهدنة بانمونجوم، هو الثالث من نوعه فقط بعد لقاءين في بيونغ يانغ كان آخرهما قبل 11 عاماً، يهدف إلى تمهيد الطريق أمام قمة مرتقبة بين كيم والرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وتأتي هذا القمة بعد جهود دبلوماسية حثيثة على شبه الجزيرة في أعقاب الألعاب الأولمبية الشتوية في الجنوب.

وأرسل كيم وفداً رياضياً تقدمته شقيقته إلى الألعاب، وعرض وضع موضوع نزع السلاح النووي على طاولة المباحثات مقابل ضمانات أمنية. ووافق ترامب على مقترحه عقد قمة، وتوجه كيم إلى بكين في أول زيارة له إلى الخارج كزعيم.

وتأتي التطورات على نقيض صارخ لأحداث العام الماضي، عندما نفذت بيونغ يانغ تجربتها النووية السادسة والأقوى لها على الإطلاق حتى الآن، وأطلقت صواريخ قادرة على الوصول إلى الأراضي الأميركية، فيما تبادل كيم وترامب الإهانات الشخصية والتهديدات بشن حرب.

وفرض مجلس الأمن الدولي مجموعات من العقوبات على الشمال، ومنها تدابير تستهدف قطاعات الفحم وصيد الأسماك والأقمشة، وعلى واردات النفط.


نزع الأسلحة النووية

تطالب واشنطن بيونغ يانغ بالتخلي عن السلاح الذي أمضت عقوداً في تطويره، وتقول إنه ضروري لها لحمايته من غزو أميركي. في نهاية الأسبوع الماضي أعلنت بيونغ يانغ وقف تجارب إطلاق الصواريخ البالستية العابرة للقارات، وقال كيم إن "موقع التجارب النووية في الشمال أنجز مهمته".

ولم تعلن بيونغ يانغ التزامات أخرى، لكن ذلك لم يمنع ترامب من القول "لم نتخل عن شيء، ووافقوا على نزع السلاح النووي (أمر رائع للعالم) وإغلاق موقع ووقف التجارب". والإثنين اعتبر مون ذلك "قراراً مهماً نحو نزع السلاح النووي بالكامل من شبه الجزيرة الكورية".

غير أن الشمال أعلن في السابق عن وقف مثل تلك التجارب، وتحدث أيضاً عن نزع السلاح النووي، فيما انهارت اتفاقيات سابقة بنهاية الأمر.

وقال بروفسور الدراسات الكورية الشمالية في جامعة دونغكوك، كوه يو-هوان "هناك طرق مختلفة لتفسير صياغة الكلمات الكورية الشمالية، تفسير حرفي والقراءة بين السطور أو قراءة ذلك بما يعكس الآمال الشخصية".

وقال لوكالة "فرانس برس" إنّ الأطراف الثلاثة لديها حوافز مختلفة في العملية الحالية.

وشرح قائلا "إن المسألة الأكثر إلحاحاً لترامب هي منع كوريا الشمالية من حيازة صاروخ بالستي عابر للقارات. وبالنسبة لكوريا الشمالية هي الحؤول دون ضربة عسكرية أميركية، والتفاوض كقوة نووية لتحسين اقتصادها".

وتابع "وكوريا الجنوبية تريد إحضار كوريا الشمالية والولايات المتحدة إلى طاولة الحوار سعياً لحل سلمي، ولإعادة إحياء العلاقات الجنوبية الشمالية".


سيناريو مثالي

في عالم المفاوضات النووية الكورية المعقد والمختلف يمكن لنفس العبارة أن تعني أشياء مختلفة تماماً بالنسبة للأطراف المختلفة. فتأييد كوريا الشمالية لنزع الأسلحة النووية من شبه الجزيرة كان شرطاً لسحب 28,500 جندي أميركي منتشرين في الجنوب لمراقبة الأجواء والمحيطات في المنطقة، وهو ما ترفضه الولايات المتحدة.

ولم تشترط كوريا الشمالية ذلك صراحة هذه المرة، بحسب مون لكنها لا تزال تريد "ضمانة أمنية"، مما يترك مجالاً كبيراً لاحتمالات عدم التوصل لاتفاق.

وطالما سعت بيونغ يانغ لإجراء مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة، لكن مون قال الأسبوع الماضي إن الجنوب يمكن أن "يعمل لتقريب وجهات النظر بين الولايات المتحدة والشمال للمساعدة في التوصل لاتفاق بين البلدين".

وفي القمتين السابقتين بين الكوريتين، التقى والد كيم وسلفه كيم جونغ أيل بالرئيس الكوري الجنوبي الراحل كيم داي-جونغ الذي حاز جائزة نوبل للسلام تقديراً لجهوده في 2000، وروه مون-هيون في 2007.

وفي النهاية لم يتمكنوا من إبطاء الجهود العسكرية للشمال والتي تسارعت في عهد كيم، الذي ربما يشعر الآن إنه يمكنه التفاوض من موقع قوة.

لكن بحسب المحلل في المعهد الكوري للتوحيد الوطني هونغ مين، فإن كيم وتحت وطأة عقوبات فرضت في حملة ترامب "إصدار عقوبات قصوى" يبدو "أكثر استعداداً من أي وقت" للقيام بتنازلات حول برنامجه التسلحي.

ويضيف المحلل أن "السيناريو المثالي" سيكون بأن يعبر كيم عن التزام واضح بنزع السلاح النووي الجمعة، قبل وضع خطط محددة في القمة مع ترامب مثل جدول زمني للسماح بدخول مفتشي الأمم المتحدة إلى المنشآت النووية.

لكن بعض المحللين يبدو تشكيكاً ويحذرون من أنه رغم عرض كيم وقف التجارب النووية والصاروخية، فإنّ الشمال ربما في الواقع ليس بحاجة لها، وبأن الإغلاق الموعود للموقع النووي يمكن العودة عنه بسهولة.

وكتب المسؤول السابق في وزارة الخارجية لشؤون كوريا الشمالية، ميناتور أوبا، على "تويتر" "إنّ كوريا الشمالية متخصصة في السيطرة على النقاش العام دون القيام بتنازلات جادة".



(فرانس برس)

دلالات