النظام المصري يقايض البرلمان: رفع أجور النواب لتمرير حزمة تشريعات

18 ابريل 2018
يحظى أعضاء البرلمان في مصر بالعديد من الامتيازات العينية(الأناضول)
+ الخط -
كشف مصدر بارز في لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب المصري أن "وزارة المالية اعتمدت زيادة قدرها 250 مليون جنيه (حوالي 15 مليون دولار) في ميزانية البرلمان بمشروع الموازنة العامة للدولة (2018/2019)، بناءً على طلب اللجنة، وبالتنسيق مع الأمانة العامة للبرلمان، ليصل إجمالي مخصصات مجلس النواب في العام المالي الجديد إلى مليار و554 مليون جنيه"، وذلك في الوقت الذي يستعد فيه هذا البرلمان لتمرير حزمة جديدة من التشريعات التي من شأنها إحكام قبضة النظام على مختلف جوانب الحياة في البلاد.

وقال المصدر في حديث خاص مع "العربي الجديد" إن "باب الأجور والتعويضات في ميزانية البرلمان حظي بالجانب الأكبر من الزيادة بواقع 205 ملايين جنيه، ليصل إلى مليار و9 ملايين جنيه"، مشيراً إلى "توجيه 45 مليون جنيه إضافية لصالح باب شراء السلع والخدمات، ليصل إلى 545 مليون جنيه، مع الإبقاء على مبلغ 80 مليون جنيه للأصول غير المالية".

وأصرّ البرلمان، الموالي لحكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي، على إدراج موازنته "رقماً واحداً"، بغرض عدم إخضاعها لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات (أعلى جهاز رقابي في البلاد)، بعدما رفض الاستجابة لملاحظات مجلس الدولة حول مخالفة لائحته الداخلية للدستور، الذي خص القوات المسلحة والمحكمة الدستورية والهيئات القضائية، على سبيل الحصر، بعدم إخضاع ميزانيتها للرقابة.

وبحسب المصدر، فإنه بإقرار الزيادة الجديدة، تكون ميزانية البرلمان قد تضاعفت مرتين في أقل من أربعة أعوام، إذ شهدت زيادة بلغت 303 ملايين جنيه في الموازنة الجارية (2017/2018)، و221 مليون جنيه في موازنة (2016/2017)، و92 مليون جنيه في موازنة (2015/2016)، لتقفز من 508 ملايين جنيه في الموازنة السابقة لانعقاد البرلمان القائم (2014/2015)، إلى المليار ونصف المليار جنيه.

ومن المقرر التصويت على ميزانية البرلمان مع مشروع الموازنة العامة للدولة نهاية يونيو/ حزيران المقبل، وذلك في الوقت الذي يدعو فيه نواب البرلمان المواطنين إلى ضرورة التقشّف، وتحمّل تبعات ارتفاعات الأسعار المتوالية، والمنتظر أن تطاول جميع السلع والخدمات بداية العام المالي الجديد في الأول من يوليو/تموز 2018، إثر إقرار الزيادات الجديدة على أسعار الوقود والكهرباء.


ويتقاضى نواب البرلمان مكافأة شهرية ثابتة بقيمة 5 آلاف جنيه (حوالي 300 دولار)، من دون ارتباط ذلك بانعقاد جلسات المجلس من عدمه، مضافاً إليها الكثير من البدلات نظير حضور الجلسات العامة واجتماعات اللجان النوعية، بما يصل إلى 30 ألف جنيه شهرياً للنائب في المتوسط، في مخالفة صريحة لقانون مجلس النواب، الذي اشترط عدم حصول النائب على أكثر من 20 ألف جنيه شهرياً كحد أقصى (مُعفاة من كل أنواع الضرائب).

ويحظى أعضاء البرلمان في مصر بالعديد من الامتيازات العينية، خلاف ما يتحصلون عليه من أموال الدولة، مثل حصول جميع النواب على اشتراك سفر مجاني في الدرجة الممتازة في السكك الحديدية، وتذاكر مجانية لرحلات الطيران الداخلية، مع تحمل موازنة مجلس النواب تكاليف إقامتهم في الفنادق ذات تصنيف "5 نجوم" طيلة أيام الجلسات، فضلاً عن سداد العديد من الاشتراكات والخدمات الأخرى عوضاً عنهم.

ويعمد رئيس البرلمان، علي عبد العال، إلى صرف بدلات جميع النواب، والبالغ عددهم 595 نائباً، كاملة، رغم تغيّب القطاع الأكبر منهم عن حضور الجلسات، التي تشترط حضور نصف عدد الأعضاء للانعقاد. غير أن عبد العال دأب على مخالفة الدستور بعقد الجلسات من دون اكتمال النصاب القانوني الخاص بالانعقاد أو التصويت، بعد تعطيله التصويت الإلكتروني، من دون إعلان الأسباب، وذلك لعدم كشف أعداد الحضور والمصوتين.

ويرى مراقبون أن زيادة مخصصات مجلس النواب تأتي في إطار "المكافأة" من النظام الحاكم، على أثر تمرير حزمة من التشريعات الاقتصادية التي تزيد من أعباء المواطنين، وتصبّ في صالح الاقتصاد الموازي للجيش ورجال الأعمال المحسوبين عليه، على غرار تعديلات قانون القيمة المضافة، وإشراك القطاع الخاص في إدارة مرفق السكك الحديدية وصيانته، والتمهيد لخصخصة المطارات من خلال تعديل قانون الطيران المدني.

وواكبت الزيادة الكبيرة في بند أجور النواب شروع البرلمان في إقرار الموازنة الجديدة للدولة (2018/2019)، والتي شهدت بنودها خفضاً واسعاً في مخصصات دعم الوقود والطاقة، إيذاناً برفع أسعار المحروقات والكهرباء في الأول من يوليو المقبل، علاوة على مخالفتها النسب الدستورية المحددة لقطاعات الصحة والتعليم والبحث العلمي بدعوى ضعف الموارد، على الرغم من زيادة مخصصات الجيش والشرطة والقضاء بنحو عشرة مليارات جنيه.


ويعوّل نظام السيسي على البرلمان في تمرير حزمة من التشريعات الحكومية الهامة خلال الأشهر المقبلة، وفي مقدمتها قوانين الإدارة المحلية، وتنظيم الصحافة والإعلام، ومكافحة جرائم المعلومات، فضلاً عن تعديلات قانون الإجراءات الجنائية، وقانون العمل الجديد، والتي من شأنها إحكام القبضة الأمنية على انتخابات المحليات المنتظر إجراؤها في العام 2019، وفرض مزيد من القيود على وسائل الإعلام، ومواقع التواصل الاجتماعي.

وكانت مصادر نيابية مطلعة قد كشفت لـ"العربي الجديد"، حصول قيادات في ائتلاف الأغلبية "دعم مصر" على موافقة ممثلي الأحزاب غير المنضوية تحت لواء الائتلاف، لتمرير اقتراح بتعديل الدستور، بهدف توسيع صلاحيات رئيس الجمهورية على حساب البرلمان، ومدّ الفترة الرئاسية من 4 سنوات إلى 6 سنوات، إلى جانب قانون جديد للنظام الانتخابي، خلال الأشهر الثلاثة الأولى من دور الانعقاد المقبل، الذي يبدأ في أكتوبر/ تشرين الأول 2018.

المساهمون