سخط أميركي من إدارة السعودية والإمارات لملف اليمن: الاستغناء عن هادي مستبعد

11 ابريل 2018
اليمن بين السعودية والإمارات (صالح العبيدي/فرانس برس)
+ الخط -
يبدو أنّ واشنطن غير راضية عن إدارة التحالف العربي بقيادة السعودية، ملف اليمن، إذ عبّر مسؤول أميركي عن هذا السخط، لا سيما لناحية تحميل الإمارات مسؤولية إطالة الأزمة، من خلال تصرفاتها في الجنوب، واستهداف شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، وتحذيره من أنّ الرياض ستقاتل هناك عشرين سنة قادمة.

فقد حذّر مسؤول أميركي مطّلع على الملف اليمني، في حديث لـ"فرانس برس"، اليوم الأربعاء، من أنّ الوضع الحالي يعقّد إمكانية الوصول إلى حل سياسي في اليمن.

وقال المسؤول، مشترطاً عدم ذكر اسمه، إنّ "طريقة تصرّف الإمارات في الجنوب، تعقّد مهمة الوصول إلى حل سياسي، وتطيل المشكلة اليمنية الكامنة في المليشيات والجماعات المسلحة".

وتتمتع الإمارات بنفوذ كبير في جنوب البلد الفقير، وهي تدعم قوة "الحزام الأمني" المؤيدة لـ"الحراك الجنوبي" الداعي إلى الانفصال، وهي القوة التي خاضت معارك ضد القوات الحكومية.


سلطة هادي

تفاقم خلاف هادي مع دولة الإمارات و"الحراك الجنوبي" في عدن جنوبي اليمن، أدى إلى تلاشي سلطة الرئيس، وفق ما يرى مسؤولون ودبلوماسيون، بحسب "فرانس برس"، إلا أنّ خيارات التعامل مع هذا الوضع تبدو محدودة.

ويطرح ضعف سلطة هادي، المقيم بشكل دائم في الرياض، أسئلة داخل الأوساط اليمنية، حول مصير الرئيس الذي تولى الحكم في 2012، إثر تسوية سياسية في أعقاب تظاهرات مطالبة بالإصلاح، لكنّه تحوّل اليوم، بالنسبة لكثيرين، إلى مجرد "رئيس صوري".

وتلقّى هادي ضربة موجعة، في نهاية يناير/كانون الثاني الماضي، عندما خسرت قواته السيطرة على عدن، العاصمة المؤقتة لحكومته المدعومة من السعودية، إثر معارك دامية خاضتها ضد قوة مدعومة من أبوظبي، كانت متحالفة معها في الحرب ضد الحوثيين.

ويتهم مسؤولون يمنيون مقرّبون من الإمارات، هادي، بالسماح بتنامي نفوذ حزب "التجمع اليمني للإصلاح" المحسوب على "جماعة الإخوان المسلمين"، بينما يتهم مسؤولون يمنيون موالون لهادي، الإمارات، بمحاولة مصادرة قرارات الحكومة.

وتصنّف الإمارات "الإخوان المسلمين" على أنّها "جماعة إرهابية"، وتعمل على الحد من نفوذها في اليمن، خصوصاً في المناطق الجنوبية الخاضعة لسيطرة قوات موالية لأبوظبي.

ولم يقم هادي بأي زيارة علنية إلى اليمن منذ أكثر من عام. وتعود آخر زيارة له إلى عدن إلى فبراير/شباط 2017، وفقاً لمسؤول في حكومته. وفي مارس/آذار الماضي، استقال وزيران في حكومة الرئيس اليمني، احتجاجاً على قيام التحالف بمنع عودة هادي إلى بلاده.

ومنذ سيطرة القوات الموالية للإمارات على عدن، انحصر دور هادي، أقلّه في الإعلام، في استقبال سفراء في مقر إقامته بالرياض، والاتصال بالمسؤولين، وتقديم التعازي في الوفيات، بحسب ما تظهر أخبار توردها وكالة الأنباء "سبأ" المتحدثة باسم حكومته.


وكانت الاشتباكات بين قوة "الحزام الأمني" والقوات الحكومية، اندلعت على خلفية مطالبة "المجلس الانتقالي الجنوبي"، الجناح السياسي لـ"الحراك الجنوبي"، بإقالة وزراء في حكومة هادي على خلفية اتهامات بالفساد، سرعان ما تطورات إلى معارك قُتل وأصيب فيها العشرات.

وسيطرت القوات المدعومة من الإمارات على شوارع عدن، وبلغت قصر معاشيق، حيث يقيم أفراد من الحكومة، قبل أن يتدخل التحالف بقيادة السعودية ويتوسّط بين الطرفين.


20 سنة

وفي ظل ترهّل سلطة هادي، يدور حديث في الأوساط السياسية اليمنية، عن إمكانية العمل على إجراء تغيير سياسي يشمله، رغم المخاوف من الفراغ الذي قد تتسبّب فيه هذه الخطوة.

ويتداول السياسيون فكرة تقوم على جعل هادي "رئيساً صورياً"، بينما يتم تعيين نائب له من الشمال قادر على إجراء محادثات مع الحوثيين لإنهاء النزاع.

لكن المسؤول الأميركي أكد أنّ الاستغناء عن هادي أمر مستبعد حالياً، موضحاً لـ"فرانس برس"، أنّه "في نهاية المطاف، هادي ورغم إخفاقاته، يمثل عاملاً مهماً إذا أردنا الوصول إلى حل سياسي في اليمن"، محذراً من أنّه "إذا لم يتم التوصل إلى حل سياسي، قد تبقى السعودية تقاتل في اليمن لعشرين سنة".

وفي السياق، قال آدم بارون، الخبير في الشؤون اليمنية في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إنّ هادي "يبقى شخصية رئيسية فقط، لأنّه رئيس اليمن المعترف به، ورئيس الحكومة المعترف بها".


خطر أمني

فرضت هزيمة قوات حكومة هادي في عدن، تحدياً أمنياً دفع بعض وزراء الحكومة إلى مغادرة المحافظة، والعمل من مناطق أخرى، وهو ما تسبب، في الأسابيع الماضية، في إعاقة العمل الحكومي وتشتت القرار.

وفي هذا الإطار، قال المتحدث باسم الحكومة، راجح بادي، لـ"فرانس برس"، إنّ "غالبية الوزراء متواجدون في عدن معظم الوقت، والبعض مستقر استقراراً كاملاً فيها، وهم أبناء المحافظات الجنوبية".

في المقابل، يتوزع الوزراء الذين ينتمون إلى المحافظات الشمالية على الرياض ومأرب (غرب اليمن). ويقول مسؤولون في سلطة هادي إنّ معظم هؤلاء مستقرون بشكل شبه دائم في العاصمة السعودية، وبينهم وزير الخارجية عبد الملك المخلافي.

وحذّر مسؤول حكومي رفيع المستوى، لـ"فرانس برس"، من أنّ "الخطر الأمني على الحكومة ليس من داعش وتنظيم القاعدة، وإنّما من التشكيلات العسكرية غير المنضبطة، وغير الخاضعة لسلطة وزارة الداخلية، أو لسلطة وزارة الدفاع".







يُذكر أنّ السعودية تدخلت على رأس تحالف عسكري، في مارس/آذار 2015، في اليمن، دعماً لحكومة هادي، بعدما تمكّن الحوثيون المدعومون من إيران، من السيطرة على مناطق واسعة من البلاد بينها العاصمة صنعاء.

وأدى النزاع، منذ التدخل السعودي، إلى مقتل نحو 10 آلاف شخص، وإصابة نحو 54 ألفاً، في ظل أزمة إنسانية تعتبرها الأمم المتحدة "الأسوأ" حالياً في العالم.


(فرانس برس، العربي الجديد)

المساهمون