موسكو: الوضع جدّي بسورية ونستبعد المواجهة المباشرة مع الأميركيين

10 ابريل 2018
مشروع قرار روسي حول سورية بطريقه إلى مجلس الأمن(Getty)
+ الخط -
استبعد نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، اليوم الثلاثاء، حدوث مواجهة في سورية تؤدي إلى اشتباك عسكري بين روسيا والولايات المتحدة رغم وصفه الوضع بـ"الجدي"، في وقت استدعت موسكو السفير الإسرائيلي لديها على خلفية الضربة الجوية التي استهدفت مطار "التيفور" العسكري في ريف حمص فجر أمس الإثنين.

وفي النشاط الموازي للتحرك الأميركي في مجلس الأمن الدولي لاستصدار قرار يطالب بآلية تحقيق في "الكيميائي السوري" بعد المجزرة الكيميائية التي نفذها النظام السوري في مدينة دوما في غوطة دمشق الشرقية، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن بلاده ستقدم إلى مجلس الأمن الدولي أيضاً مشروع قرار، يطالب بتحقيق في الهجوم الكيميائي في سورية.

في المقابل، تواصل التنديد الدولي والأممي بمجزرة الغوطة، وسط تأكيد غربي على ضرورة محاسبة المسؤولين.

بوغدانوف وبيسكوف

ونقلت وكالة "تاس" الروسية للأنباء عن بوغدانوف قوله إنه لا يوجد احتمال لحدوث مواجهة في سورية، تؤدي إلى اشتباك عسكري بين روسيا والولايات المتحدة. ونسبت الوكالة إلى المسؤول الروسي قوله أيضاً إن هناك "اتصالات عمل" بين مسؤولين روس وأميركيين حول سورية.

ووصف بوغدانوف الوضع بـ"الجديّ"، متهماً واشنطن بنشر "معلومات خاطئة لإيجاد حجة" لتنفيذ عمل عسكري.

من جهته، قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، اليوم الثلاثاء، إن موقف الولايات المتحدة ودول أخرى من مزاعم استخدام أسلحة كيميائية في سورية "ليس بناء".

وفيما تعهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس بالرد على الهجوم الكيميائي الذي استهدف مدينة دوما، أكد بيسكوف أن روسيا لم تفقد الأمل بعد في الجهود الدبلوماسية بشأن سورية.

وقال المتحدث باسم الكرملين: "ترون الموقف غير البناء الذي تتبناه بعض الدول، بينها الولايات المتحدة. إنهم يرفضون مواجهة الحقيقة"، مضيفاً أن "ليس بينهم من يقول بضرورة إجراء تحقيق غير منحاز". واعتبر أن "سلوك الطرق المختصرة وإطلاق الأحكام من دون أي تحقيق، هي تقاليد قديمة" يتبعها الغربيون، مشيراً إلى أن التهديد بردّ فعل قوي من قبل واشنطن "يقلص بالتأكيد هامش المناورة بالنسبة للجهود الدبلوماسية، هذا لا يعني أن الجانب الروسي لديه نية وقف عمله الفاعل على الساحة الدبلوماسية".

من جهته، قال سفير روسيا في الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا خلال جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي حول سورية مساء الإثنين: "ندعو الغربيين إلى التخلي عن خطاب الحرب"، محذراً من "تداعيات خطرة" إذا تعرضت سورية لضربة عسكرية غربية. وذكر أنه "لم يحصل هجوم كيميائي" في دوما السبت، و"ما من أدلة" على حصول مثل هذا الهجوم، بحسب موسكو.

استدعاء السفير الإسرائيلي

إلى ذلك، استدعت موسكو السفير الإسرائيلي لديها للبحث في تطورات المنطقة، بحسب ما ذكرت وكالات الأنباء الروسية اليوم.

ونقلت وكالة "روسيا اليوم" عن بوغدانوف قوله إنه تمّ استدعاء سفير إسرائيل إلى مقر الخارجية اليوم، لبحث الأوضاع المتدهورة في الشرق الأوسط.

وبحسب الوكالة، فقد أكد بوغدانوف أنه سيجري محادثات مع السفير الإسرائيلي هاري كورين، مؤكداً "دعوته فقط للحديث عن سورية"، واصفاً الوضع هناك بـ"المتحرك والذي يتطور بسرعة".


غوتيريس لتحقيق شامل




(جان غادي بيثون/فرانس برس)

وفي إطار المواقف الدولية حول الكيميائي السوري، طالب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، "بإجراء تحقيق شامل محايد ومهني، بشأن التقارير المستمرة عن استخدام أسلحة كيميائية في سورية".

وقال غوتيريس، في بيان أصدره المتحدث باسمه ستيفان دوغريك‎، إن الأمين العام "غاضب بشدة إزاء التقارير المستمرة عن استخدام الأسلحة الكيميائية في سورية، وأعرب عن إدانته القوية لاستخدام الأسلحة الكيميائية ضد السكان المدنيين"، مؤكداً أن "أي استخدام للأسلحة الكيميائية من جانب أي طرف في النزاع وتحت أي ظرف من الظروف ، هو أمر بغيض وخرق واضح للقانون الدولي".

وأكد غوتيريس في البيان أن "خطورة الادعاءات الأخيرة تتطلب إجراء تحقيق شامل باستخدام خبرة محايدة ومستقلة ومهنية، مشدداً على أنه "ينبغي منح بعثة تقصي الحقائق إمكانية الوصول الكامل، دون أي قيود أو عوائق للقيام بأنشطتها".

ماي لمحاسبة المسؤولين




(ألبرتو بنزالي/getty)


أما رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، فجددت التأكيد على "وجوب محاسبة المسؤولين" عن هجوم الغوطة، مضيفة أنها ستترأس اليوم اجتماعاً لمجلس الأمن القومي.

من جهته، قال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس اليوم إن روسيا وإيران لم تفيا بعد بالتزاماتهما في ما يتعلق بسورية، وإنه يجب مواصلة الضغط على روسيا، مضيفاً أيضاً أنه من غير المقبول عدم تحميل أي طرف مسؤولية الهجوم الذي وصفه بأنه "جريمة مقيتة".

أردوغان: ألعن من نفذوا المجزرة



(أدم ألتان/فرانس برس)


وفي أنقرة، توعّد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، اليوم، المسؤولين عن هجوم دوما بأنهم سيدفعون "ثمناً باهظاً".

وقال أردوغان خلال لقاء لحزبه في البرلمان: "أنا ألعن من نفذوا هذه المجزرة. سيحاسب منفذوها أياً كانوا، وسيدفعون بالتأكيد ثمناً باهظاً، حيث تستمر لقاءاتنا في هذا الشأن".

وأوضح الرئيس التركي "البارحة تحدثت مع السيد (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين عبر الهاتف في هذا الشأن، وستستمر لقاءاتنا اليوم وغداً".

وبدا موقف الرئيس التركي وكأنه موقف وسط بين الروس والإيرانيين الناكرين لوقوع المجزرة من أساسها، وبين الموقف الغربي الذي يحمل النظام وداعميه مسؤولية المجزرة.

وكان البيت الأبيض ومتحدث باسم "الإليزيه" أشارا اليوم إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تحدثا هاتفياً للمرة الثانية في أقل من 24 ساعة لتنسيق ردهما على هجوم دوما.

وذكر مكتب ماكرون أن الرئيسين أكدا مرة أخرى رغبتهما في "ردّ فعلٍ قوي" من المجتمع الدولي. وقال بنجامين غريفو، المتحدث باسم ماكرون، لمحطة إذاعة "أوروبا1"، إن "الرئيس (الفرنسي) قال وأكد مراراً وتكراراً، إنه إذا حدث تجاوز الخط الأحمر وثبت من الفاعل، فإن ذلك سيقود إلى رد".

البنتاغون قدمت خيارات لترامب

 
(getty)

وأعلن مسؤول عسكري أميركي، أن وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" قدمت سلسلة خيارات للرئيس الأميركي دونالد ترامب، للرد على الهجوم الكيميائي الذي استهدف مدينة دوما.

وكان الرئيس الأميركي تعهد أمس وأمس الأول بردٍّ سريع وقوي على الهجوم الكيميائي في دوما السورية.

وفي اجتماع مع قادة عسكريين ومستشارين للأمن القومي، قال ترامب إنه سيتخذ قراراً إزاء الرد خلال مدة تتراوح بين 24 و48 ساعة، مضيفاً أن الولايات المتحدة لديها "خيارات عسكرية كثيرة" بشأن سورية.

وسئل ترامب خلال اجتماع حكومي أمس عما إذا كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتحمل أي مسؤولية عن الهجوم ، فقال "ربما.. نعم.. ربما يتحمل المسؤولية. وإذا فعل ذلك فسيكون أمراً صعباً للغاية".

وأمس الأول الأحد، انتقد ترامب نظيره الروسي بالاسم عبر حسابه على موقع "تويتر"، وذلك في معرض توبيخه لروسيا وإيران على دعمهما "الأسد الحيوان".

أما السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي فقد أكدت أن واشنطن "سترد" على الهجوم سواء تحرك مجلس الأمن الدولي أم لا، فيما اتهم وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس روسيا أمس الاثنين بعدم الوفاء بالتزاماتها لضمان تخلي سورية عن قدراتها في مجال الأسلحة الكيميائية.