دراسة إسرائيلية: علاقاتنا الاستراتيجية مع ألمانيا تتراجع

09 مارس 2018
أجلت برلين التوقيع على صفقة الغواصات لإسرائيل (Getty)
+ الخط -
حذر "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي من مؤشرات تراجع التزام ألمانيا تجاه إسرائيل، منوهاً إلى أن هذه المؤشرات تدل على أن فرص بناء شراكة استراتيجية بين الجانبين باتت مهمة غير ممكنة. وحسب الدراسة، التي أعدها الباحث شمعون شطاين، فإن الاختلاف الواضح في تقدير التهديدات وأنماط مواجهتها، إلى جانب التباين في مكانة الاعتبارات القيمية، يقلص من قدرة تل أبيب على منع حدوث تدهور في العلاقات بين الجانبين. وأشارت الدراسة، التي نشرها موقع المركز مساء أول من أمس، إلى أن التحول في مواقف ألمانيا يسدل الستار على حقبة تاريخية تمتعت إسرائيل خلالها بدعم ألماني مطلق، وغير متردد، سواء على صعيد العلاقات الثنائية أو في المحافل الدولية.

وعددت الدراسة بعض مظاهر السلوك التي تعكس الفتور في العلاقة بين برلين وتل أبيب، وضمنها قرار المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، تأجيل عقد اللقاء الذي يجمع الحكومتين الألمانية والإسرائيلية، وهو التقليد الذي تحافظ عليه كل عام، إلى جانب قرارها تأجيل التوقيع على صفقة بيع المزيد من الغواصات الاستراتيجية لإسرائيل بسبب سياساتها تجاه الفلسطينيين، إلى جانب تصويت ألمانيا ضد إسرائيل في المحافل الدولية، ناهيك عن التصريحات الصادرة عن عدد من المسؤولين الألمان، والتي تشكك في مستقبل العلاقة بين الدولتين. واعتبر معد الدراسة أن قرار ميركل تأجيل التوقيع على صفقة الغواصات تحديداً يدل على أن الالتزام الألماني بالحفاظ على أمن إسرائيل لم يعد مطلقاً.

وحذرت الدراسة من أن سلوك حكومة اليمين المتطرف، بقيادة بنيامين نتنياهو، لا يسهم في وقف هذا التراجع، مشيرة إلى أن سلوك إسرائيل تجاه القضية الفلسطينية يعد أحد أهم الأسباب الرئيسية لمظاهر تراجع الالتزام الألماني تجاه تل أبيب. وشددت على أن أكثر ما عكس خيبة الأمل الألمانية، من سلوك الحكومة الإسرائيلية تجاه الصراع مع الفلسطينيين، تمثل في الانتقادات الحادة التي انطوت عليها الكلمة التي ألقاها وزير الخارجية الألماني، زيغمار غابريال، أمام المؤتمر السنوي لـ "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي الذي عُقد في يناير/كانون الثاني الماضي.

وأوضحت الدراسة أن تهاوي مستوى الثقة بين نتنياهو وميركل يعد أحد أسباب تراجع الالتزام الألماني تجاه إسرائيل، مشيرة إلى أن الانتقادات التي توجه إلى تل أبيب ليست حكراً على النخب السياسية في برلين. ونوهت إلى أن استطلاعات الرأي العام تدل بشكل متواتر على تراجع التأييد لإسرائيل في أوساط الرأي العام الألماني، لافتة إلى أن الشباب الألماني يبدي تفهماً وتأييداً للفلسطينيين ويوجه انتقادات للسلوك الإسرائيلي تجاههم.

وعلى الرغم من أن الدراسة توصي بالحفاظ على العلاقة مع ألمانيا، من خلال التركيز على المصالح المشتركة معها، إلا أنها تستدرك بأن فرص استثمار هذه المصالح ضئيلة بسبب تباين تصورات برلين وتل أبيب إزاء نمط مواجهة المخاطر المشتركة. وأشارت الدراسة إلى أن أحد الأمثلة التي تدل على تضاؤل فرص استغلال المصالح المشتركة بين ألمانيا وإسرائيل يتمثل في الموقف من إيران، موضحة أنه وعلى الرغم من أن الطرفين ينظران إلى البرنامج النووي الإيراني كخطر، إلا أنهما يتبنيان تصورات مختلفة إزاء أنماط مواجهته، ناهيك عن تمسك برلين بالاتفاق النووي على اعتبار أنها شريك في التوصل إليه. وأشارت الدراسة إلى أن ألمانيا لا تتفق مع إسرائيل حول العوائد الإيجابية في التحالف مع الدول "السنية" ضد إيران. وأوضحت أن هناك خلافاً واضحاً في التعاطي مع التهديدات الإرهابية، إذ إنه في الوقت الذي تركز برلين فيه على ضرورة مواجهته بشكل شامل، فإن إسرائيل تختصر المواجهة في المجال العسكري.

وشددت الدراسة على أن الفرق الشاسع في المجال "القِيَميّ" يعد عائقاً أمام استعادة العلاقات الثنائية زخمها، مشيرة إلى أن الألمان يبدون حساسية كبيرة إزاء مسّ إسرائيل بحقوق الإنسان، منوهة إلى الملاحظات "الأخلاقية" التي تسجلها برلين على تل أبيب، خصوصاً خيبة أملها من حقيقة أن السياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين تتناقض مع القانون الدولي. وحسب الدراسة فإن أهمَّ أسباب تراجع مستوى الالتزام الألماني تجاه إسرائيل يتمثل في حقيقة أنه قد مضى وقتٌ طويل على حدوث "الكارثة" التي حلت باليهود على أيدي النازيين، مشيرة إلى أن ذاكرة "الكارثة" كانت المركَّب الأساس الذي استندت إليه العلاقة بين برلين وتل أبيب.

المساهمون