عالم روسي يحرج موسكو بشأن قضية سكريبال.. ودبلوماسيون روس يغادرون سفارتهم بلندن

20 مارس 2018
دبلوماسيون روس يغادرون مبنى السفارة في لندن(دانيال أوليفاس/فرانس برس)
+ الخط -


دخلت قضية محاولة اغتيال العميل الروسي المزدوج سيرغي سكريبال وابنته في مدينة سالزبري الإنكليزية في الرابع من مارس/آذار الحالي، فصلاً جديداً "محرجاً" لموسكو التي نفت مراراً ضلوعها بالحادث، إذ أكّد العالم الروسي، ليونيد رينك، أنه عمل في برنامج "نوفيتشوك"، الكيميائي، الذي يشتبه باستخدامه في تسميم العميل، في وقت بدأ دبلوماسيون طُردوا من السفارة الروسية في لندن مغادرة المبنى.

وقال رينك لوكالة الأنباء الروسية "ريا نوفوستي"، إنّه "شارك في البرنامج المدعوم من الحكومة حتى مطلع تسعينيات القرن الماضي"، في ما يبدو أنه تناقض مع الموقف الرسمي لموسكو التي نفت تطويره.

وأوضح رينك أن "نوفيتشوك ليس مادة إنه نظام متكامل لأسلحة كيميائية"، غير أنه استدرك قائلاً "لو كانت موسكو ضالعة في التسميم لكان الجاسوس السابق وابنته في عداد الأموات".

وكانت الوكالة قد عرفت عنه بأنه أحد مصممي البرنامج. وأضاف رينك "لا يزالان على قيد الحياة. وهذا يعني إما أنه ليس نظام نوفيتشوك، أو تم إعداده بشكل خاطئ واستخدم دون عناية. أو استخدم الإنكليز مضاداً سمياً، عقب استخدام نوفيتشوك فورا، وفي هذه الحالة عليهم أن يعلموا نوع السم المستخدم بالتحديد".

وقال رينك إنّه "عمل في مختبر حكومي في بلدة شيخان المعزولة مدة 27 عاماً، حيث كان تطوير نوفيتشوك موضوع أطروحة الدكتوراه التي كان يعدها".

وأضاف: "عدد كبير من الخبراء في شيخان وموسكو عملوا على نوفيتشوك".

وكان نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف أعلن، الأسبوع الماضي، أنّ موسكو لم يكن لديها أي برامج لتطوير أسلحة كيميائية.

وقال "أريد أن أقول بكل يقين بأن لا الاتحاد السوفييتي ولا روسيا كان لديهما برامج لتطوير عنصر سام باسم نوفيتشوك".

في غضون ذلك، بدأ دبلوماسيون طُردوا من السفارة الروسية في لندن مغادرة المبنى مع عائلاتهم، اليوم، بموجب قرار الحكومة البريطانية إثر قضية العميل المزدوج.

وكانت بريطانيا أعلنت طرد 23 دبلوماسياً روسياً على خلفية هجوم بغاز للأعصاب استهدف العميل الروسي وابنته.

ولدى خروجهم من السفارة الواقعة في منطقة وسط لندن، تعانق هؤلاء أثناء وقوفهم مع أمتعتهم خارج المبنى، بحسب وكالة "فرانس برس".

ولوح الأشخاص الذين تجمعوا خارج مبنى السفارة لهم فيما غادرت المركبات التي تحمل لوحات دبلوماسية.


ردود الفعل في بريطانيا


وتباينت ردود الفعل في بريطانيا حول قضية العميل المزدوج، وفي حين تمسك زعيم حزب العمال، جيريمي كوربن، بعلاقته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، هاجم وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون، الجانب الروسي متهماً بوتين بمحاولة "إخفاء الحقيقة".

وقال كوربن في مقابلة، اليوم الثلاثاء، مع "البي بي سي"، إنه يجب الحفاظ على العلاقة مع روسيا، مما يسمح للقيادة البريطانية بتحدي روسيا حول ملف حقوق الإنسان فيها وغيرها من القضايا الأخرى.

وجدد كوربن مطالبته للمحققين البريطانيين بتوفير عينة من مادة "نوفيتشوك" التي استخدمت في تسميم سكريبال إلى المحققين الروس كي تتمكن السلطات الروسية من تحديد أصلها.


وقال كوربن "أعتقد أن روسيا يجب أن تتحمل المسؤولية، ولكن يجب أن يكون هناك جواب حاسم حول الجهة التي أتى منها غاز الأعصاب. طلبت تسليم عينة إلى الروس كي نستطيع التقييم بناء على ذلك".


وتأتي هذه التصريحات من طرف كوربن بعدما اضطر، الأسبوع الماضي، للدفاع عن عدم إدانته للجانب الروسي في مقال نشره في صحيفة "الغارديان" المقربة من حزب "العمال".

وكان كوربن قد حذّر من أن تؤدي الاتهامات المتسرعة التي وجهتها الحكومة البريطانية ضد روسيا إلى حرب باردة جديدة، مذكراً بحرب العراق وضعف الأدلة التي دفعت بها إلى غزوه.

ويأتي ذلك رغم إقرار كوربن بأن "الأدلة تشير إلى تورط روسيا" إذ إن المادة يتم تصنيعها في روسيا.

في المقابل، هاجم جونسون، في مقال في صحيفة "التلغراف"، الجانب الروسي متهماً بوتين بمحاولة "إخفاء إبرة الحقيقة في كومة من قش الكذب". ووصف الهجوم على سكريبال بأنه "متعمد جداً".

وأضاف "إن الرسالة واضحة جداً: سنصطادكم أينما كنتم، سنجدكم وسنقتلكم – ورغم أننا سننفي ذنبنا بوقاحة، سيعلم العالم أن روسيا هي من قامت بالأمر". في إشارة إلى معارضي بوتين المقيمين في بريطانيا.



استمرار التحقيقات


أمّا فيما يتعلق بالتحقيقات الجنائية، فقد ذكر مقر جهاز الشرطة البريطانية(سكوتلاند يارد) أن التحقيقات تنصب الآن على تحركات يوليا سكريبال وأبيها سيرغي.

وقال مساعد مفوض الشرطة، نيل باسو، إنّ التحقيقات لا تزال جارية بعد أسبوعين من وقوع الهجوم، مذكراً بأن الأمر قد يستغرق أسابيع أو أشهرا. وقال لـ"البي بي سي"، إنّ "التركيز حالياً ينصب على متابعة سيارة سيرغي، والتي يعتقد أنه تم التلاعب بها". وأغلقت الشرطة الطرقات في قرية دورينغتون، بالقرب من ستونهينغ، شمال سالزبيري، إذ صادرت سيارة لصديقة يوليا كانت استخدمتها لنقلها من مطار هيثرو بعد عودتها من موسكو يوم السبت 3 مارس/آذار، وقبل 24 ساعة من نقلها مع أبيها إلى المستشفى.


وتأتي هذه التطورات في وقت يصل فيه خبراء من منظمة حظر الأسلحة الكيماوية إلى بريطانيا لبدء تحقيق مستقل في الهجوم. وكانت الشرطة البريطانية قد أغلقت حتى الآن 20 منطقة واشتبهت بتعرض 130 شخص للمادة السامة.

وفي تطور قد يكون ذا صلة، قالت الشرطة البريطانية إنّ نيكولاي غلوشكوف، المعارض الروسي الذي وجد ميتاً في شقته في لندن بعد أسبوع من الاعتداء على سكريبال، مات نتيجة ضغط على عنقه، وولا توجد علامات على اقتحام لمنزله، مما يدل على أنه تعرف على قاتله وأدخله إلى المنزل. ولا تزال شرطة العاصمة لندن تتجنب ربط الحادثتين.


المساهمون