لغز اختفاء الأمير تركي بن عبدالله في السعودية

17 مارس 2018
الأمير تركي اختفى لأشهر (ديميتري اسطاخوف/ فرانس برس)
+ الخط -

على الرغم من انتهاء حملة الاعتقالات التي شنتها السلطات السعودية ضد كبار الأمراء ورجال الأسرة الحاكمة ورجال الأعمال مطلع شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بتهم تتعلق بالفساد المالي والإداري، بعد إعلان التوصل لاتفاقيات تسوية معهم أدت إلى الإفراج عن أكثر من 200 أمير ورجل أعمال دفعوا أكثر من 106 مليارات دولار، لا يزال لغز اختفاء أمير الرياض الأسبق ونجل العاهل السعودي الراحل، الأمير تركي بن عبد الله آل سعود، يثير قلقاً متواصلاً في أوساط الأسرة الحاكمة السعودية.


وزاد المخاوف حديث الصحف الغربية، وعلى رأسها "نيويورك تايمز"، عن وفاة مساعده وذراعه الأيمن ومدير مكتبه، اللواء علي القحطاني، في فندق "ريتز كارلتون" أواخر شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي بسبب التعذيب المتواصل، برغم الإفراج عن أخوة الأمير المعتقلين، وعلى رأسهم الأمير متعب وزير الحرس الوطني السابق، والذي يمثل الخطر الأكبر على ولي العهد محمد بن سلمان كونه يعد المرشح الأوحد لمنافسته على كرسي الحكم بسبب سيطرته على وزارة الحرس الوطني التي تضم عشرات الآلاف من المقاتلين القبليين الموالين لوالده.

وولد الأمير تركي عام 1972 في مدينة الرياض ودرس في مدارسها، قبل أن يلتحق بالقوات الجوية السعودية طياراً عسكرياً، حيث تدرج في المناصب بفضل وجود والده القوي في جهاز الحرس الوطني، ليصبح عقيداً، قبل أن يعينه والده أميراً لمنطقة الرياض، عاصمة البلاد، حيث أشرف على عدد من المشاريع التطويرية والاقتصادية فيها.

ووجهت السلطات السعودية تهماً للأمير تركي تتعلق بالفساد المالي والإداري في مشروع مترو الرياض الذي أشرف عليه إبان فترة توليه إمارة الرياض، لكن السبب الفعلي لاحتجاز الأمير تركي هو وجود أمواله في الخارج ورفضه التنازل عنها وعدم قدرة السلطات السعودية على الوصول إليها بعد.

كما أن التعذيب المتواصل للقحطاني، مدير مكتب الأمير تركي، برغم عدم امتلاكه أي ثروة مالية كان بسبب محاولة معرفة الأسرار المالية والتجارية لأبناء الملك عبد الله والتي تعتقد السلطات السعودية أن القحطاني يخفي جزءًا مهمًا منها.

ونقلت السلطات السعودية الأمير تركي إلى سجن الحاير قبل أن تنقله إلى مكان غير معلوم، يُرجح أنه أحد الأماكن التي يملكها جهاز أمن الدولة الذي يتبع بشكل مباشر لولي العهد والحاكم الفعلي للبلاد محمد بن سلمان، فيما دفن مساعده القحطاني وسط تكتم شديد من أهله وعائلته.
ويأمل بن سلمان بالسيطرة على ثروة أبناء الملك عبد الله كاملة، بحجة أنهم استولوا عليها بشكل غير مشروع، فيما يحاول أبناء الملك الذين يقبعون تحت الإقامة الجبرية في الرياض، حماية أموالهم والتوصل إلى تسوية تحفظ جزءًا من ثروتهم عبر الوسطاء الذين يحاولون إقناع ولي العهد بتخفيف الحدة تجاههم.

وقال مصدر من المعارضة السعودية يقيم في لندن لـ"العربي الجديد" إن "أبناء الملك عبد الله تعرضوا للإذلال عقب استدراج الأمير متعب الذي يمثل الواجهة السياسية والعسكرية لهم ومن ثم استدراج الأمراء تركي وفيصل وخالد وسجنهم وإجبارهم على توقيع تعهدات بالتسوية المالية مع السلطات بالإضافة إلى عزلهم عن مناصبهم".



وأضاف: "لكن عدم الإفراج عن الأمير تركي سببه أن بن سلمان يعتقد بأنه يملك حتى الآن معلومات لم يتم الإفشاء عنها حول حجم الرشاوى والعمولات التي تلقاها نظير عدد من المشاريع الكبرى إبان فترة حكم والده وأبرزها مشروع مترو الرياض، ويريد ولي العهد الحالي السيطرة على هذه الأموال لتجريد أمراء الأسرة الحاكمة من آخر سلاح يملكونه".