ويتولى ماثيو ويتكر منذ شهر منصب وزير العدل بالوكالة، في ما اعتبره البعض سعيًا لتقييد مهمة مولر. ووليام بار (68 سنة) يعرف روبرت مولر جيداً، وكان المسؤول عنه حين كان وزيراً للعدل من 1991 حتى 1993، وكان مولر يتولى آنذاك إدارة الشؤون الجنائية في الوزارة. وسبق لوليام بار أن أشاد بمولر في مايو/أيار حين كُلّف الأخير بملف التحقيق الروسي، وقال في مقابلة إنه "واثق" بأن المدعي الخاص "لن يترك التحقيق ينجرّ إلى حملة مطاردة بدون نهاية". لكنه عبر، بعد أشهر، عن أسفه لأن أعضاءً في فريق مولر قدّموا هبات لمرشحين ديمقراطيين. ويبدو أن ترامب بترشيحه بار لقيادة وزارة العدل يريد توجيه التحقيق في مسار آخر. وأوضحت "واشنطن بوست" أن بار قد لا يفكر بعزل مولر، وذلك على الرغم من أنه اعتبر سابقاً أن الدلائل في التحقيق بعلاقة حملة ترامب الانتخابية مع روسيا ليست قوية، أي أنه لا يعتقد أن التحقيقات مضمونة في المقام الأول، وهو اعتبر سابقاً أنها مدفوعة سياسياً.
وأفادت وسائل إعلام أميركية بأن بار انتقد بعض جوانب التحقيق في التدخل الروسي بالانتخابات. وأشارت صحيفة "واشنطن بوست" إلى تصريحات سابقة لبار تكشف أنه قلل من حدة اتهام ترامب بأنه يعرقل سير العدالة. وقال بار للصحيفة، في نوفمبر/تشرين الثاني العام 2017، إن هناك أساساً أقوى للتحقيق مع هيلاري كلينتون أكثر من التحقيق بتواطؤ مزعوم بين ترامب وروسيا. واعتبر أن وزارة العدل كانت مخطئة بتبرئة كلينتون. وقال "لا أعتقد أنه من الملائم الحديث عن رمي (كلينتون) في السجن أو القفز إلى استنتاج أنه يجب محاكمتها"، لكنه أضاف "أعتقد أن هناك أموراً كان يجب التحقيق فيها". وقال الخبير القانوني كيفن ماكليستر، في بيان، إن "بار أصدر حكماً مسبقاً على تحقيقات مولر، وأنه من الممكن استخدام وزارة العدل ضد خصوم ترامب السياسيين. على مجلس الشيوخ حماية تحقيق مولر، من أجل التأكد من أن بار سيتعهد بحماية مولر من أجل إنهاء تحقيقه". وبدأت تظهر مخاوف الديمقراطيين من تأثير بار على التحقيق، إذ أعلن السيناتور تشاك شومر أن على "بار التعهد، على الأقل، تحت القسم بأمرين: الأول تواصل تحقيق المحقق الخاص، وأن يتم تقديم التقرير النهائي إلى الكونغرس وكشفه للعلن بعد الانتهاء منه". ويعتبر بار، مثل ترامب، من المتشددين ضد الهجرة إلى أميركا.
إلى ذلك، كشف روبرت مولر، أنّ فريق الحملة الرئاسية لدونالد ترامب تلقى منذ العام 2015 عرضاً لتعاون "سياسي" مع موسكو. ووردت هذه المعلومات في مجموعة وثائق قدمها المدعي الخاص والقضاء في نيويورك تمهيداً لإصدار حكم على المحامي السابق للرئيس، مايكل كوهين، الأربعاء المقبل. وكوهين اعترف بأنه كذب على الكونغرس بشأن اتصالاته مع روسيا خلال الحملة، وخالف قواعد تمويل الانتخابات. وأشار المدعون في نيويورك إلى مسؤولية شخصية ممكنة للرئيس الأميركي في إطار دفع مبالغ لامرأتين من أجل شراء صمتهما وتجنب فضيحة جنسية. لكن ترامب والبيت الأبيض نفيا بسرعة هذه المعلومات الجديدة. وكتب ترامب، في تغريدة، أن "الرئيس بريء تماما، شكرا". من جهتها، أكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض، سارة ساندرز، أن الوثائق الجديدة لا تتضمن "شيئاً مهماً غير معروف" في ملف كوهين.
وفي مذكرته التي تقع في سبع صفحات، يقول مولر إن كوهين اعترف بأنه كان في نوفمبر/تشرين الثاني العام 2015، أي قبل ثمانية أشهر من انتخاب ترامب مرشحاً للحزب الجمهوري للاقتراع الرئاسي، على اتصال مع روسي أكد أنه "رجل ثقة" لدى الحكومة. ويبدو أن هذا الروسي اقترح على كوهين تنظيم لقاء بين ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيكون له على قوله "تأثير هائل"، سواء على الصعيد السياسي أو على مشروع عقاري كان ترامب يفكر فيه في تلك الفترة ويتلخص بتشييد مبنى يحمل اسم "برج ترامب" في موسكو. لكن كوهين أكد أنه لم يتجاوب مع هذا الاقتراح، بحسب مذكرة مولر. وتكشف هذه المعلومات مدى تعاون كوهين، الذي قال مرة إنه مستعد للموت من أجل ترامب، مع مكتب المدعي الخاص. ورأى مولر أن كوهين بذل "جهوداً كبيرة" لتصحيح تصريحات كاذبة أدلى بها في الكونغرس حول اتصالاته مع موسكو بشأن مشاريع عقارية لترامب. وقال مولر إن مايكل كوهين التقى سبع مرات رجال مولر "لفترات طويلة في أغلب الأحيان" و"تعهد مواصلة تقديم المعلومات الحقيقية والصحيحة" في إطار التحقيق الروسي. وقال مولر إن المناقشات بشأن المشروع المحتمل في موسكو مرتبطة بالتحقيق لأنها جرت "في وقت بذلت فيه الحكومة الروسية جهودا متواصلة للتدخل في الانتخابات الرئاسية الأميركية".
كما أورد مولر بالتفصيل كل الأكاذيب التي يتهم بها المدير السابق لحملة الرئيس الانتخابية، بول مانافورت الذي وعد أيضاً بالتعاون مع المدعي الخاص وقد يصدر عليه حكم أقسى بالسجن. وقال مولر، في المذكرة القضائية، إن مانافورت كذب بشأن اتصالاته المستمرة مع مسؤولي الإدارة الأميركية بعد توقيعه اتفاق الإقرار بالذنب، وكذب أيضاً بشأن سداده لدين مالي وبشأن اجراء تعاملات مع كونستانتين كيليمنيك وهو شريك عمل قديم لمانافورت يشتبه المسؤولون الأميركيون بأنه عميل استخبارات روسي. وأضافت المذكرة أن "المتهم نكث باتفاق إقراره بالذنب بطرق عدة، عبر الكذب على مكتب التحقيق الفدرالي ومكتب المحقق الخاص"، ما استدعى مكتب التحقيق لإلغاء اتفاق التعاون الذي أُبرم معه سابقاً. ودين مانافورت، المحامي الجمهوري المخضرم، بتهم متعلقة بالغالب بعمله مع سياسيين موالين لموسكو في أوكرانيا بين عامي 2004 و2014. لكن أيضاً تم التحقيق معه بتواطؤ محتمل بين الحملة الانتخابية لترامب وروسيا خلال الانتخابات الرئاسية. وبعد إدانته في 21 أغسطس/آب الماضي في فيرجينيا بمجموعة من التهم، وافق مانافورت على الإقرار بالذنب في مجموعة ثانية من التهم في 14 سبتمبر/أيلول الماضي. وقالت المذكرة "سرد مانافورت العديد من الأكاذيب التي يصعب تمييزها، وهذه لم تكن مجرد حالات نسيان متقطع".
إلى ذلك، أدلى المدير السابق لمكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آيه)، جيمس كومي، بشهادته أمام نواب أميركيين للمرة الأولى منذ عام في جلسة ركزت على قضية بريد المرشحة السابقة للرئاسة هيلاري كلينتون. وكان كومي طالب بأن تكون الجلسة علنية بعدما استدعاه الكونغرس المنتهية ولايته في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إلا أن نوابا جمهوريين، بينهم حلفاء لترامب، أصروا على أن تكون الجلسة مغلقة أمام لجنتي السلطة القضائية وهيئات الرقابة. وجرى استجواب كومي في إطار تحقيق يجريه مجلس النواب بشأن التدخل الروسي وملف البريد الإلكتروني الخاص بكلينتون التي خسرت انتخابات 2016 أمام ترامب. وبعد استجوابه لست ساعات، قال كومي "رسائل هيلاري كلينتون الإلكترونية، لا أعتقد أننا بحاجة للخوض في ذلك على الإطلاق".