العراق: سباق بين استكمال حكومة عبد المهدي وإقرار الموازنة

08 نوفمبر 2018
يشكو أهالي البصرة من الإهمال (حيدر محمد علي/فرانس برس)
+ الخط -
تستمر المفاوضات بين الكتل والقوى السياسية العراقية من أجل إيجاد تسوية تسمح بتقديم مرشحي الوزارات الثماني الشاغرة في حكومة عادل عبد المهدي في سلة واحدة خلال الجلسات المقبلة للبرلمان العراقي. ويأتي ذلك رغم أن أهمية الإسراع بتسمية الوزارات الشاغرة تلاشت بعد إصدار عبد المهدي قرارات تقضي بتسلمه وزارتي الداخلية والدفاع بالوكالة لحين تسمية وزراء جدد لهما، بينما أناط مسؤولية الوزارات الست المتبقية، وهي العدل والتخطيط والتربية والتعليم العالي والهجرة، لوزراء آخرين بحكومته يديرونها بالوكالة أيضاً.

وعلمت "العربي الجديد" من مسؤولين في كتل سياسية عدة أنه من المقرر أن يعقد صباح اليوم، الخميس، اجتماع جديد بين رئيس الوزراء وممثلين عن كتل وقوى سياسية شيعية، أملاً بالتوصل إلى اتفاق يسمح بطرح أسماء مرشحي الوزارات الثماني في جلسة للبرلمان تعقد بعد ظهر اليوم. وفي حال فشل عبد المهدي في ذلك، سيصار خلال جلسة اليوم إلى مناقشة الموازنة المالية للعام المقبل فضلاً عن كارثة نفوق الأسماك في جنوبي العراق.


ووفقاً لعضو بارز في تحالف سائرون، الذي يدعمه مقتدى الصدر، فإن الخلافات الحالية تتركز على هوية وزيري الدفاع والداخلية. ويرفض المعسكر الذي يضم كلاً من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، ورئيس الوزراء السابق، رئيس ائتلاف النصر حيدر العبادي، وزعيم "الائتلاف الوطني" إياد علاوي، ترشيح فالح الفياض لوزارة الداخلية.
في المقابل، يرفض المعسكر الآخر، والذي يضم رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي وزعيم كتلة الفتح هادي العامري، مرشح وزارة الدفاع فيصل فنر الجربا. كما يوجد رفض لتولي القيادي في الحزب الإسلامي (الجناح السياسي للإخوان المسلمين بالعراق) إياد السامرائي وزارة التخطيط، على اعتبار أنه قد جرّب سابقاً. كما يوجد اعتراض على ترشيح أسماء سالم الكلداني، وهي شقيقة زعيم مليشيا بابليون ريان الكلداني لوزارة العدل بسبب صغر سنها (30 عاماً)، وعدم الخبرة.
ووفقاً للمصدر الذي تحدث مع "العربي الجديد"، فإن عبد المهدي يرفض أن يقدم الوزارات المتبقية بشكل متفرق ويريد تقديمها في سلة واحدة، لذا في حال لم يتم التوصل لاتفاق ستتأجل فقرة استكمال الحكومة من اليوم، الخميس، إلى الأسبوع المقبل. وأوضح أنه قد يصار إلى تغيير بعض الأسماء التي تم ترشيحها بالسابق لشغل الوزارات الثماني الحالية تجاوباً مع اعتراضات الكتل السياسية، واعتبر أن تجاوز عقدة فالح الفياض في وزارة الداخلية يعني أن الحكومة ستكتمل. والأخير يصرّ على ترشحه للوزارة، بدعم من إيران وحزب الله والنظام السوري وكتل سياسية من بينها كتل الفتح بزعامة العامري ودولة القانون بزعامة المالكي.

في هذه الأثناء، من المتوقع أن تتم اليوم مناقشة الموازنة العامة لعام 2019 وسط اعتراضات من نواب المكونين السني والكردي. وأبدى أعضاء في البرلمان تحفظهم على الموازنة المقترحة، إذ إن مجموع موازنة محافظات الأنبار ونينوى وصلاح الدين التي تعرضت للدمار بشكل شبه كامل لا تصل إلى نصف ما تم تخصيصه لمحافظة بابل التي لم تتعرض لحرب أو عمليات عسكرية أو تهجير. كما أن نواب البصرة يعترضون على حصتهم من الموازنة. من جهتهم، يطالب الأكراد بإعادة حصتهم إلى 17 في المائة من مجموع موازنة العراق بدلاً من 12.9 في المائة التي ثبتتها موازنة العام المقبل.

في السياق، قالت النائبة عن تحالف "النصر" التابع لحيدر العبادي، ندى شاكر، إن "مناقشة الموازنة ومحتواها أهم بكثير من باقي القضايا، لأن موضوعها حيوي ويعد مصدراً لقوت الشعب العراقي". ووفقاً لشاكر، فإنه على الرغم من أن النقاشات في الجلسة السابقة حصلت لأكثر من أربع ساعات إلا أنها لم تكتمل لمعرفة الرأي الحكومي بها. وأضافت: ننتظر رأي الحكومة الجديدة، وإذا ما كانت ستعيد النظر بالموازنة وتأخذ بالاعتراضات البرلمانية أو بإمكاننا أن نجري بعض التعديلات عليها في البرلمان.
ولفتت شاكر، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، إلى أن "ملف نفوق الأسماك سيكون موضوعاً محورياً في جلسة اليوم. مع العلم أن العراق ينتظر حالياً عملية الفحص المختبري، إذ أرسلنا عينات من المياه الملوثة والأسماك الميتة بسبب الكارثة البيئية في وسط البلاد، إلى دولة غير العراق لمعرفة ما هي المادة التي أدت إلى وقوع الحادثة، ومعرفة النتيجة التي ستدلنا على الفاعلين، لا سيما أن الكائنات المائية في نهر الفرات كلها ماتت في محافظة بابل وليس الأسماك وحدها، في حين لم تنفق الأسماك في مناطق معينة من الفرات في بابل. ما يعني أن الأحواض التي لم تتأثر تابعة للجهات التي قتلت الأسماك الباقية، وهذا أمر خطير ويؤدي إلى وضع أكثر من علامة استفهام على الموضوع".
وعن الملاحظات على ميزانية البلاد الجديدة، قال عضو تحالف "سائرون" المدعوم من الصدر، رائد فهمي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن موازنة 2019 أعدّت في الأشهر الأخيرة من حكومة حيدر العبادي، وبالتالي فإن الحكومة الجديدة التي تحمل برامج جديدة لا بد أن تكون لها تعديلات على الموازنة، بالتزامن مع رغبة البرلمانيين في ذلك. وأشار إلى أن "عادل عبد المهدي يؤيد تشكيل لجنة مشتركة من الحكومة والبرلمان، لغرض إدخال التعديلات على الموازنة التي تتعرض لانتقادات كثيرة. وسيتم حسم ملف الموازنة خلال جلسة اليوم أو الأيام القليلة المقبلة، ليبقى أمام الحكومة استكمال الحكومة وإنهاء ملف الوزارات الشاغرة".
في غضون ذلك، هدد نواب محافظة البصرة، والتي سبق أن شهدت احتجاجات، رئاستي الحكومة والبرلمان بعدم التصويت على الموازنة في الجلسة السابقة، بسبب تهميش المدينة وإهمالها. وقال النائب عن المدينة، عدي عواد، إن "البصرة تعاني من الإهمال والتهميش، ولا توجد بوادر لحل أزمة مياه البصرة وتلوث الهواء والمجاري والملوحة واختلاط مياه الشرب بالصرف الصحي، الذي خلّف آثاراً صحية وأمراضاً أثرت كثيراً على صحة الأهالي". وأوضح عواد في حديث مع "العربي الجديد"، أن "الموازنة تحتوي على تعسف، وتسلب البصرة حقوقها المشروعة، وكأن البصرة تحتاج الأموال كشيء تكميلي وليس أساسياً".

وبخصوص المطالبات المتعلقة باختيار وزير من البصرة ضمن تشكيلة الحكومة الجديدة، أشار عوّاد إلى أن "عبد المهدي أبعد الشخصيات الكفوءة من البصرة عن تشكيلته الوزارية، التي قدمت نفسها للترشيح للوزارات الشاغرة". ولفت إلى أن "أهالي البصرة يطالبون عبد المهدي باختيار وزير من البصرة يعطي رسائل اطمئنان واهتمام لحل أزمات المحافظة، ونطالب كنواب بأن تكون وزارتا النفط والنقل هي من حصة البصرة، كون النسبة الأعظم من نفط العراق من البصرة، بالإضافة إلى أهميتها في احتواء الموانئ والمنافذ الحدودية مع الكويت وإيران". وحذر من أنه "إذا أهمل عبد المهدي البصرة أكثر من الوضع الحالي، فإن أهالي المدينة سيثورون وسندعمهم في ثورتهم"، خصوصاً أن "الأهالي قد أعطوا الحكومة السابقة برئاسة حيدر العبادي مهلة طويلة من الوقت لتنفيذ مطالبهم، المتعلقة بالخدمات وتحسين الواقع المعيشي".

المساهمون